اربع سنوات على الغياب سلمان ناطور حكاية فلسطينية لا ولن تنتهي
تاريخ النشر: 21/02/20 | 11:334 سنوات مضت على رحيل وغياب الصديق الكاتب والأديب والمثقف الفلسطيني الألمعي سلمان ناطور، أحد أبرز القامات الأدبية الفلسطينية، الذي ودع الدنيا بعد عطاء متشعب متنوع وزاخر في حقول الثقافة الفلسطينية والعربية، حارسًا ومؤرخًا للرواية والذاكرة الفلسطينية الحية.
سلمان ناطور من مواليد العام 1949 في بلدة دالية الكرمل، قضاء حيفا، التي قال عنها : ” قريتي هي وطني الصغير، وانا مثل كل الناس لحمل هذا الوطن اينما ذهبت، أحمله ذاكرة وذكريات وروائح طيبة وحكايات ووجودها لا تغيب عني وحبًّا وغضبًا وحزنًا وفرحًا “.
أنهى ناطور دراسته الثانوية في بلدته الدالية، ثم التحق بجامعتي القدس وحيفا وتال الشهادة الاكاديمية بموضوع الفلسفة العامة، بعدها اشتغل في الصحافة محررًا لملحق صحيفة الاتحاد الثقافي، وسكرتير تحرير مجلة الجديد الفكرية المحتجبة، ومحررًا لمجلة قضايا اسرائيلية الصادرة عن المركز الفلسطيني للدراسات الاسرائيلية في رام اللـه، ومنسقًا لشبكة التاريخ الشفهي الفلسطيني في مناطق الـ 48.
وأشغل رئيس لجنة التضامن مع الجولان، وتولى ادارة معهد اميل توما للدراسات الفلسطينية – الاسرائيلية في حيفا، ورئيسًا لمركز اعلام للمجتمع الفلسطيني في اسرائيل، ورئيس جمعية تطوير الموسيقى العربية، وأول رئيس لاتحاد الكتاب العرب في اسرائيل.
تمتع سلمان ناطور بثقافة ايديولوجية وتنويرية وتراثية، وفكر فلسفي عميق، ووعي سياسي ثاقب، وعرف بطروحاته الثقافية من طراز مختلف، وبسبب كتاباته ومواقفه ونشاطه الحزبي والسياسي ومواقفه الوطنية الجذرية تعرض للملاحقات السلطوية، وخضع للإقامة الجبرية في بيته.
نشر سلمان ناطور المئات من المقالات عن الأدب والفكر والثقافة الفلسطينية والعربية، وكتب في مجالات عديدة، في الكتابة التسجيلية، والكتابة الساخرة، والمسرح، والنقد، والمقالة السياسية، والفكر الفلسفي الايديولوجي، والترجمة.
وكان قد بدأ مشواره مع الشعر، الذي ظل له حنين جارف في نفسه، ورأى فيه اجمل ما في الأدب، وكان يتمنى ان ينهي ويختم حياته بالعودة إلى رحابه، لكن الموت تربص له دون ان يتحقق هذا الحلم.
عالج ناطور الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي بوضوح ومصداقية، وكان قلمه حادًا كالسيف، وعمل على تسجيل وتوثيق التاريخ الشفهي الفلسطيني، وإماطة اللثام عن تفاصيل الجرائم والمجازر الدموية التي ارتكبتها الحركة الصهيونية بحق شعبنا الفلسطيني.
صدر له أكثر من ثلاثين مؤلفًا منها: ما وراء الكلمات، أنت القاتل يا شيخ، خمارة البلد، ساعة واحدة وألف معسكر، ستون عامًا في رحلة الصحراء، ذاكرة، سفر على سفر، انتظار “، بالإضافة لرواية ” هي وانا والخريف ” الصادرة العام 2011.
سلمان ناطور كاتب فلسفي وتسجيلي ومثقف نقدي من طلائع مثقفي هذه البلاد الذين نعتز بهم، وأحد حراس الذاكرة الفلسطينية ، وأعلام المشهد الثقافي والأدبي الفلسطيني، الذي رفده بكتاباته الجميلة الرائعة، وبقلمه الأنيق، ومن أهم المشاركين والمساهمين في المؤسسات الثقافية في الداخل ومن مؤسسيها والمشجعين لها، إنه حكاية فلسطينية لا ولن تنتهي، ارتحل عن الدنيا وترك وراءه ارثًا ثقافيًا غزيرًا يشكل مرجعًا وسلاحًا بأيدي الاجيال القادمة ولكل الباحثين عن المعرفة والثقافة.
بقلم : شاكر فريد حسن