*نعيد تدوير الحياة، ونشكل مستقبلنا!*
تاريخ النشر: 04/05/20 | 19:09كاتبة هذه السطور، سيدة تبلغ من العمر 52 عامًا، ام لأربعة أولاد أكبرهم يبلغ من العمر 28 عامًا وأصغرهم 25 عامًا، وأكثر من ذلك انا جدة فخورة لحفيدتين. انهيت تعليمي الثانوي في مدرسة الناصرة، كنت ارغب بإتمام تعليمي لكن الظروف حالت دون ذلك.
لاحقًا وكأي فتاة عربية تزوجت، وانشغلت بالمهام التي أوكلت لي، من تنظيف وترتيب وطبخ واهتمام بالعائلة واحتياجاتها. رغم كل ذلك حركني هاجس دائم على الإنتاج، كنت أعي أنّ بي قوة لكن لا أعرف ما هي.
بدأت هذه القوة بالخروج عندما قررت أنّ اشتري ماكينة خياطة، صغيرة وعملية، عليها بدأت تجاربي الأولية وتحوّلت سريعًا إلى “خياطة الحارة”، وتوسع عملي لتصلني النسوة بهدف تصليح فستان أو تقصير بنطال أو لربما لتصميم جديد، وهكذا طرقت عالم التصميم.
طرقت عالم التصميم من إمكانيات محدودة جدًا، بدأت البحث عن الأشياء التي لا احتاجها وقد ترمى بالقمامة، وأعدت تشكليها وتصميمها لتروق لي، ولتبقى تحفة فنية في بيتي.
هذه الأعمال طالت معظم حاجيات البيت، فكانت ضحايا تصميماتي مقلاة لطالما قليت البيض فيها، أو زهرية باتت قديمة وغير عصرية وما إلى ذلك، حتى تحولت مع مرور الوقت إلى “حلالة”- الأشياء القديمة في المنازل وطرقت بابي العديد من النساء اللاتي رغبن في الحفاظ على أشياء قديمة بطريقة فنية تجاري العصر.
في جيل 52 عامًا، وهو جيل لطالما يحكم على المرأة التزام البيت، وتكثر فيها الملاحظات والتوصيات بالتزام البيت، خاصة بعد أنّ توفي زوجي بعد صراع طويل مع المرض، وجدت نفسي أقدم محاضرات في المدارس العربية عن أهمية وكيفية التدوير، اندمجت مع المساعي العالمية في المحافظة على البيئة رغم أنني لم أعِ ذلك، وبالأساس لم أعرف كيف نحمي البيئة.
في جيل 52 ايضًا قررت التوجه إلى التعلم، نعم أنا جدة، تصل إلى كلية أورانيم لتعلم الفنون، بين طلبة أغلبهم بأعمار أقل من أعمار ابنائي، أجلس إلى مقاعد الدراسة وأنظر حولي للزملاء، وللصراحة، هنالك حالة انتصار تصيبني، لا أعرف لماذا، هل لأنني انتصرت على إحباطات المجتمع؟ ام أنني انتصرت على ذاتي؟!
نسائنا العربيات، يعانين من التمييز والتهميش، سواءً من المجتمع الإسرائيلي أو المجتمع العربيّ، التقاليد والعادات تفرض علينا كنساء، لا سيما من توفي زوجها، تكريس جل وقتها للتفكير في أمور المنزل- طبخة اليوم، الغسيل وما إلى ذلك، ننسى للحظة أنّ الحياة قصيرة ويجب أن تكون زاخرة بالإنجازات، واذا لم نصنع نحن الإنجاز فكيف نكون مثالا يحتذى به لسلفنا، هذا لا يعني أن المرأة تهمل منزلها، أنما على العكس تعمل على تشكيل مستقبل جيل قادم، من خلال تقديم أمثلة ناجحة له.
على الرغم من نشوة الانتصار إلا أنني أعترف أنها ناقصة، فكأي امرأة قررت أن تبدأ بمستقبل جديد أحتاج إلى آليات للنهوض بهذا المستقبل، آليات للنهوض بمصلحتي الجديدة. وفي هذا السياق عملت وأعمل على تعزيز قدراتي، على تنمية مهارات ابعد من التدوير والبناء، انما هنالك احتياج إلى معرفة عالم التسويق، فرغبتي أن يصل انتاجي إلى كل المنازل العربية، وأن تتحول زبائني من دير الأسد- مثلا وليس من الناصرة ومحيطها.
نحاول نحن النساء العربيات التغلب على واقعنا، وخلق واقع افضل ومنتج، إلا أنّ هذا يحتاج ايضًا إلى مساعدة حكومية، إلى زيادة عدد البرامج الداعمة للنساء، إلى زيادة عدد الهيات التي تمنح للنساء صاحبات المصالح، وإلى تشكيل صندوق حكومي خاص بدعمنا. ولا أقول أنّ هنالك غياب تام لمثل هذه الأطر، إلا أنّ الموجود على أرض الواقع يقدّم لك خدمات ليس كافية، فمثلا بدل التركيز على تعليمنا اللغة العبرية، التركيز على تعليمنا كيفية النهوض بمصلحة محلية محليّة وتحويلها إلى قطرية.
*بقلم: كوثر عز الدين، مشروع نكسر السقف الزجاجي معًا*