الأمير عبد القادر استسلم ولم يكن خائنا حسب القسّ الفرنسي وظلّ عظيما
تاريخ النشر: 30/05/20 | 12:31خصّص صاحب الأسطر في الحلقة الأولى للكتاب أدناه مقال بعنوان: ” عظمة الأمير عبد القادر من خلال القسّ الفرنسي”، وبتاريخ: السبت22 رمضان 1441 هـ الموافق لـ 15 ماي 2020. وفي الحلقة الثّانية يتطرّق صاحب الأسطر ودائما من خلال الكتاب أدناه إلى استسلام الأمير عبد القادر رحمة الله عليه وعبر شهادة القسّ الفرنسي الذي نقل عملية الاستسلام عبر رواية الأمير عبد القادر شخصيا والرواية الرسمية للمحتل الفرنسي الذي عايش الاستسلام وكان شاهد عيان عليها، ومنها –
أوّلا الأمير عبد القادر يتحدّث عن استسلامه:
1. يعنون القسّ الفصل الخامس بـ : “من الاستسلام 1847”. ويتحدّث عبره عن التفاصيل الدقيقة جدّا والمتعلّقة باستسلام الأمير عبد القادر كما سمعها شخصيا من الأمير عبد القادر، وكما جاء في الرواية الفرنسية الرسمية وبدقّة بالغة.
2. ينقل عن الأمير عبد القادر قوله: بدأت فكرة الاستسلام تراودني منذ 3 سنوات أي منذ سنة 1844، خاصّة وأن الضغوط بدأت تمارس علي منذ سنة 1839. وتأكدت حينها أنّي لا أسطيع أن أفي بوعدي تجاه وطني وتجاه الجهاد الذي خضته والذين لن يفرّطوا في. ومن يومها، عرضت علي اقتراحات لوضع السّلاح وهي تشبه الشروط التي قدّمتها للحكومة الفرنسية عبر الوسيط الجنرال لامورسيار Moricière بتاريخ 22 ديسمبر الماضي ( يقصد 22 ديسمبر ، تاريخ استسلام الأمير عبد القادر 1847). 61
3. نقل عن الأمير عبد القادر قوله: أنّ خليفته في الشرق “بن سالم” استسلم وغادر للشرق. وأخبره إن قلّده في الاستسلام سيلقى معاملة حسنة لاتقلّ عن المعاملة التي تلقاها من فرنسا المحتلة. 62 (أقول: تضاف هذه الفكرة إلى الأسباب التي نعرفها من قبل عن الأسباب التي دفعت الأمير عبد القادر للاستسلام وتحدّثنا عنها مرار).
4. كان للأمير عبد القادر القناعة والثقة في كون فرنسا المحتلة تعامله بعدالة وتلبي طلبه أن يغادر الجزائر للشرق عبر السفن الفرنسية وبالمجان مقابل استسلامي الشخصي والسلم الدائم الذي سيكون نتيجة. وإلاّ لما كنت نزلت من حصاني وقلت وداعا لجبالنا الغالية. 62
5. أواخر سنة 1847: أصبحت وضعيتي ووضعية دايرتي (أي الزمالة) شيئا فشيئا حرجة، حيث قرّر ملك المغرب ملاحقتي ومحاربتي عوض مساندتي وحمايتي، وكنت أخشى قبائل الريف أكثر من المسيحيين الفرنسيين أنفسهم، حيث المجهودات ضدّي تضاعفت كلّ يوم مع مخاوفي وخلفيتي. 62
6. لم يكن بمقدوري مقاومة الفرنسيين المحتلين حيث دايرتي وأمي وكلّ عزيز علي معرّض للخطر. 63
7. كان باستطاعتي أن أفرّ بحصاني للمشرق عبر الصحراء وأنا الذي خضتها من قبل حين كنت طفلا مع أبي. لكن كيف سيكون مصير أمي، والنساء، والأطفال، والأوفياء لي. أليس هذا تعريضا لهذه الكمشة الصغيرة للموت المحقّق. (أقول: لهذه الأسباب فضّل الأمير عبد القادر الاستسلام على الفرار). 63
8. راسلت حينها الجنرال “لامورسيار” بشأن استسلامي على أن أغادر إلى المشرق باعتباره هدفي الوحيد وهدف الجميع. وطلبت منه أن يقدّم لي ضمانا عبر رسالة، وإلاّ لن أتوقف عن الحرب، وفعلا راسلني برسالة ممضية ومختومة بنفس المعنى. 63
9. يرسم الأمير عبد القادر خيبة الأمل التي وقع فيها دون أن يدري، فقال: كنت أظن أنّي سأذهب إلى مقرّ مريح، ولم أكن أعلم أنّه السجن. 64
10. قال لي ابن الملك: لايمكن أن تغادر لاسطنبول وستغادر إلى الإسكندرية، حسب طلبي ووعده. لكن تمّ تغيير وجهة الباخرة إلى تولوز. 64
ثانيا الرواية الفرنسية حول استسلام الأمير عبد القادر:
