أنتِ كورونا
تاريخ النشر: 30/03/20 | 8:22قصّة للأطفال بقلم : زهير دعيم
وصفّقَ شادي ؛ الطِّفل الجميل أبن السّنوات السّبع ، صفّق بفرحٍ حين انتهى من بناء الهرم من الكؤوس البلاستيكيّة الفارغة ، وأخذ ينادي :
– ماما ماما.. لقد انتهيتُ ، تعالي وانظري ما احلاه.
وأخذ يغنّي :
هرمي هرمي ما احلاه
هرمي هرمي ما أعلاه
أحمر أزرق أخضر
تسلم إيد إلّي سوّاه
ولم ينتبهِ المِسكينُ الى اخته ناي ذات العيْنيْنِ الزرقاويْنِ و ابنة السنوات الأربع ، وهي ترفعُ طابتَها المُلوّنة الصغيرةَ وتضرب بها من بعيد الهرم ، فيسقط حالًا ويتهدّم.
فيخبط شادي الارضَ بقدميْه الصغيرتيْن غضبًا ، ويلحق بها وهو يصرخُ بوجهِها : كورونا … أنتِ كورونا !!!
وتهرب ناي الى حضن امّها في المطبخ ، فيلحق بها هناك شاكيًا يريد ان يعاقبها : لقد هدمْتِ الهرمَ الذي تعبْتُ في بنائهِ ، ثمَّ يصرخ في وجهها : كورونا … كورونا.
وتضحكُ الأمُّ ضحكةً خفيفة وهي تمسح دموعَ شادي وتقول :
لا عليْكَ يا صغيري ، لا عليْكَ… سأتركُ كلَّ شيء وأبني معك ومع اختك ناي الجميلة الهرم ثانيةً.
– لا اريدُ ناي … لا اريد كورونا أنْ تشاركَني !!
– لا . لا… اختك ليست كورونا يا غالي، اختك طيّبة وجميلة وتحبّك جدًّا.
لكنّك أنت رفضتَ أن تشارككَ في بناء الهرم.
وتضحك الأم برعشة حين تسمع كلمة كورونا ، هذا الوبأ اللعين الذي ينتشر بسرعة البرق، ويُرهبُ العالم ، فيجبرهم ويجبر اطفالَ الكونِ كلِّه أن يبقوا في المنازل .
تُمسك الأمَ بيدي ابنيْها الصغيريْنِ وتدخل معهما الى غرفتهما وهي تقول :
سنبني الهرم بشكل أجمل وبألوان متعدّدة ، وأعدكما ان نجحنا بذلك فسأتواصل هاتفيًّا مع والدكما كي يُحضرَ وهو عائد من الحانوت لكلِّ واحد منكما هديةً جميلةً .
وبدأ الثلاثة بالعمل.. كأس تضعها الأم ، وكأس من يد شادي ، وأخرى من يد ناي المسرورة .
وقارَبَ الهرم على الانتهاء ، فلم يبقَ إلّا كأس واحدة اختلف الطّفلان في مَن يضعها في رأس الهرم .
وأصرّ شادي قائلًا : أنا من سيضعها ، أنا الأحقّ بذلك حيث سأعوّض عن هرمي السابق الذي هدمته كورو ناي !!! ويروح يضحك من كلمة كوروناي، وتبتسم الأم من سرعة خاطره فهو تلميذ لامع يبزّ طلّاب صفّه، في حين ترسم ناي ” كَشرة” صغيرة على مُحيّاها.
وأختار شادي كوبًا ليلكيًّا وهمّ بوضعه ، ولكن ولسوء الحظّ فقد ارتجفت يده قليلًا فلمست من حيث لا يريد كؤوس الهرم ، فسقط الهرم حالا وتبعثرت الاكواب وسط دهشة الجميع .
نظرت ناي الى شادي بحزن ممزوج بغضبٍ وصرخت في وجهه : كورونا … أنتَ كورونا.
ضحكت الام وأسرعت واحتضنت شادي وضمته الى صدرها بحنان والدموع تسيل على وجنتيْه ، ثمّ ضمـت ناي أيضًا وأشارت بسَبابتها نحو الهرم المتهدّم ضاحكة وقائلة: كورونا … كورونا، فشاركها الطفلان والضحكات تملأ البيت.
على دلعونا وعلى دلعونا
يا ربّ احمينا من هالكورونا
ازرع العالم فرح ومحبة
واجعل ربوعه أحلى مَ يكونا
بدأت الامّ تجمعُ مع ولديْها الكؤوس المبعثرة هي تضحك قائلة:
الهدايا في الطريق إليكما يا احبّائي، الهدايا في الطريق..