هموم مسرحية لينين الرملة – نضحك ولا نموت
تاريخ النشر: 04/05/20 | 19:02هموم مسرحية
لينين الرملة – نضحك ولا نموت
الاديب الساخر من الواقع الاجتماعي والسياسي
بقلم اديب جهشان
ولد لينين الرملي في القاهرة سنة 1945 من القرن الماضي وكان ان اسماه والده باسم لينين متأثرا بالزعيم السوفياتي الشهير. جاء لينين الى الحياة ليقدم اعمالا فنية وادبية ونقدا اجتماعيا وسياسيا بفائض من السخرية السوداء ,اضافة لانتاجات خلال سنين تميزت باثراء للمسرح المصري والعربي بكتابات مسرحية فياضة. منها : انت حر , الهمجي , تخاريف , وجهة نظر , زكي في الوزارة , سعدون المجنون , الاقنعه , الحادثة وغيرها من الاعمال الرائدة للمسرح والسينما المصرية, وقد شارك باعماله المسرحية والسينمائية كبار الممثلين, ناديا لطفي,محمد صبحي, فؤاد المهندس وآخرون من النجوم المصريين .وملخص حياة لينين الرملي كما جاء على لسانه : الحياة فرح والم .وقد نعى العالم لينين الرملي الكاتب المسرحي والسيناريست الكوميدي يوم 2020/2/7 راحلا عن العالم بعمر 74 عاما بعد صراع طويل مع المرض .
بداية عمله الفني كانت بمشاركة الفنان الكوميدي محمد صبحي في “ستوديو الممثل” اذ كونا معا ثنائيا فنيا انتج العديد من المسرحيات التي كتبها لينن الرملي .وقد كتب اضافة لذلك عشرات المسرحيات الكوميدية التي قدمها نجوم الفن مثل عادل امام , فؤاد المهندس ,سمير غانم وغيرهم .كل هذه الاعمال كانت انعكاسا لمقولته الشهيرة ” الحياة فرح وألم ” وقد عقب الكثيرون على هذه المقولة ولعل اشهر تعقيب كان ” اضحك لما تموت ” .
اعمال لينين بالتالي جمعت ما بين الكوميديا والتراجيديا , والمزج ما بين الكتابة الضاحكة والنقد والسخرية من الواقع الصعب والشخصيات المتعجرفة في المجتمع العربي . وقد اعتاد لينين على تحويل الهموم الى كوميديا مضحكة, والوجع الى ابتسامة تنتقد الواقع وتسخر منه وقد تجلى ذلك بشكل خاص في مسرحية “الحادثة ” كذلك تناول مواضيع الفساد في المؤسسات الحكومية والنفاق بين رجال السلطة بالاسلوب ذاته .
قبل ان اتعرف على لينين الرملي بشكل شخصي ,عرفته من خلال اعماله الفنية الملتزمة والانسانية , الضاحكة والباكية , الناقدة والساخرة . وهنا تعرفت على كاتب مسرحي بمستوى عالمي له من الانتاج الادبي ما يجعله بصفوف الادباء العالميين امثال تنسي ويليامز , ادوار ألبيي , آرثر ميلر وغيرهم من كتاب المسرح العالمي .
لقد شدني اسلوبه في طرح الحكاية الانسانية واوجاع الناس باسلوب الكوميديا السوداء الساخرة , ليتعامل مع شخصياته المسرحية كما انها حقيقية واقعية في وجودها الانساني والفكري . هذا الطرح ليس سهلا بتاتا اذ ان بناء الدراما عملية مهمة جدا ومعقدة فعلى الكاتب ان يفهم ويحبك العلاقة ما بين الشخصيات والتسلسل الدرامي دون المزايدة والعويل بل عليه ان يغور الى اعماق الشخصية المسرحية وخاصة النفسية في الاعمال المسرحية .
قبل ما يقارب العشر سنوات سافر ثلاثة اعضاء من مسرح السرايا في يافا الى القاهرة للقاء هذا الكاتب الكبير ولبحث امكانية التعاون على عرض مسرحياته على خشبة مسرح السرايا . لقد تعرفنا على انسان عظيم, مثقف , عالم باكمله من المعرفة بالنواحي السياسيه والادبية العربية والعالمية واهم من ذلك كله تعرفنا على تواضعه الملفت للنظرومحبته لوطنه مصر وشعب مصر وشعب فلسطين .
لقد دعانا في اول ليلة لمشاهدة مسرحية ” زكي في الوزارة ” على خشبة المسرح القومي .بطولة حسين فهمي ,هالة فاخر ,عمر الحريري وآخرون .هذه المسرحية اكدت على كل ما عرفته سابقا عن ادب لينين الرملي . بعد العرض قضينا وقتا ثمينا حتى ساعات متأخرة من تلك الليلة مع هذا الكاتب العظيم , تحدثنا خلالها عن هموم المسرح الفلسطيني واهمية تبادل الثقافات بين الشعوب العربية وفتح ابواب المسارح العربية امام المسرح الفلسطيني اضافة للفنون بشكل عام .وعن اهمية المسرح الجديد وتفاعله مع قضايا المجتمع وحصة لينين الكبيرة بذلك .
في اليوم التالي التقينا مرة اخرى ,وقدم لنا مجموعة من مسرحياته اهدانا اياها ,ومن ضمنها مسرحية “الحادثة” وقد قال لي ” تفضل هذه المسرحية ويسعدني ان تقوم باخراجها على خشبة مسرح السرايا في يافا “.وكان جوابي له :” ” هذا شرف عظيم لي وللمسرح والجمهور العربي في يافا وخارجها ” وافترقنا على امل اللقاء مستقبلا.
وقد علق الكاتب عصام بصيلة على المسرحية ايامها حين عرضت بمصر :
” انت متفرج اذن انت ناقد … اتوقع دائما من الكاتب لينين الرملي شططا او تخريفا او جنونا قد يعتبر البعض هذه الصفات عيوبا في الانسان … نعم قد تكون كذلك . ولكنها في الفنان ميزة عظمى والمقصود هنا الخيال البعيد الذي يتحول الى ابداع جديد يحيطه فكر مستنير , وهكذا كان لينين الرملي في الحادثة عندما شاهدت المسرحية …”
قبل عشر سنوات قمت باخراج مسرحية الحادثة والتي اعتبرها من اهم الاعمال المسرحية التي اخرجها مسرح السرايا طبعا بعد الاحتفاظ بحقوق الكاتب بناء على اتفاق رسمي عقد معه. في يافا الحادثة كانت وما تزال الوجه الجميل لما قدمه مسرح السرايا في تلك الفترة الذهبية عندما كنت المدير الفني لهذا المسرح الذي أسسته قبل ما يزيد عن عشرين عاما .
مسرحية الحادثة جعلتنا نضحك بشكل ساخر من الاستبداد والظلم واستغلال الانسان البسيط وخاصة النساء من السلطة المتمثلة بالبرجوازية الزائفة.
لقد كنت على حق
لأن الحياة ما هي
الا الم وفرح
شكرا لك لينين الرملي لانك جعلتنا نضحك ولكن لا نموت
اديب جهشان
آيار 2020 يافا