تقرير خاص | فلسطينيو الخارج | 72 عاماً من النكبة والتهجير
تاريخ النشر: 16/05/20 | 2:28الفلسطينيون يجددون ارتباطهم بالأرض والتمسك بحق العودة ومواجهة الاحتلال
لم تبدأ القضية الفلسطينية والجرائم ضد فلسطين وشعبها منذ 72 عاماً فقط،
ولم تكن النكبة الفلسطينية هي البداية لاحتلال فلسطين؛ إنما سبقها الكثير
من التخطيط والمؤامرات الدولية لاحتلال فلسطين، فقضية فلسطين بدأت منذ ما
يزيد عن مئة عام منذ “تصريح بلفور” وحتى قبله، وما زالت مستمرة إلى يومنا
هذا بأحداث وجرائم عديدة وقصص كثيرة من التهجير والصراع، فما هي بدايات
النكبة الفلسطينية؟ وماذا عن عام 1948 وما سبقه من أحداث؟ وما الذي ترتب
عليها؟
كل ذلك تتعرفون عليه في التقرير التالي:
عضو مجلس إدارة دائرة اللاجئين والعودة في غزة “أسماء أبوعويمر” سردت
خلال حديثها لـ “فلسطينيو الخارج” تفاصيل أحداث النكبة.
حيث ذكرت أن الحركة الصهيونية العالمية خططت وبمساعدة من بريطانيا لإقامة
دولة يهودية على أرض فلسطين، معددةً الأسباب التي دعت لذلك وهي، “منع
ظهور قوة إسلامية كبرى تحل بدلا من الدولة العثمانية، ورغبة اليهود
بامتلاك أرض يحكمونها، إضافة إلى الاضطهاد الذي تعرض له اليهود على يد
الروس”.
ما قبل عام 1948:
وعن بدايات تنفيذ المخطط الصهيوني قالت أبوعويمر: “إن تنفيذ المخطط بدأ
عندما أسس زعيم الحركة الصهيونية “تيودور هرتزل” المنظمة الصهيونية عام
1897″.
وبيّنت أن “المنظمة الصهيونية بنت نجاحها على إلغاء حقوق أهل فلسطين في
أرضهم وذلك تمهيدا لتأسيس الدولة اليهودية”، وأن نجاح اليهود في مخططهم
كان مبنياً على دعم بريطانيا لهم.
وأشارت إلى أن دور بريطانيا كان الأكبر وذلك بتوفيرها الحماية لليهود،
وتبنيها بشكل جدّي المشروع الصهيوني من خلال إصدارها “تصريح بلفور” الذي
نصّ على إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين بتاريخ 2/11/1917.
وفيما يتعلق بالأحداث التي جرت ما بين 1916 إلى 1948 كان هناك العديد من
الاتفاقيات والثوارت، حيث تابعت “أبو عويمر” حديثها عن تلك الأحداث
قائلة: “بموجب اتفاقية سايكس بيكو 1916 احتلت بريطانيا فلسطين تمهيداً
لتنفيذ وعدها “للإسرائيليين” وتسهيل هجرتهم إلى فلسطين وطرد أهلها
الأصليين، ثم تحديد فترة الانتداب البريطاني ما بين 1918حتى 1948 التي تم
فيها فتح باب الهجرة إلى فلسطين، ما أدى إلى زيادة عدد اليهود من 55 ألفا
إلى 646 ألفا عام 1948، تلا ذلك سماح بريطانيا لليهود بتملك الأراضي، حتى
وصلت إلى نصف مليون و700 دونم أي ما يعادل 6.3 من أراضي فلسطين، وفي هذه
الفترة بنى اليهود مؤسساتهم الاقتصادية والسياسية والتعليمية والاجتماعية
والعسكرية”.
وذكرت الثورات التي قام بها الشعب الفلسطيني ضد بريطانيا والصهاينة،
ومنها ثورة القدس عام 1920 وثورة يافا 1921 والبراق 1929 وعز الدين
القسام 1936.
