خواطر وابداعات بقلم عطا الله شاهين
تاريخ النشر: 30/04/20 | 3:02نورسٌ جائعٌ يحلمُ بسمكةٍ تائهة..
عطا الله شاهين
يحلّق فوق الشاطئ علّه يجد سمكة تائهة ليسد بها جوعه
فمنذ زمن بلا طعام حتى ريشه بات يسقط
جسده نحل وبات غير قادر على الطيران
ها هو ينتظر غيمة لا لشيء، فقط للتلفع بها في مساء يسحره غروب الشمس
فلا سمك يصل إلى الشاطئ منذ زمن
وكأن كورونا يخيفه؛ ولهذا تختبئ الأسماك تحت الماء البارد
لا شيء على الشاطئ سوى امرأة مستلقية شبه عارية وحاملة كتابا بين يديها
سيظل متلفعا في هذه الغيمة ليبرّد جسده من حرّ الجوّ
الغيمة تسير وتبتعد عن الشاطئ ولم تخرج سمكة واحدة لتسد جوعه
لا يرى سوى المرأة تطوي كتابها وتهم بارتداء بنطالها الضيق
جسده التصق أكثر بغيمة المساء
وكأنه تخيّل التصاقه بالمرأة التي على الشاطئ
سيعود في مساء آخر علّه يجد سمكة تائهة ليلتهمها
ففي هذا المساء سينام بلا طعام
سيحلم بالمرأة التي للتو تهم بمغادرة الشاطئ
علها تنسيه جوعه،
لكن هل ستأتي هذه المرأة في مساء الغد لتسد جوعه بالنظر إلى جسدها الساحر
فعلى الأقل سدت هذه المرأة جوعه قليلا
فهو نورس لا يحب سوى السمك
فهل ستتوه غدا سمكة على الشاطئ ليلتهمها؟
ها هو متلفع بغيمة ويحلم بسمكة تائهة لتسد جوعه اللانهائي..
____________________
خلف النّافذةِ لا أثر للحياة
عطا الله شاهين
لا أرى أي شيءٍ عاديّ يحدث خلف النافذة؛
وكأنّ الحياة تقوقعت في عزلة أبدية..
شوارع المدينة تصمت، وفراغ ينام عليها بثقله السمج..
خلف النافذة لا أصوات للباعة؛ فلعلّهم يريدون لأصواتهم ان تستريح من صراخهم اليومي على خضارهم ..
الشارع المحاذي لنافذتي صامت، وخالٍ من أي أثرٍ للحياة،
وكأن الشارعَ ابتلع الأطفال وصراخهم فجأة..
أنظر خلف النافذة لأرى أي شيء غريب؛ لكن الحياة أراها تموت رويدا رويدا من صمت الشوارع،
فلا سيارات خلف النافذة تسير على الشوارع، ولا أي أحدٍ ينتظر الحافلات تحت المظلة الزجاجية..
فخلف النافذة لا أثر للحياة؛
فلا أعتقد بأنني أهذي من حرارة الحجرة، وأرى عكس ما أراه خلف النافذة..
فأين اختفى الجميع؟
سمعتُ عن فيروس أرعب العالم واختبأ الناس منه؛
لكنني أنا منعزل منذ سرمد هنا، ولم يتغير علي شيء سوى التّغيير، الذي أراه تغير خلف النافذة فجأة..
فلم تعد الأصوات خلف النافذة تزعجني،
لكن أين الحياة؟ فلا أثر لها..
فهل سيموت الفيروس فجأة لأرى الحياة تعود خلف النافذة؟.
_____________________
هل نحن في هذا الزمن ضحايا أبوكاليبسيس؟
عطا الله شاهين
لا يمكننا في هذا الزمن المخيف من وباء عالمي بطله فيروس صغير أربك العالم في قوته من خلال عبوره إلى كل الدول وفتك بمواطنيها الا أن نتخيل الموت من كورونا، فكل يوم ونحن نراقب ما يبث من أخبار عن عدد الموتى والإصابات بفيروس كورونا، منذ أن بدأ هذا العدو الخفي بقتل البشر فإننا نصعق من عدد الموتى من هذه الجائحة، التي لا يلوح في الأفق أية دلائل على قرب نهايتها، وما يحزننا هو عدم تمكن العِلم من القضاء عليه حتى اليوم، رغم كل التجارب، التي ما زالت تجرى في محاولة لصنع دواء يوقف هذا الوحش الشرس، لكن كما نسمع من أخبار حول محاولات صنع دواء الا انه لا يوجد أية تأكيدات عن توصل علماء الأحياء لنتيجة مرضية لكنهم ما زالو يخوضون تجاربا لصنع الدواء لهذا القاتل الصمت باسرع وقت.
فانا كغيري من المواطنين الملتزمين في بيتي منذ ٥٠ يوما، ولكن الهلع من كورونا يطاردني كغيري من الهلعين من هذا العدو الخفي، رغم أنني لم أخرج من عزلتي منذ اعلان حالة الطوارى الا نادرا لاسباب قاهرة، وأحيانا في عزلتي أفكر هل أنا رقم محتمل للموت من كورونا، كالناس الذين فتك بهم كورونا، فالموت المكثف، الذي نراه عند متابعتنا للأخبار يجعل المرء خائفا لدرجة أنه يظل يردد هل أنا الرقم التالي للموت، كأرقام الموتى، الذين زاد عددهم عن مئات الآلاف من مواطني دول العالم
فكما نرى فإن العولمة بدت هشة، أمام هذا الفيروس الصغير، الذي تمكن من هزم البشر، فلا يمكن للعِلم أن يظل عاجزا في هذا الزمن الأبوكاليبسي، في زمن الموت من عدو خفي ما زال يهلك الناس ويرسلهم للموت
لا أبالغ حين أقول بيني وبين ذاتي هل أنا رقم محتمل للموت؛ رغم انعزالي في بيتي منذ زمن؟ هل هذا الزمن الابوكاليبسي الذي نحن ضحايا سنكون من فتك هذا الفيروس، فالموت الذي نراه يحصد البشر في دول عدة لهو موت مخيف للغاية
___________________
أسهرُ حزينا
عطا الله شاهين
ها أنا أسهر مع حُزْني مُستلقياً على أريكتي
أنظر للعتمةِ من نافذتي، التي بلا ستائرٍ منذ زمن
وكأسُ نسكافيه
وسجائر لفّ رخيصة وأوراق بيضاء على الطاولة
منتظرة قلمي ليحفرها بكلماتٍ
وأفكارٌ تراودني
فأرى فيها هالته
تكوّنه عتمةُ الحارةِ المعتمة
ما زلتُ أنظر إلى القمرِ
ما زال القمرُ ساطعا
جيّدٌ لن أواجه وجهه
فأنا لا أودّ الولوجَ
في تأمّلاتٍ أخرى حزينة