الجريمة والعقاب
تاريخ النشر: 04/05/20 | 11:43هادي زاهر
كانت الحكومة قد خلصت في احدى جلستها الأسبوعية إلى نتيجة مفادها أن على الجيش أن يضرب العدو كل 12 عامًا للقضاء على الشباب، الجيل المرشح للمقاومة، فصدرت الأوامر إلى القيادة العسكرية، إلا ان الأخيرة اعلمت القيادة السياسية بان الأسباب غير متوفرة حاليا خاصة وأنها تعلم بضعف جنودها على الأرض ولكن القيادة السياسية طلبت فبركة أسباب تُظهر امام العالم الذي عادة ما يتبنى تبريراتها بانها تدافع عن نفسها، وهنا قررت القيادة العسكرية تكلفة عدد من جنودها بالقصف على مزارعها لتزعم بانها تعاني من عدوان مستمر.
اجتمع وزير الحرب مع جنرالاته وقال بحدة :
-اريد ان أرى مدارس تنسف على التلاميذ ومساجد تهدم على رؤوس المصلين، واجسادا تتطاير في الهواء.. وأضاف وهو يصر على اسنانه.. أريد ان تخترقّ صواريخنا الملاجئ، على سلاح الطيران ان يقصف برًا وجوًا وبحرًا.. عليكم ان تقصفوا بلا رحمة، دون الاخذ بالحسبان أي عامل.
صمت لحظة قصيرة وأضاف”
-والمسالمون اولًا.
*أحد الطيارين قال:
دعنا من قصف الملاجئ لان وسائل الاعلام لا تفتأ عن اتهامنا بالوحشية.
وقال أحد الجنرالات:
# نقول أخطأ الطيار.
رد وزير الحرب في توبيخ لم يخلُ من حدة:
-الامور المتعلقة بوسائل الاعلام ليست من صلاحيتكم، نحن نريد ان يُقتل عدد كبير من الشباب والأطفال لعدة أسباب، أولها لأن الشباب هم المرشحين للمقاومة، اما بالنسبة لقتل الأطفال فان ذلك يؤدي إلى انهيار معنويات ذويهم.
وما ان بدأت الحرب حتى اخذت دول العالم تجد المبررات وتطلق التصريحات التي مفادها بان الحكومة الحالية التي تحكم ارض كنعان تدافع عن نفسها.
وتحمست “الحاضنات الممتزجة” ومن لف لفها على مناصرة العدوان.
كان اسحاق، إسماعيل، وبطرس ينظرون من الذُرْوَة إلى كوكب الأرض مشمئزين من شراسة العدوان ومن الحروب التي تشنها الدول على بعضها البعض ومن الرذائل التي يرتكبها أصحاب النفوذ مستغلين الدين في سبيل إشباع شهواتهم المخْزية.
قال إسحاق بحدة:
علينا أن نبتهل الى الخالق عز وجل كي يوقف البشرية عند حدها، فقد استفحلت ومن الضروري أن تكون هناك خطوات حادة تحد من جرائم الإنسان، ومن اطماعه وعدوانه واستباحة قتل الأبرياء وخاصة أن هناك من يستغل مركزه ويرتكب الفاحشات على أنواعها، وعلى سبيل المثال هناك زعيمًا دينيًا، يدعى غوئيل راتسون متزوج من 32 امرأة، ومنهم بناته، هذا بالإضافة إلى أن السياسيين يعملون بعكس التعاليم الدينية التي تمنعهم من إقامة دولة، وهم لا يتورعون عن ارتكاب أي خطيئة بحق كل من يعترض طريقهم.
ثم يتوجه إلى إسماعيل ويضيف بصوتٍ عالٍ:
هل رأيت كيف يضربون على مزارعهم كي يمارسوا عدوانهم، انهم يتحرشون بالمسلمين ويعتدون على مسرى الرسول (ص) وعلى مقدسات المسلمين، فقد قاموا بالاستئثار بالحرم الإبراهيمي بعد ان قتلوا 29 مصليًا وهم يسجدون لرب العالمين، واليوم ينبشون تحت الأقصى مدعين أنه أقيم على أنقاض الهيكل، هذا علمًا بأنهم يدركون بأن لا أساس لهذا الافتراء من الصحة.
