محمد أبو السعود الأسدي في ذكرى وفاته
تاريخ النشر: 26/03/20 | 12:02كتب : شاكر فريد حسن
صادفت قبل أيام ذكرى وفاة الشاعر الشعبي محمد أبو السعود الأسدي، أحد أبرز فرسان الزجل والحداء والغناء الشعبي في هذه الديار.
وأبو السعود من مواليد دير الأسد في الجليل، بلد الشعر والأدب والفن والغناء، توفي في الثاني والعشرين من آذار العام 1992. ومن المفارقات أن يموت في التاريخ نفسه من العام 1987 زميله الشاعر والزجال الشعبي أبو الأمين الريناوي.
كان أبو السعود يقرأ الكتب وخاصة الشعر، وفي رمضان كان يختم القرآن الكريم ويجوده، وكانت لديه مكتبة عامرة بالكتب القيمة النادرة، وأنشأ اولاده على حب شعر المتنبي، وزرع الاحترام الكبير لأبي العلاء المعري، وشكل مرجعًا لهم ومعجمًا لمفردات القرآن، حيث كان يعرف ويعلم كل آية في أيّ سورة.
وعرف أبو السعود الأسدي السجن، واودع سجن عتليت في العام 1948، فكان شاعر الأسر ومؤذنه وإمامه، واعفي من الخروج إلى العمل مع الأسرى نهارًا لكي يؤذن ويقيم الصلاة للأسرى العاجزين عن العمل، وكان هو وشقيقه قاسم ( أبو غازي ) يتحاوران بالزجل غناءً للأسرى ليلًا لتخفيف المعاناة داخل الأسر.
صال وجال وطاف أبو السعود في كل قرانا ومدننا العربية، من الشمال حتى الجنوب، شاديًا وحاديًا في الاعراس والأفراح. واشتهر بالمحاورات الزجلية حول السيف والقلم، المال والعلم، الليل والنهار، والكثير الكثير من الموضوعات.
وشارك في الكثير من المحاورات مع ابرز الشعراء الشعبيين كالحطيني والريناوية ومع أخيه قاسم، وكانت له صولات وجولات في قهوة الدلالين بمدينة الأسوار عكا.
وتميز أبو السعود بصوته الرخيم العذب، وصدح بالأشعار والأزجال الشعبية والردّات الجميلة، التي تناولت مختلف القضايا الوطنية والاجتماعية والإنسانية، وحملت هموم الناس وتراث الآباء والأجداد.
ومن الاغاني الشعبية من نوع ” المعنى “، التي صاغها وأنشدها أبو السعود قصيدته ” ربي ما بخلق مثل قريتنا “، وهي تعتبر من القصائد الصادقة في لغتنا العامية المحكية، ويدل مضمونها على حب وتمسك الإنسان الفلسطيني بأرضه ووطنه، معتزًا بكرمه وحياته البسيطة الهادئة الوادعة، فيقول :
ربي ما بخلق مثل قريتنا – بحبها ع شكل كعبتنا
وجبالها كلها ورود وزهور – بالآخرة بتكون جنتنا
عنا عوايد من قديم دهور – ومن الصعب تغيير عادتنا
يا ضيفنا طول الوقت مسرور -حنا نقدملوا كرامتنا
خُبزنا بيجينا عن التنور – وطحينا ملات كوارتنا
يا زيتنا شبه السمن بيفور – ونور يسطع من زتونتنا
دُخانا أطيب من البخور – والكيف بيجي من سكارتنا
فدانا يحرث بأرض البور -مثل التركتر حارث سكتنا
والخوخ والتفاح والزعرور – والميجنا بالفرح نغمتنا
من كفر قاسم لقرى الشاغور – شرابنا من بز عنزتنا
ستاتنا ما بتركبش حنطور – يا هودج الستات ناقتنا
عند الضحى تبقى سرب لطيور – بتغسلوا عَ شط بركتنا
بفصل الربيع بنذبح القرقور – بلسم جروح القلب كبتنا
فنجان قهوة ع َ الضيوف يدور – بتعقد على الفنجان قهوتنا
بطيخنا قمة جبل حزور -بتنعش الامه زراعتنا
كرومنا ما بتحتجش ناطور- أكبر دلالة عا أمانتنا
مهما حكينا ذنبنا مغفور – حُب الوطن داعِ من الايمان
ربي ما بخلِق مثل قريتنا
واخيرًا، سيبقى أبو السعود الأسدي متربعًا على عرش مملكة الشعر الغنائي المحكي من خلال أشعاره وقصائده المتنوعة الأغراض والألوان، المتناثرة بين الأوراق المطوية، التي تحتاج إلى من يطلقها ويبعثها في كتاب يكون مرجعًا للقراء.
ولروحه وردة وسلام .