خواطر من قلب الكابوس
تاريخ النشر: 09/05/20 | 2:09كوبا – أميركا
كاسترو – ترامب
إنسان – شيطان
طبيب – مريض
بقلم: علي هيبي
لا أريد أن أتخصّص ونحن تحت شبح هذا الكابوس بالكتابة عن “ترامب” المريض والشيطان والذئب المتوحّش والثور الهائج، لأنّني لا أحبّ التخصّص، ولا أحبّ مهنة الطبّ – ولكنّني أحترمها وقد زاد احترامي لها في هذه الآونة، لأنّني أرى كلّ الكفاح الذي تكافحه الطواقم الطبيّة في المستشفيات أثناء هذه الأزمة، وخاصّة العاملين المكافحين العرب في مجالات العمل الطبّيّ المختلفة، وأحسّ من صميم القلب وفي كلّ لحظة بخطورة العمل الطبّيّ الآن، وأتحسّب تحسّب الأب الذي له ثلاثة أبناء من بين الأربعة يعملون في هذا المجال – قلت لا أحبّ مهنة الطبّ ولو كنت طبيبًا لكنت إنسانيًّا، فلا أتقن علاج الشياطين لأنّ طبّهم شيطانيّ مثلهم، ولن أكون بيطريًّا لأعالج المرضى من الوحوش والثيران والرؤساء.
لقد مللت الكتابة عن ترامب وكورونا معًا كاثنيْن من فصيلة الفيروسات الخطيرة، ولكنّك عندما يطالعك الواقع على شكل مقابلات صحفيّة موثوقة ومقالات تحليليّة وموضوعيّة ودراسات علميّة ولقاءات في الفضائيّات والجرائد الورقيّة والإلكترونيّة، وفي جميعها شبه إجماع على شيطانيّة الوحش، فأنّ قلمك لا بدّ من أن يقود خواطرك إلى أولئك الوحوش والشياطين الذين بقبحهم وشيطنتهم وحيوانيّتهم يريدون تشويه هذا العالم الجميل وتدنيس الإنسانيّة الطاهرة، إذ يصبح عليك من الواجب الإنسانيّ والأخلاقيّ أن تكشف للناس وجهيْ هذا العالم الجميل والقبيح: كوبا “كاسترو” الإنسان والطبيب وأميركا “ترامب” الشيطان والحيوان والمريض. لأنّنا بالتالي كبشر سويّ نعيش فوق سطح هذه الكرة الرائعة، علينا واجب إنقاذها من التشويه الوحشيّ ومن الدنس الشيطانيّ والحفاظ على جمال خَلقها ونقاء طبيعتها وعلى كرامة إنسانها وطهارة إنسانيّتها.
في الوقت الذي يكشف فيه الرئيس الشيطان والوحش عن إعداد خريطة طريق لإعادة فتح الاقتصاد الأميركيّ تدريجيًّا، غير آبه للحالة الأميركيّة الأكثر خطورة في العالم، إذ هي الدولة الأكثر تضرّرًا من وباء كورونا المستجدّ، وكلّ هذا الجشع يجعل الرئيس الشيطان والوحش تاجرًا يخاف على مصالح الشركات الكبرى لضمان أرباحها على حساب سلامة صحّة الناس ويجعله غير مكترث بمصيرهم المجهول، ولا على مجرّد أن يعيشوا وجوديًّا. يريد أن ينهي الحجر الصحّيّ رغم تحذيرات الجامعات والهيئات العلميّة والطبّيّة، مثل جامعة “جونز هوبكنز” التي تبيّن أنّه في الولايات المتّحدة الأميركيّة الرأسماليّة الغنيّة والمحاصِرة يموت يوميًّا أكثر من 2000 مواطن، وعدد الوفيات نتيجة للوباء فيها يقارب ال 50000 والوضع ينذر بشرّ وازدياد، ولا حاجة لي كبشر أن أظهر ألمي وحزني على الضحايا من المواطنين الأميركيّين أنفسهم، لأنّني أدرك أنّ معظمهم من “ثوبنا” ومن جماعة “مستورة والحمد لله”، فذلك مبدأ ثابت في طبعي وإنسانيّتي وأخلاقي وقيمي، وهؤلاء هم المواطنون الأميركيّون “الغلابى” الذين يرى فيهم الرئيس الشيطان والوحش عالة على المجتمع الأميركيّ، ومن الأفضل التخلّص منهم ومن الإنفاق المادّيّ عليهم، ونحن كبشر ووفقًا لإنسانيّتنا وقيمنا لا نأخذ الناس الأبرياء حتّى الأميركيّين منهم بجريرة الشياطين الآثمين من رؤسائهم.
