أنا والكورونا ومكتبتي
تاريخ النشر: 20/04/20 | 8:31أن جائحة/ مصيبة فيروس الكورونا، لم تغير من علاقتي بمكتبتي الخاصة شيئا.
فيوميا بعد الفطور وتناول الدواء، ومع الساعة العاشرة تقريبا صباحا، أدخل غرف مكتبتي الواقعة في الطبقة الأولى من داري، وأبقى حتى تناديني زوجتي لتناول طعام الغداء، وبعد ذلك أعود الى المكتبة، وابقى فيها حتى الثامنة فأصعد لمشاهدة الأخبار والاستراحة وتناول العشاء والدواء،
ومع العاشرة تقريبا أعود الى صومعتي/ المكتبة (والكتاب خير الأصحاب)، وأبقى حتى ساعات الفجر (الثالثة أو الرابعة)، أصعد الى النوم. وهكذا دواليك، ولا أشعر بالملل أبدا.. (ومع ذلك فأنا لا أقصر أبدا، في القيام بواجباتي الاجتماعية ولا في نشاطي الأدبي
(خارج مكتبتي) من مشاركتي الأمسيات الأدبية حضورا أو محاضرا… أو مشاركتي في جلسات اللجان التي أنتمي إليها. ..
فالحمد لله لا أعرف أن ألعب بورق الشّدة للتسلية ولا أتابع المسلسلات التلفزيونية التركية الطافحة بالخيانات الزوجية، ولا العربية الطافحة بالكذب، ولا بالفضائيات العربية في في نظري فضائحيات عربية تهدف الى تشويه الذات.
وجاءت الكورونا فقلبت الأمور رأسا على عقب، وأقامت الدنيا ولم تقعدها ولا يبدو أنها ستقعدها قريبا، وكل ما فعلته بي أنها زادت من ساعات بقائي في المكتبة وحرمتني كغيري، من الواجبات الاجتماعية والأدبية خارج بيتي.
** استثمرت هذا البقاء الاعتيادي والاضطراري، فكثفت من قراءاتي وشددت الهمة في تأليف بعض الكتب التوثيقية المعجمية عن الأدب المحلي، وكتب أخرى.
ولا أنسى أني أخصص وقتا ما لترتيب المكتبة (أكثر من 10000 كتابا) من تصنيف الكتب بحسب مواضيعها، والمجلات بحسب أسمائها، ووقت الترتيب هذا من أجمل الأوقات، فهو رائع وماتع ونافع. تمسك الكتاب تتصفحه وتقرأ الفهرس وتنثال المعرفة استحضارا بالتداعي.
ومن متعة عملي في المكتبة، عندما أقوم بفرز مئات الأوراق بين التي أريد أن أبقيها والتي لم تعد ضرورية أبدا، واتخلص منها بالخرنقة أو بالحرق.
* في السنوات التي عملت فيها كاتبا في لجنة المناهح أو محاضرا للمعلمين في الاستكمالات، كنت ألخص لهم نشرات نظرية من الكتب بكل مواضيع محاضراتي وكان أكثرها يتعلق بعلم المناهج واساليب التدريس وفهم المقروء وإعداد الامتحات وغيرها، ناهيك عن فروع اللغة العربية وآدابها… و…
وأعتز كثيرا لأنني ما زلت أسمع صدى محاضراتي الايجابي جدا جدا، حتى يومي هذا.. لم أكن أحب التعليم، ولكنني كنت أعشقه وأقدسه، وكنت أشتري ما أصله من كتب تتعلق بمجال التعليم وأقرأ وألخص للآخرين.. وكم أشعر براحة الضمير والثمن المعنوي الذي أتقاضاه من الآخرين من طلابي في المدرسة أو طلابي الملاء في الاستكمالات…
*** ولكن وللأسف الشديد، بعد خروجي الى التقاعد توقعت أن استمر في العطاء المهني ميدانيا ونظريا (نعم بالعطاء المهني) تمّ استبعادي، ولا أعرف لماذا، وان عرفت مؤخرا بعض الماذا…
( ويتساءل الكثيرون عن أسباب الضعف في التعليم العربي، وأنا منهم).
محمد علي سعيد