كيف أحرق عمرو بن العاص طاعون “عمواس”؟
تاريخ النشر: 14/04/20 | 7:35يعتبر طاعون “عمواس” من أشهر الأوبئة التي ضربت الدولة الإسلامية في عصرها الأول وحصدت أرواح العديد من الصحابة والتابعين، والطواعين هي نوع من الأوبئة تماثل ما يشهده العالم اليوم من انتشار فيروسات وبائية مثل أنفلونزا الطيور ثم الخنازير وسارس وأخيرًا وباء “كورونا” الذي ظهر في الصين مؤخرًا وانتشر بعدها في عدة بلدان أوروبية.قصة طاعون عمواس الذي تعرضت له الدولة الإسلامية في بدايتها وكيفية تعامل الخلفاء الراشدين والصحابة معها.
روى البخاري في صحيحه حادث وقوع طاعون “عمواس” الشهير ببلاد الشام وتعامل خليفة المسلمين، عمر بن الخطاب رضي الله عنه، معه حينها، فكان رضي الله عنه سائرًا مع أصحابه في الطريق إلى الشام حين ألتقى بأبو عبيدة الجراح ليخبره أن الوباء قد حل بالشام..فعن ابن عباس أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام، حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد: أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام ، قال ابن عباس: فقال عمر: ادع لي المهاجرين فدعاهم، فاستشارهم، وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام، فاختلفوا عليه، فقال بعضهم: قد خرجت لأمر، ولا نرى أن ترجع عنه، وقال بعضهم: معك بقية الناس، وأصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء، فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادع لي الأنصار، فدعوتهم، فاستشارهم، فسلكوا سبيل المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم، فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادع لي من كان ههنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح، فدعوتهم له، فلم يختلف عليه منهم رجلان، فقالوا: نرى أن ترجع بالناس، ولا تقدمهم على هذا الوباء.
فنادى عمر في الناس: إني مصبح على ظهر فأصبحوا (عليه)، فقال أبو عبيدة: فرارا من قدر الله فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نعم، نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كانت لك إبل، فهبطت (بها) واديا له عدوتان، إحداهما خصبة والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله، قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف، وكان غائبا في بعض حاجاته، فقال: إن عندي من هذا علما، سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: “إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا فرارا منه، فحمد الله عمر ثم انصرف”.
استشهد في طاعون عمواس كثير من الصحابة أبرزهم أبو عبيدة بن الجراح الذي كان واليًا على الشام حينها، وكان عبيدة قد خطب في الناس عندما اشتد عليهم الوباء قائلًا: يا أيها الناس إن هذا الوجع رحمة ربكم ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، وإن أبا عبيدة يسأل الله تعالى أن يقسم له من هذا الطاعون حظه”. وخلفه في ولاية الشام معاذ بن جبل، الذي أودى الطاعون بحياته أيضًا وقال حين ظهرت عليه أعراضه حيث ظهرت في راحة يده، فنظر إليها وقبل ظاهر كفه وقال: “ما أحب أن لي بما فيك شيئًا من الدنيا”.
أما الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه، حين خلف معاذ بن جبل في ولاية الشام خطب في الناس طالبًا منهم أن يشعلوا النار ويختبئوا منه في الجبال بأراض مرتفعة بحيث يبعدهم عن الهواء الملوث في المناطق المنخفضة، وهكذا رفع الطاعون عن أهل الشام، وكان ذلك اجتهادًا موفقًا من ابن العاص مخالفًا فيه هدي سابقيه.