وأشارت إلى أن ثورات الشعب الفلسطيني دفعت بريطانيا إلى إيقاف بيع
الأراضي وإيقاف الهجرة اليهودية، لكنها ما لبثت أن عادت في التاسع
والعشرين من نوفمبر عام 1947 بعد إصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة
القرار “181” الذي نص على تقسيم فلسطين بنسبة 45% كدولة عربية و54% دولة
يهودية، والقدس تحت الوصاية الدولية، حيث كانت تلك الأحداث جميعها قبل
15/5/1948 وهو التاريخ الذي ارتبطت به النكبة الفلسطينية.
النكبة الفلسطينية:
أعلنت “إسرائيل” مساء يوم 14/5/1948قيام “دولة إسرائيل” على أرض فلسطين،
وسارعت روسيا بعد ثلاث ساعات مباشرة للاعتراف بدولة الكيان الصهيوني،
تلتها أمريكا بعد ثلاثة أيام، وبموجب الإعلان استولى الصهاينة على 77% من
فلسطين وهزموا الجيوش العربية في ذلك الوقت، وانتفض الشعب الفلسطيني.
طالبت أمريكا بتأخير تنفيذ القرار لكنّ الكيان الصهيوني رفض ذلك واستمر
في الاستيلاء على الأراضي وطرد سكان فلسطين الأصليين، واتبعوا سياسة
“التطهير العرقي”، وهو ارتكاب الجرائم وتنفيذ المجازر ضد الشعب
الفلسطيني، حيث دمّر الصهاينة 531 قرية فلسطينية وارتكبوا 34 مجزرة.
وحول خروج الفلسطينيين من أراضيهم وبيوتهم أوضحت “أبوعويمر” أن
الفلسطينيين لم يخرجوا دون مقاومة، بل خرجوا تحت القتل والتدمير وبعد
تعرضهم للإبادة الجماعية، حاملين معهم مفاتيح بيوتهم على أمل العودة
القريبة.
وأفادت بأنه تم تهجير الشعب الفلسطيني في أصقاع الأرض، وذكرت أشهر الدول
التي هاجر الفلسطينيون إليها وهي خمس دول، حيث أقيمت فيها مخيمات
اللاجئين “الأردن، سوريا، لبنان، والضفة الغربية وقطاع غزة”.
وأشارت إلى أن عدد المخيمات في الضفة الغربية 19مخيما، وفي غزة ثمانية
مخيمات، وفي الأردن عشرة، وفي سوريا عشرة مخيمات، وفي لبنان حوالي 45
مخيما وتجمعا.
وفي سؤالها عن القرار 194 وعلى ماذا نصّ، وما علاقته باللاجئين أجابت؛
بأنه قرار أصدرته الأمم المتحدة وأقيمت بموجبه مخيمات اللاجئين، ونصّ على
إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين حتى عودتهم الى أرضهم التي أخرجو
منها، إضافة إلى حق عودة الفلسطيني إلى أرضه وبيته الذي طُرد منه،
وتعويضه عن الأضرار التي تعرض لها.
واعتبرت “أبوعويمر” أن حق الفلسطيني في العودة هو “حق مقدّس غير قابل
للتصرف لأنه قانوني وصادر بموجب قرار الأمم المتحدة”.
وأوضحت أنه بناءً على القرار 194 تم تأسيس مؤسسة إغاثية تشغيلية للاجئين
حتى عودتهم إلى أرضهم سميت بعد ذلك بوكالة الغوث “الأونروا”، والتي تقدم
خدمات إغاثية تعليمية وصحية للاجئين.
وأكدت على ضرورة التمسك بوكالة الغوث، معللة ذلك بأنها أكبر دليل على حق
الشعب الفلسطيني في العودة إلى بلاده.