في هذا الوقت ذاته ينتشر حوالي 28000 طبيب وعامل طبّي من دولة كوبا الاشتراكيّة الفقيرة والمحاصَرة، أرسلتهم كوبا الدولة الاشتراكيّة التي تؤمن بأنّ الاخوّة بين البشر والتضامن الأمميّ الإنسانيّ هما المبدآن الأساسيّان للوقوف والكفاح ضدّ هذا الوباء الشيطانيّ والوحشيّ، كالرئيس الشيطان والوحش لدولة الرأسماليّة التي تؤمن بالاستئثار والهيمنة على كلّ شيء. وفي الوقت الذي يهدّد الرئيس الشيطان والوحش الدول التي تطلب المساعدة الطبّيّة والتجربة العلميّة والتعاطف الإنسانيّ الكوبيّ، تكثّف كوبا من مساندتها وترسل أكثر من 20 فريقًا طبيًّا إلى دول أميركا اللاتينيّة ومنطقة البحر الكاريبيّ وأفريقيا، وهي الدول التي تعوّدت الولايات المتّحدة ودول الغرب نهب خيراتها وثرواتها وحرمان مئات ملايين البشر من سكّانها من الحياة اللائقة والكريمة، وقد جاء ذلك في بيان لوزيرة الخارجيّة الكوبيّة تدعو العالم فيه لمزيد من التضامن والتكاتف الأخويّ لمواجهة الجائحة، بينما وزير خارجيّة الرئيس الشيطان والوحش الأميركيّ يهدّد في كلّ مكان وزمان ويكذب دائمًا، يهدّد الصين لأنّها برأيه تكتّمت على معلومات حول كورونا، ويهدّد إيران “عبيد” لأنّها أطلقت قمرًا صناعيًّا “عدوانيًّا”، فذلك من حقّ “زيد” فقط، ويهدّد كوبا لإيمانها الأمميّ ولأنّها تساعد الشعوب إنسانيًّا وطبيًّا للتخلّص من الوباء، فكيف يثق العالم بما فيه الغرب بإنسانيّة كوبا وقدراتها العلميّة والطبّيّة، ويهدّد فنزويلا لأنّها ذات كرامة وطنيّة وتحترم نفسها وحقّها في الحفاظ على ثرواتها القوميّة، وكان يجب على الرئيس مادورو أن يقدّم ثروات بلاده النفطيّة لتتصرّف بها دولة الشيطان والوحش وتتمتّع بحرق “الأعداء” بالكاز الفنزويلّي، هكذا الشياطين والوحوش “لا يرحمون ولا يريدون لرحمة الله أن تنزل”. فليس غريبًا ولا مستهجنًا على قيادة دولة إنسانيّة ككوبا أن تدعو العالم إلى مساندة منظّمة الصحّة العالميّة التي لا غنى عنها، والآن أكثر من أيّ وقت مضى، وليس غريبًا ولا مستهجنًا أن تمنع قيادة دولة الولايات المتّحدة الأميركيّة اللاإنسانيّة، دولة الشياطين والوحوش كلّ أشكال الدعم عن هذه المنظّمة الدوليّة والإنسانيّة، وفي هذه الظروف المأساويّة بالذات.
