” إنّما النّساء شقائق الرجال “
تاريخ النشر: 08/03/20 | 9:59مبارك ولدت لنا أجمل عروسة …….
ما شاء الله كبرت وصارت أحلى عروس …………..
تكبر الفتاة وتكبر معها هذه الكلمات فمتى سيأتي الوقت المناسب لتصبح عروسًا كما يرتئي لها مجتمعها الرؤوف بحالها !! منذ نعومة أظفارها فتتردد تلك الكلمات على مسامعها لتنمو معها وتكبر وتترعرع كما تنمو أعضاؤها فهي فكرة بدأت وما زالت مستمرة لتحتلّ عقلها لتفرض وتشيع ايمانا محتما دون أن تدرك وتعي أعقاب ذلك ونتائجه فالمجتمع له قوانينه ودستوره الذي يفرضه على أفراده دون استشارة أو استئذان فهذا قانون يسري على الجميع دون حق اعتراض ولا بدّ لكلّ فرد مخلص لمجتمعه وتقاليده أن يحذو حذوه ولا يشذّ عن الطريق المعهود ، فتلك فكرة سنت فأصبحت تقليدًا تبناه من تبناه من أولئك الذين أقنعوا أنفسهم بل أوهموها بأنّ المرأة قد خلقت فقط لتكون عروسا مكانها البيت ومصيرها معروف لا حاجة لتفكير فيه أو دراسة احتمالات ، وهو واحد ووحيد لا ثاني له : بيت ، زوج وأولاد وليس هذا فحسب ، فلا بدّ لها أن تحمل أعباء مجتمع كامل بكامل عيوبه وسلبياته وتكون قادرة على استيعاب آلاف العقول والتيارات التي تطيح بها الى حيث تشاء لتزجّ بها إلى بوتقة العادات والتقاليد ..” فهي لا تستطيع أن تكون قائدة في مؤسسة …وغير صالحة لخوض تجارب اقتصادية أو مجالات علميّة لكونها عاطفية لا تحتكم إلى عقلها . فهذا ما ورد في دستور مجتمعها من تنقيص لمدى أفقها وحطّ من قدرها منذ سنين طوال و حتى هذه اللحظة لم يطرأ عليه أيّ تغيير بل أضيفت اليه نقاط وبنود زادت من تعنته وجبروته فقد جعلت المرأة عدوة لنفسها بل محاربة قوية لكل حلم أو هدف يخطر في بال قريناتها فكم من فتاة رسمت لنفسها لوحة جميلة مشرقة عمتها النجاحات والبطولات وزينتها أجمل الضحكات والبسمات لتأتي امرأة أخرى صديقة لها أو قريبة فتصبّ دلاء ألوان قاتمة على لوحتها البريئة فلا تعود البسمات واضحة ولا تلك الأهداف والبطولات مرئية بل تغدو لوحتها لوحة مشوشة لا تعبّر الاّ عن ضياع وتوهان ، مشتتة للأفكار موحلة للخواطر ولا يكون لتلك الفتاة الا تغيير وجهتها التي رسمتها بريشتها لنفسها وذاتها لترضخ في نهاية المطاف الى أهواء مجتمعها الذي بات أنانيا لا يهمه سوى ارضاء غرور تقاليده وترهات عاداته ( مصير البنت لبيتها واولادها يا بنيتي ……. ) قالتها عمتها لتزيدها قناعة بأنّ كلّ أمر آخر تكرس له وقتها لا قيمة له ولن يعوّضها عن البيت والزوج والأولاد .. ..