مسيرات العودة:
في سياق متصل تحدثت “أبو عويمر” بشكل مختصر حول مسيرات العودة في قطاع
غزة قائلة: “بعد أكثر من سبعين عاما لا زال الفلسطيني يطمح للعودة إلى
بلاده، وعبّر عن ذلك فعلياً بانطلاق مسيرات العودة في قطاع غزة، حيث
توجهت جماهير الشعب الفلسطيني إلى الحدود التي صنعها الاحتلال، وقاموا
باجتياز السياج الفاصل بينهم وبين بلادهم”.
ونوهت إلى أحوال اللاجئين في العالم، حيث ذكرت منهم اللاجئين في سوريا
ولبنان، ووصفت اللاجئ الفلسطيني في مخيمات سوريا بأنه كان يتمتع بحالٍ
أفضل من غيره، حيث كان يحق له التملك والعمل والدراسة إلى أن هاجر من
المخيم وركب البحر وتعرض للموت بحثاً عن ملجأ آخر.
أما عن اللاجئين في مخيمات لبنان فأشارت إلى “أنهم يستحقون الوقوف أمامهم
طويلاً لأنهم الأسوأ حالاً على الإطلاق”، حيث حرموا من أبسط حقوقهم
الإنسانية في التعليم والعمل والصحة، إذ لا يعاملون معاملة الإنسان”.
فلسطينيو أوروبا
من جهته أكد رئيس مؤتمر فلسطينيي أوروبا “ماجد الزير” خلال حديثه مع
“فلسطينيو الخارج”، على أن الأمم المتحدة هي من شرعنت وجود دولة
الاحتلال، وهي التي هيأت لتشريد الشعب الفلسطيني، موضحاً أن القضية
الفلسطينية خلال العقود الماضية حققت مساحات إيجابية في وجودها كقضية
عادلة في أروقة الأمم المتحدة، ولكن الظروف السياسية الدولية والتقلبات
الإقليمية ضعّفت من مكانتها في الأمم المتحدة.
ولفت الزير إلى وجود وعي عالمي يتنامى باتجاه معرفة الحقيقة “بالإمكان
استثماره لصالح دعم القضية الفلسطينية”.
وحول نسبة الفلسطينيين في دول أوروبا ومدى انخراطهم في المجتمع الأوروبي
وتمسكهم بحق العودة، ذكر “الزير” أنه لا يوجد إحصائية دقيقة لعدد
الفلسطينيين في القارة الأوروبية؛ إنما قدّر عددهم بما يقارب نصف مليون
فلسطيني موزعين على دول القارة الأوروبية، وبيّن أن هناك اندماجا للعمل
الوطني الفلسطيني بشكل مؤسساتي، إضافة إلى وجود تواصل إيجابي مع المنظومة
الأوربية لصالح الوعي بالواقع الأوروبي والعمل للقضية الفلسطينية.
وأضاف: “يوجد هناك تبلور للهوية الفلسطينية في أوروبا والتمسك بحق
العودة”، مشيراً إلى مؤتمرات “فلسطينيو أوروبا الـ 17″، والمسيرات، وحركة
الدعم لصمود الشعب الفلسطيني في الداخل وإحياء المناسبات الفلسطينية
كمظاهر لدعم الفلسطينيين في أوروبا لقضيتهم وتمسكهم بالعودة.
وفي حديثه حول استراتيجية التعامل مع القارة الأوروبية لصالح دعم القضية
الفلسطينية، أوضح أن أولى تلك الاستراتيجيات هي وضع حقيقة النكبة
الفلسطينية مقابل الظلم الواقع عليها من الاحتلال، وإيضاح ما أسماه
“بالأكاذيب الإسرائيلية” وتبيان الحق الفلسطيني وإجراء حالة توعية شاملة
في هذا المجال، مبيناً أن ذلك الأمر حقق نسبة نجاح عالية أدت إلى نشوء
حركات دعم للقضية الفلسطينية من قبل الأوروبيين تتفاعل في النقابات
والبرلمانات بشكل واضح وصريح، وأصبح هناك وفود برلمانية تذهب إلى فلسطين
للاطلاع على الحقيقة.
