مراجعة لكتاب ” عندما تشرق الشمس ” للدكتور محمد حبيب اللـه
تاريخ النشر: 03/03/20 | 8:33بقلم : شاكر فريد حسن
أهداني الدكتور محمد حبيب اللـه مشكورًا، كتابه الأخير ” عندما تشرق الشمس ” الصادر عن دار ” الاماني ” للنشر والتوزيع في عرعرة – المثلث. وجاء الكتاب في 220 صفحة من الحجم الكبير، ويضم مقالات في الفكر والتربية والمجتمع.
وعن سبب التسمية يقول حبيب اللـه في الاستهلال :” اخترت لهذا الكتاب اسم ” عندما تشرق الشمس “وهو عنوان المقال الأول في هذا الكتاب، مقال يصف نهج حياتي اليومي بعد أن خرجت للتقاعد، فأنا اخرج كل صباح لرياضة المشي مع شلةٍ من الاصدقاء في موقعين شرقي الناصرة ونتسيرت عيليت يُدعيان جَبَلا ” صرطبة والحمرة ” او ما يسمى أيضًا موقع ” تشرشل “، حيث نستقبل صباح كل يوم شروق الشمس وبداية نهار جديدة “.
ويهدي حبيب اللـه كتابه إلى ” روح والده ووالدته اللذين وبفضل دعائهما ورضاهما وصل إلى ما وصل اليه، وإلى ولديه الغاليين رامي وأمير. فقد كانا بمثابة يده اليمنى في حفظ المقالات وترتيبها وايصالها للصحف والمجلات ومن ثم اعدادها من اجل نشرها في هذا الكتاب وفي الكتب الأخرى اللاحقة “.
وقدم للكتاب الأستاذ مفيد صيداوي، رئيس مجلة الاصلاح الثقافية التربوية، ومما جاء في تقديمه : ” د. محمد حبيب اللـه في هذه المقالات يكتب للمثقف العادي، وليس للجامعي الذي يبحث عن مصدر كل كلمة، بل يكتب بمنهجية المربي القادر على ان يقدم لطلابه، لأهله أطباقا ثقافية شهية، فيها جمال لغوي، وغور في تاريخ التربية العربية والعالمي، وتراثنا الشعبي، ليصل بسهولة إلى ذهن القارئ “.
أما الكاتب الصحافي محمود أبو رجب رئيس تحرير صحيفة ” الأخبار ” فيقول في التظهير للكاتب والكتاب على الصفحة الأخيرة : ” الدكتور محمد حبيب اللـه غنيّ عن التّعريف، لكن ربّما لا يعرف الكثيرون انه إنسان لطيف، ودود ومتواضع لا يدّعي الشّموخ والتّفوق والعظمة إنما هو مجتهد مثابر جدًّا، يوصل كلمته بمنتهى البساطة، وأحيانًا بمنتهى السّذاجة فلا فرق عنده بين كبير وصغير، ولا بين رئيس ومرؤوس، ولا بين متخصّص وهاو. الجميع عنده سواء. وهذا باعتقادي سرّ شعبيّته، وسر وجود منتقدين له وطاعنين، هو لا يدّعي الفرادة والألمعيّة، فكما اسلفت متواضع، عاشق للثّقافة والمعرفة واللّغة، فتراه يبتهج بكلّ ما هو جميل، ويطرب لكل فكرة أو خاطرة طيّبة، ويضحك من قراقيح قلبه لكلّ ملحة، أو طرفة أو نادرة “.