ولذلك قد نستنتج:
استنتاجًا رياضيًّا أو حسابيًّا فنعرف أنّنا أمام معادلة من حدّيْن معروفيْن: هما وباء كورونا المتوحّشة ووباء الرأسماليّة الشيطانيّة، ولسنا أمام معادلة من حدّ واحد، وهذا الاستنتاج يجعلنا نبحث عن مجاهيل علميّة فعّالة جديدة وأساليب شعبيّة لنتخلّص من الوباءيْن، أو على الأقلّ علينا تقليص الفروق بين نوعيْ المتواليات: الحسابيّة والهندسيّة، هذه الفروق التي تقلق راحة الرئيس الشيطان والوحش فتجعله أكثر تغوّلًا وتوحّشًا وشيطانيّة، فيرى أنّ الأطفال يتكاثرون في العالم أكثر من تكاثر أكياس الحليب، وهذا ما يجعله قلقًا وخائفًا، بالطبع على أكياس الحليب وشركات إنتاجها، وبالطبع ليس على الأطفال وأمهّاتهم وآبائهم! لأنّه – كما وصفنا بالطبع وليس بالتطبّع – شيطان ووحش وفكر مريض.
أو استنتاجًا علميًّا كيميائيًّا فنعرف أنّ مادّة بيفيروسات الفوسفور الأبيض والمصنّعة في المختبر الأميركيّ الأسود، إذا تفاعلت مع قواعد الأميريك الوحشيّة المخصّبة بتركيز 19 ومع حوامض الكبريتيك المركّزة بضغط عالٍ، فستُنتج غاز السارين الشيطانيّ الذي يصعب السيطرة عليه، ولذا تتطلّب خطورة الأمر جهودًا إنسانيّة مختبريّة مضاعفة وخبرة علميّة ذات كثافة كبيرة ونضالًا أمميًّا لا يلين، ويتفاعل مع معطيات التجربة والبحث والعلم، وينخرط فيه كلّ المظلومين والمسحوقين من الأمم الفقيرة في شوارع العالم العريضة وميادينه الكبرى.
أو استنتاجًا علميًّا بيولوجيًّا يوصّلنا إلى نتيجة مفادها أنّ بعض الفيروسات قد تتشكّل على صور عديدة وأشكال مختلفة، فمنها ما لا يرى بالعين المجرّدة مثل فيروس كورونا، ومنها ما يرى بالعين المجرّدة فيأتي على شكل رئيس مريض، ومنها ما هو شيطانيّ قد يرى على شكل حيوان متوحّش ذي رؤوس نوويّة، ومنها ما لا ترى إلّا أدرانه الملوِّثة للهواء ونفاياته السامّة الملوِّثة للتربة، والتي تدنّس كلّ شيء إنسانيّ ونبيل وجميل في هذا الكون، مثل المخلوقات الشيطانيّة والحيوانيّة الرأسماليّة، والتي يقف على رأسها كبير الرأسماليّين الشيطان الوحش “ترامب”.
أو استنتاجًا إنسانيًّا شاملًا وواضحًا هو أنّ العالم الجميل والإنسانيّ لا يواجه فيروس كورونا المستجدّ والطارئ والذي سيكون عابرًا بقوّة التجارب والأبحاث العلميّة والتصميم الإنسانيّ الذي سيورده إلى مصيره المحتوم، بل يواجه هذا العالم مع كورونا وباء أشدّ خطورة وفتكًا هو فيروس الرأسماليّة العالميّة الحيوانيّة الشيطانيّة، والتي لم تكن طارئة ولن تكون عابرة بسرعة ولا بسهولة، ولن تمضي إلى مصيرها المحتوم إلّا بالنضال الإنسانيّ والإرادة الإنسانيّة الأمميّة الكفاحيّة “فيا عمّال العالم وفلّاحيه ويا أيّتها الشعوب الفقيرة اتّحدوا” حتّى تلفظ الرأسماليّة الشيطانيّة والوحشيّة غير المستجدّة أنفاسها الأخيرة ونوردها إلى حفير قبرها ونعم المصير، فهذا هو مكانها الحتميّ كما تقضي حركة التاريخ وديالكتيك الطبيعة وواقع الحياة وعقل البشر.