وفي ذات السياق قال رئيس مؤتمر فلسطينيي أوروبا: “هناك أفق استراتيجي
لتحول نوعي في القارة الأوروبية لصالح دعم القضية الفلسطينية”.
وأفاد بأن الجهد الفلسطيني فيما يتعلق بفلسطينيي أوروبا “يتنامى بشكل
طردي بين الأجيال الجديدة، وذلك بسبب وعيها بحقيقة القضية ومعرفتها
بمكامن القوة في القارة الأوروبية، وتعاملهم كمواطنين أوروبيين لديهم
كافة الحقوق.
وأمل الزير بأن يُستثمر دور فلسطينيي أوروبا المنتشرين في أكثر من ثمانين
دولة لصالح مواجهة المشروع الصهيوني، وكسر الجمود في الساحة الفلسطينية
على مستوى الداخل الفلسطيني، وتحقيق مساحات دعم للقضية في العالم.
من جانبه قال المتحدث الرسمي باسم المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج زياد
العالول: ” 72 عاما وما زال الفلسطينيون في كل أصقاع الأرض يحلمون
بالعودة، ويحتفظون بعاداتهم وتقاليدهم ولم تنسهم مرارة الغربة واللجوء حب
فلسطين والعمل من أجلها”.
وأضاف لـ “فلسطينيو الخارج”: “في هذا الوقت الصعب الذي نعيشه، نشعر أننا
أقرب للعودة والتحرير وستبقى فلسطين قِبلة العرب والمسلمين وأحرار العالم
رغم كل أصوات النشاز التي تعمل على التطبيع، والطابور الخامس الذي يحاول
أن يجعل من هذا العدو صديقا”.
شاهد على النكبة:
أحد شهود النكبة الذين تحدثنا معهم، وهو الحاج لطفي الفرعاوي من سكان
قطاع غزة وهو رجل مسن تجاوز عمره 85 سنة، وكان هاجر من قريته الخيرية
قضاء يافا وسكن قطاع غزة؛ يحدثنا عن تفاصيل خروجهم من بلادهم فيقول: “كان
عمري عشرين عاما، وكانت لنا أراضٍ زراعية كثيرة، كنا في أرضنا آمنين إلى
أن دخلت علينا قوات الاحتلال فجأة وبدأت بضربنا بالرصاص والقنابل،
واستشهد عدد كبير من المواطنين، فخرجنا من أرضنا حفاة هاربين من شدة
القصف وعنف الاحتلال”.
وتابع الفرعاوي: “شاهدت بعيني الصهاينة وهم يربطون المواطنين بحبلٍ خلف
السيارة ويقومون بجرّهم على الأرض متجولين بهم في شوارع المدينة”.
وأضاف: “من شدة ضرب الرصاص على المواطنين لم يستطع أحد منا دخول المدينة،
فهربنا جميعاً تاركين خلفنا كل ما نملك من بيوت وأملاك، وذهبنا لأقرب
مكان من قريتنا، ثم جاءت جيوش عربية مسلحة لتتصدى لقوات الاحتلال، وقالوا
لنا إننا سنعود بعد سبعة أيام، ولكن فوجئنا بأن أسلحة العرب كانت تالفة
وخسروا في مواجهة قوات الاحتلال، وها نحن إلى يومنا هذا ما زلنا ننتظر أن
تنتهي السبعة أيام لنعود إلى بلادنا”.
هي 72 عاما مضت من عمر النضال الفلسطيني، يجدد الفلسطينيون في كل عام
تجذرهم بالأرض وتسمكهم بحق العودة وعيونهم ترقب بيارات يافا وشواطئ حيفا،
فإن مات الكبار لن ينسى الصغار فلسطين.
https://palabroad.org/post/view/64887