ويُصنّف كتاب الدكتور محمد حبيب اللـه في خانة أدب المقالة، وفيه مقالات متنوعة الألوان والأصناف، في الأدب والثّقافة والسياسة والاجتماع والتربية والتعليم. ونجده يتناول الكثير من المواضيع والقضايا، ويستفيض في طرح وإبداء موقفه ورأيه ووجهة نظره إزاء مسائل اجتماعية وسياسية وتربوية وثقافية متعددة النواحي والرؤى والأبعاد. فيعالج العنف المستشري في مجتمعنا، ويقدم اقتراحات وحلول لمعالجة هذه الظاهرة السلبية الخطيرة المدمرة. ويتحدث عن التعددية والشراكة وقبول الآخر، ولغة الاشارة، ولغة العيون، ولغة الجسد، وثقافة الابتسامة والإطراء واللاعنف والصمت، وثقافة الحوار والتسامح، التي يريد لها أن تنتشر وتعم حياتنا.
ويتركز في تراثنا الحضاري، ويؤكد على أهمية تسمية شوارعنا ومدارسنا بأسماء أدبية وتاريخية ومعاصرة، وتخليد من يستحق التخليد ومن يستحق التكريم، أمثال : ابن خلدون وأبو العلاء المعري وابن رشد والمتنبي وعبد الناصر واحمد شوقي وراشد حسين ومحمود درويش وعز الدين القسام وسواهم. ويرى ” أن القيام بهذه التسميات من شأنه أن يجذر انتماءنا ويقوي هويتنا الحضارية كشعب له ماضٍ طويل وحضارة وتاريخ عريق ساهم في بناء الصرح الحضاري العالمي على اختلاف مناحيه في الفلك والهندسة والجبر والرياضيات والطب والكيمياء “.
وفي الشؤون التربوية يكتب د. محمد حبيب اللـه عن كيف تحولت المدرسة إلى مكان للهرب منه، وكيف تتحول المدارس لمدارس بدون معلمين، وبدون آباء، منوهًا إلى أنه لا تواصل بين المدرسة والمعلم وبين الأهل.
ومن جعبة الذكريات، وتحت عنوان ” اخدمني وانا سيدك “، يتطرق لسياسة العصا والجزرة، التي اتبعتها وما زالت السلطة الحاكمة حيال الاقلية العربية الفلسطينية، ويشير إلى ما حصل في اوائل السبعينيات مع لجنة اللغة العربية التي اقامتها الوزارة من اجل رفع منهاج معدل.
ويعالج حبيب اللـه دور القيادة السياسية للعرب في مواجهة قانون القومية العنصري، ويكتب عن اللغة العربية في ظل قانون القومية، وعن التعليم العالي وعرب الداخل. ويتساءل : لماذا لم تقم جامعة عربية في الناصرة، ويحدثنا كيف أصبح عاشقًا للغة العربية.
ويسلط الضوء على سقراط اليوناني وكيف صار فيلسوفًا، وعلى عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين والقومية العربية، وفاروق شوشة صاحب ” لغتنا الجميلة “، والصوت الإذاعي الرخيم الذي كنا نطرب لدى سماعه وهو يتغنى بها، فتدخل قلوبنا وأفئدتنا بدون استئذان. ويستعرض بعض المحطات الهامة في حياة الشاعر الفلسطيني ابراهيم طوقان من خلال كتاب ” أخي ابراهيم ” من تأليف أخته الشاعرة الراحلة فدوى طوقان.
أما لغة الكتاب فهي أقرب ما تكون إلى لغة الصحافة، اللغة الشعبية البسيطة السهلة الممتنعة الواضحة، بلا تعقيدات ولا فذلكات كلامية.
والمأخذ على الكتاب أن مؤلفه الدكتور محمد حبيب اللـه عاشق لغة الضاد، ولكن الكثير من الكلمات ينقصها علامات التشكيل والترقيم، وخصوصًا الهمزة.
واخيرًا يمكن القول أن كتاب ” عندما تشرق الشمس ” للدكتور محمد حبيب اللـه يعكس روح وثقافة وفكر أديب يتمتع بوعي ثقافي وسياسي وتراثي، وإنسان يتصف بالقيم والأخلاق، فله مني أصدق التحيات، واطيب التمنيات بالحياة المديدة العريضة، والمزيد من العطاء في مجالات الأدب المختلفة.