فتأتي النساء فرحات ناشدات يصدحن بالزغاريد والأهازيج الشعبية ، يغنين ويرقصن بأجمل المناسبات ” سترة احدى البنات ” فكما قالت تلك الجارة : ” والله الزواج سترة للبنت ما في كلام …
جعلوها ناقصة للسترة التي لا يمكن أن تتصف بها الا اذا نسبت الى رجل وتزوجت ، مهما كانت مكانة ذلك الرجل وما يهم بالموضوع هو رجولته التي تكفي بمجرد النظر اليه فلا يأبهوا بدين أو خلق أو حسن سلوك وهنا أقصد المجتمع كحاكم يتبع دستورا لم يتغير منذ عهود، بالرغم من تغير كل شيء حولنا … حتى البشر أنفسهم قد تغيروا ولكنّ ظلم واستبداد تلك الآراء المتحجرة حفرت في الصخر كلماتها فاضحت معلما من معالمنا لا يمكننا الاستغناء عنه ، فالفتاة في نظر مجتمعنا غير قادرة على الريادة والعمل المتواصل في المؤسسات فهي ضعيفة البنية لا تستطيع تحمل مشاق الحياة ومصاعبها .
وهنا يكمن في وجه التناقض العظيم غير المفهوم عندما يفرض مجتمعنا على ذات الفتاة ان تتحمل أعباء بيتها من أعمال منزلية شاقّة في منزلها كما ويفرض عليها أن تكون ابنة بارة للعائلة الموسعة التي تنتمي اليها من قريبات ونسيبات وجارات …. والبر هنا يكتمل بالعمل المنزلي الشاق والزيارات الاعتيادية المتواصلة والمشاركة الاجتماعية من مجاملات واجتماعات في الأفراح والتعازي وغيرها من قوانين لا جدال فيها فرضها مجتمع اقر في اخر حكم له أنها من وظائف ومسؤوليات المرأة بدون أن يخيرها بشيء فهي ” الضعيفة ” .
ويا ويل لهذه المسكينة اذا قصرت في مهمة قد القاها مجتمعها عليها فألسنة اولئك النساء لن ترحمها في جلسات المسامرة خاصتهن ، أما اذا اختارت أن لا تلتزم بدستور مجتمع أدركت بعقلها الواعي و اللا واعي أنه ظالم لا يناسب هذا الزمان الذي غزته العولمة في كل شيء فيا ويل لها ايضا لانها تجاوزت حدودها وتعدت المسموح وتجرات أن تسير في مسار مغاير ، وحيدة بدون داعم لها أو مشجع بل ملؤه العقبات والعوائق التي لا تعدّ ولا تحصى ولكنّ اصرارها وحده على التقدم والمضي قدما هو وحده كفيل بأن يوصلها إلى برّ الأمان ، شاطىء النجاح والتميز حيث ارتأت منذ كانت طفلة أن تكون قبل أن تغزو عقلها أفكار مجتمعها العقيمة فقد حان الوقت لتلك الأفكار والعادات السلبية أن تغادرنا بدون رجعة فديننا الحنيف قد أنصف المرأة وكرمها وجعل لها حرية الاختيار في مشوار حياتها مع التزام الكتاب والسنة في مسيرتها .
انها حرّة في اختيار مهنتها المستقبلية كما الرجل ، وهي حرّة بالتعبير عن آرائها كما الرجل أيضا فلها شخصيتها وكينونتها الخاصة … لها اسمها الذي ليس من العيب ان تنادى به ولها مستقبلها الذي يحق ان تخطه بريشتها فتكتب ما شاءت في سطوره دون اجبار من أحد او جبروت أوسلطة . وخير مثال على ذلك قدوتنا ورسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حيث أوصى و قال : ” انّما النساء شقائق الرجال ما أكرمهنّ الاّ كريم ، وما أهانهنّ إلاّ لئيم ”
بحكم الله ودينه كرمت المرأة وقدرت ، وبعادات مجتمعنا وتقاليده السلبية قيدت أفكارها وأحبطت فارتقوا بعاداتنا وتقاليدنا الحميدة لنرقى بمجتمع أفضل وغيروا سطور الاستبداد والتعنت إلى سطور تبني مجتمعا عادلا سويا بنسائه ورجاله.
بقلم : حنين أمارة