ووافق بطرس على أقوال اسحاق وأضاف: وهو يرفع بقبضة يده:
في جميع الأديان والملل والنحل هناك من يستغل الدين لمصالحه الشخصية بعيدًا عن روح الدين ومفاهيمه الأخلاقية والجمالية، يعملون على دغدغة العواطف لاستقطاب الناس الذين يصدقون نفاقهم وقد استغلت القوى الحاكمة ارض كنعان التي تستمد قوتها من الدول الغربية واخذت تبطش بجيرانها بعد ان سلبتهم أراضيهم وطردتهم منها، من ناحية أخرى قام الراهب سلفاتوري كاتوسي بالاعتداء الجنسي على طفل، وقام قس سبعيني بشراء طفل معاق عقليًّا من رجلين يعملان في تجارة البشر واغتصبه بعنف، وعلى الصعيد آخر ها هي “الحاضنات الممتزجة” تحاصر الشعوب وتمنع عنها الغذاء والدواء، وهي لا تكتفي بذلك، لقد خربت مناخ الكرة واعتدت على كافة الشعوب وأبادت الملايين.
وقال إسماعيل وقد وثبت دموعه على وجنتيه:
ان المجرمين لا يكتفون بالقتل بالحرق والسلب وإنما يحاصرون السكان هناك، وتساعدهم على الحصار حكومة “المحروسة” وهناك دول تقوم بالتطبيع مع الغاصب، وقد قامت التنظيمات الإرهابية بأبشع الجرائم باسم الدين، سرقت.. حرقت.. ذبحت.. سبت النساء، والأطماع أعمت بصيرة الأمير الذي اشترى يختًا بمبلغ يستطيع بواسطته أن يقضي على المجاعة في بلده والبلاد المجاورة، وهو يبدع في أساليب الإجرام ولا بد أنكم علمتم كيف أمر بتقطيع المعارض وإذابة جسده حتى لا يبقى له أثر، وهو يقصف العُزّل في بلاد الفقراء ووصل به الطغيان إلى قصف مجالس العزاء، قتل في ضربة واحدة أكثر من 1100 معزٍ، وهو يقصف كل ما يدبّ على الأرض، وقد قصف مؤخرًا الخيول العربية، والداعية عبد العزيز الريس، أصدر فتوى يسمح للحاكم ان يزني ويشرب الخمر، ونجد أيضًا أن الشيخ إمام المسجد الحاج أسعد أقام مسجدًا على نفقته الشخصية للتغطية على الفحشاء التي يرتكبها، لقد اغتصب سمر وهي ابنة شقيقه، التي كانت قد ذهبت إلى المسجد كي توصل له طعام الغداء ثم ان “الولايات المتفككة” ما عاد يعنيها بيت المقدس، والحكام هناك يطبعون اليوم مراضاة لأبو كاروبين.
قال اسحاق: تعالوا لنطلب من الله وباءً يمنع الناس من التجمهر حتى في الكُنس والكنائس والمساجد وبيوت العزاء التي أصبح الكثير منها مصدرًا للرذيل، وعلينا ان نطلب من الباري ان ينزل اشد العقاب على “الحاضنات الممتزجة” التي تناصر الإرهاب باسم الديمقراطية ورئيسها “أبو الكاروبين” الذي يمنح ما ليس له لمن يريد.
ووافق بطرس على اقتراح إسحاق وأضاف:
نطلب من الخالق عز وجل أن يقوم بخطوة ما، يساوي فيها بين الغني والفقير، بين البشر جميعًا.
وأضاف اسماعيل:
يجب أن نطلب من الله أن يبدع طريقة تشل جميع مناحي الحياة من اجتماعية سياسية ودينية يتم من خلالها ابتعاد البشر عن بعضهم البعض لأن في تجمعهم الكثير من التملق لبعضهم البعض في العلن، في حين أنهم يتآمرون على بعضهم البعض في السر، يجب أن ينشغل فكرهم في حل مشاكلهم بدلًا من انشغالهم في العدوان وإنتاج أسلحة الدمار، فهنالك من يستغل الدين من الساسة لخلق الخلافات بين الأديان متناسين بان “الدين لله والوطن للجميع” وقد قال عزّ وجلّ في كتابه: ولقد خلقناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا.
وما إن فضّوا اجتماعهم حتى دبّ فيروس لا يُرى حتى بالمجهر في العالم قاطبة، فدبّ الرعب في أصحاب النفوس النرجسية التي تمرغت مدركة موقعها وحجمها الحقيقي، ضربت البشرية أخماسها بأسداسها، وسط اتهاماتها لبعضها البعض، وأمرت الحكومات بأن لا يتجمع الناس وأن لا يصلّوا في الكُنس والكنائس والمساجد، وأن لا تقام بيوت للعزاء.