عطا الله شاهين: كورونا يُعيدنا في الزمن لأيام الانتفاضة الأولى/ صراخُ الموت بصمتٍ هوجائي
تاريخ النشر: 05/04/20 | 8:01كورونا يُعيدنا في الزمن لأيام الانتفاضة الأولى
عطا الله شاهين
كما نرى فإن الصورة في الأراضي الفلسطينية في هذه الأيام تشبه الى حد كبير ايام الانتفاضة الأولى، في ظل ما نراه من عدم تحرك المواطنين من قراهم ومدنهم، والتزامهم بالبقاء في بيوتهم بسبب اجتياح كورونا، فمنع الحركة بين المدن والقرى تضبطه الحواجز الفلسطينية المنصوبة على مداخل المدن، فالجنود الفلسطينيون على تلك الحواجز يوقفون السيارات الفلسطينية كاجراء من شأنه أن يضبط الداخلين والخارجين من المدن، أو الخارجين من القرى صوب المدن، أو الخارجين من المدن صوب القرى، فالداخلين الى المدن لديهم تصاريح كسيارات تجارية أو هناك من يدخل للضرورة القصوى، لكن في ظل مناشدة المواطنين بالبقاء في منازلهم، إلا ان الكثير من المواطنين غير منضبطين، رغم أنه في الانتفاضة الأولى في أيام الإضرابات كان الناس ملتزمين أكثر.
فكل مساء نرى منعا للتجول في القرى، وتقوم لجان الطوارئ في تلك القرى بنصب حواجز لمنع التحرك تشبه الصورة أيام الانتفاضة الأولى، حينما كان المطاردون يمنعون تحرك السيارات، لكن المواطنين كانوا يتحركون في الانتفاضة الأولى في القرى والمدن، رغم الإضرابات؛ التي كان الإلتزام بها حديديا، ولكن بما أننا عرضة لفيروس كورونا، فمنع الحركة هنا، وفي هذه الأيام مختلف عن أيام الانتفاضة الأولى، رغم وجه الشبه في كلا الحالتين، فالصورة مختلفة، لكنها متشابهة في توقف الحركة، ففي ساعات المساء نرى لجان طوارئ القرى ينصبون حواجزا لضبط الحركة، او منعها كإجراء لأهميته في عدم تفشي المرض من خلال نقله إلى مناطق أخرى، وفي المساء الصورة مشابهة فلجان طوارئ القرى تغلق الطرقات بالحواجز، وتمنع الحركة، فإذا عدنا في الزمن لأيام الانتفاضة الأولى، فنرى بأن الناس كانوا أكثر انضباطا، لكن الصورة الآن، وما نراه اليوم من جائحة كورونا، التي ما زالت تشل الحياة تبدو مختلفة عن أيام الانتفاضة الاولى، فكورونا كما نرى يذكّرنا بأيام الانتفاضة الأولى وأجوائها .
—————————–
صراخُ الموت بصمتٍ هوجائي
عطا الله شاهين
لم أتخيّل الموت في صعوده نحو الصمت الهوجائي، في عالم بات على حافة الهلاك،
من فيروس صغير ركّع العالم بوحشيته، التي تشبه جحيما مشتعلا بنار زرقاء لهبها يلسع حد الموت من حرارته..
أبكي من صراخ الموتُ لأناس صامتين من الألم، وصمتهم يشبه لوحة هوجائية بصمتها الصارخ،
لا يمكن أن اتخيّل وحشية الموت، الذي يهلك أناسا ركّعهم فيروس صغير ما زال طليقا على كوكب جعل العالم
يجنّ منه، ومن وحشية قوته، التي تذبح عالما بات ينهار منه يوما بعد يوم، هكذا أرى الصورة، التي تبث كل يوم على
شاشات الفضائيات عن فيروس يميت بشرا يحبون الحياة، فهم يرون بأن الفيروس أخذهم مبكرا إلى الموت، الذي يصرخ بصمت
فصراخ الموت يخيٍّل لي بأنني اسمعه في عقلي الخائف من الموت بكل صمت، فالمشهد أمامي يصرخ بصمت لأناس ذاهبين نحو الموت دون ضجيج، ودون وداع من أحبائهم.
الجثث تصرخ موتا بكل هدوء .. ترحل عن كوكب ما زال يعج بالحياة، رغم ما يصيبه من أوبئة
.
اشعر كأنني أهرب من الموت، الذي ما زلت امنعه من القدوم صوبي بانعزالي الطوعي الانضباطي في منزلي
لقهر فيروس ما زال يفتك بالبشر .. فالصراخ الذي اسمعه من الموت بصمت يشبه لوحة هوجائية صامتة،
لكنها تقاوم محوها من عناصر المناخ بتحمل تعرضها لحرارة أنفس الناظرين إليهاا باندهاش غريب..
إنها صورة من مشاهدتي اليومية لأخبار تسرد عن موت أناس يذبحهم فيروس صامت يقتل بصمت، رغم صراخ المتألمين منه..