11. يتطرّق القسّ في الجزء الثاني من الفصل الخامس إلى الرواية الفرنسية الرسمية المحتلّة لاستسلام الأمير عبد القادر، فيقول: يصف الحاكم العام المحتل للجزائر استسلام الأمير عبد القدر بالحدث العظيم. وأنّه انهزم وطورد من طرف القبائل المغربية. وأنّ نسبة كبيرة من أنصاره انفضّت من حوله. ولجأ “لأراضينا؟ !” ويطمع في الكرم الفرنسي، مفضلاّ فرنسا على إمبراطور المغرب رغم أنّه ترك له ممرّا آمنا. ويطلب من فرنسا المحتلة الذهاب إلى الإسكندرية أو إلى Saint-Jean-D’acre. 65
12. استمرت قوات السلطان المغربي في محاصرة الأمير عبد القادر. والجنرال الفرنسي المحتل La Moriciere. 66
13. كان هدف الأمير عبد القادر أن ينجو من مواجهة جيش السلطان المغربي ويتّجه نحو “أراضينا؟ !” للبحث عن الأمان. 66. ويكفي أنّه في ليلة واحدة فقد نصف قواته. 67
14. كانت القبائل المغربية تمدّنا بكلّ صغيرة وكبيرة عن تحركات الأمير عبد القادر والظروف الصعبة والحرجة جدّا التي يمرّ بها. 69
15. طلب أخ القائد الجزائري الخائن من فرنسا المحتلة مراقبة الطريق التي سيسلكها الأمير عبد القادر وتشديد الحصار عليه. وتمّ تكليف فرقتين من “الصبايح” الخونة الجزائريين لمتابعة ومراقبة وحصار الأمير عبد القادر 70
16. يقول الجنرال المحتل “لامورسيار”: طلب الأمير عبد القادر رسالة أمان مقابل استسلامه له ولمرافقيه. فمنحته عبر مبعوثيه على الفور سيفي كأمان باعتبار الخاتم وأدوات الكتابة لم تكن حينها بحوزتي. 71. ويشكر الجنرال المحتل “لامورسيار” كثيرا قٙايٙدْ تلمسان الذي نصح الأمير عبد القادر بالثقة بفرنسا المحتلة. 73 (أقول: تضاف نصيحة قٙايٙدْ تلمسان لأسباب الاستسلام).
17. بعدما يئس الأمير عبد القادر من مفاوضاته مع إمبراطور المغرب وإلقاء القبض على خليفته بوحمدي، شعر أنّه لايمكنه أن يجد حلاّ فاعتمد على شجاعته ليكون في أمان واستسلم. 75 (أقول: يضاف إلقاء القبض على خليفة الأمير عبد القادر للأسباب التي أدّت إلى استسلام الأمير عبد القادر).
18. تمّ محاصرة القلّة القليلة التي بقيت مع الأمير عبد القادر من طرف الجيش المغربي. وقاتل رجاله بشرف وشجاعة وقد قتل تقريبا كلّهم. وألقى 80 الذين بقوا مع الأمير عبد القادر السّلاح. 75
19. علينا أن نفي بالوعد الذي قطعناه للأمير عبد القادر حتّى لايوبّخنا التّاريخ خاصّة وأنّه استسلم علانية وليس خفية. 77 (أقول: كلّ تصرفات الأمير عبد القادر كانت علانية. ولا يوجد للأمير عبد القدار -من خلال قراءاتي وما وصلت إليه- جانب خفي وجانب ظاهر لأنّه يملك جانبا واحدا ووجها واحدا ولا يخاف أحدا ولا يتملّق أحدا ولا يطعن ولا يزوّر ولا يكذب أبدا. وهذه الملاحظة في غاية الأهمية لأنّها أصل وقاعدة أساسية في فهم عمق الأمير عبد القادر خاصّة وأنّه لايوجد أبدا -أقول أبدا- تناقضا في حياته العسكرية والسياسية والشخصية والدينية والفكرية).
20. حارب الأمير عبد القادر بقوّة وإلى النهاية. وأثبت أنّه جدير بالفائز من خلال طرق دفاعه بشجاعة عن أرضه، وإيمانه بدينه، مايستحق التقدير من جيشنا والتّاريخ. 78
21. ترى فرنسا المحتلة أنّ نقل الأمير عبد القادر إلى دولة عربية يمثّل تهديدا لها. 78 (أقول: واضح أنّ هذا السّبب هو الذي جعل فرنسا المحتلة تسجن الأمير عبد القادر مدّة 5 سنوات في سجن لامبواز. رغم أنّها كانت تثق في وعوده وأنّ الأمير عبد القادر لايخلف وعده أبدا، لكنّها السّياسة التي لاتثق في عدوها ولو كان العظيم الأمير عبد القادر).
22. كلمة الجنرال المحتل “لامورسيار” أمام البرلمان الفرنسي المحتل بفرنسا: حاول الأمير عبد القادر أن يسلك طريق الجنوب بعد محاصرة إمبراطور المغرب له ووعد القبائل الصحراوية له بتقديم المساعدات. فأسرعت لغلق الطريق أمامه فكان الاستسلام. ولم يكن باستطاعته أن يسلك الجبال فسلك أسهل الطرق وهي التي أغلقناها. ولو طاردته لفرّ نحو الصحراء ولم أتحصّل حينئذ وفي أحسن الأحوال على سجادته، أو إحدى نسائه، أو ربما أحد خلفائه.
معمر حبار – الشلف – الجزائر