“حدود المنفى” (رحلة إيڤا شتّال إلى فلسطين عبر مخيّم تلّ الزعتر) الحلقة الثانية
تاريخ النشر: 04/06/20 | 17:10صباح اليوم الأول، الخامس من ديسمبر 2018.
استيقظنا في صباح مشمس قليلاً، تناولنا الفطور الفلسطيني اللّطيف (لبنة، زعتر، زيت زيتون، زيتون، خبز والمزيد) مع ديمة الجميلة وأنتم الاربعة. منظر ميناء حيفا من شرفتكما رائع، حسن وسميرة.
ذهبنا بعد ذلك إلى الناصرة – إنها مكان تاريخي وديني قديم، جميل، أرشدنا المهندس المعماري والمؤرخ والرسام زياد الظاهر. من المثير للاهتمام سماعه يتحدث عن سلفه مع 8 أبناء و1000 رجل يقاتلون نابليون الذي لم يستطع كسر المقاومة الفلسطينية في عكا. نشكره على الإرشاد التاريخي الجميل في وسط الناصرة.
كان من الجيد أيضًا الذهاب إلى المعرض الذي يقدم وجهة نظر الفنانين عن مدينتهم، وإلقاء نظرة على المناظر الطبيعية من خارج كنيسة سانت جورج. من وجهة نظر الكتاب المقدس.
لاحظنا كيف يعمل المسلمون والمسيحيون الذين يشكلون 10٪ في إسرائيل بجدّ؛ للحفاظ على المساجد والكنائس والمباني والأراضي والحدائق والأشجار والنباتات في حالة جيدة جدًا. إن اليهود الإسرائيليين مستعدون لانتزاع أي شيء يمكنهم الحصول عليه، على الرغم من أن 93٪ من الأرض تنتمي إلى الدولة بالفعل. وإن لم تكن مأهولة باليهود الإسرائيليين بالفعل من قبل، فهي مزروعة بالصنوبر أو تتحول إلى مناطق عسكرية أو مناطق مغلقة أو حتى منازل مغلقة حتى لا يتمكن الفلسطينيون من تحقيق ذلك أو العمل أو العيش هناك.
وبطبيعة الحال، فإن الطرق الكبيرة بنيت على أراضي المزارعين السابقين دون تعويض. لا يمكن للفلسطينيين أن يكونوا مزارعين أو يجلبوا الماشية بعد الآن. سمعت عن ذكريات الفلاحين في تل الزعتر – الزيتون والبرتقال والحيوانات … في المخيم كانت كل بقعة فارغة مليئة بالنباتات – الأعشاب والزهور والتين والزيتون والعنب وما إلى ذلك، بجانب المرحاض الصغير ” كان فناء المنزل الذي أقيمُ فيه لأول مرة مأوى صغيرًا لثلاثة من الماعز. كان الناس ما يزالون يحلمون بحياتهم كمزارعين. أخبرني الأكبر عن حياة؛ حيث كان اليهود أيضًا جزءًا من سكان القرى والبلدات. حسن الجوار، كان منذ زمن طويل.
بعد ظهر ذلك اليوم، قضينا وقتًا في قطف الحمضيات الجميلة من حديقة الأسرة (سلمى وسليمان نصّار ح.ع.) والتقيت امرأة تعرف عن تل الزعتر(أمّ حبيب ح.ع.). كان عناقها وترحيبها مؤثرا للغاية!
المحطة الثالثة في ذلك اليوم كانت في طمرة. (لقد قرأتُ في الواقعِ هذا الكتاب المثير للاهتمام “إسرائيلُ أخرى” بقلم سوزان ناثان، 2006، عن المرأة اليهودية التي كانت لديها الشجاعة للانتقال إلى مدينة طمرة العربية، بهدف الإفادة بأن اليهود والفلسطينيين يمكنهم العيش معًا). كان من الرائع رؤية الأعمال الفنية الجيدة لأحمد كنعان. مثل هذا الفنان – يعمل باستخدام العديد من المواد ويعبِّر عن التجربة الفلسطينية بطرق عديدة ومختلفة.
شكرا لأخذنا إليه! من الجميل أيضًا أن نعرف أنه لدينا صديقٌ مشترك، خاله؛ الدكتور عبد العزيز(الطبيب الزعتريّ عبد العزيز اللبدي ح.ع.). لقد عمل في تل الزعتر.
تناولنا الطعام في ضواحي مدينة طمرة، وقمنا بجولة نستعرض فيها العديد من زينة عيد الميلاد المتلألئة والمتنوعة في الشوارع المركزية في حيفا (العربية). إنها جميلة في الظلام!
في نهاية هذا اليوم الطويل والمثير، جلسنا معكم: حسن وسميرة وفؤاد، وبدأنا نتعرف على بعضنا البعض بشكل أفضل. شعرت بلطفٍ كبيرٍ لوجودي هناك.
سميرة حمد(إيڤا شتّال)
(الحلقة الثانية)
*** هذه الحلقة الثانية من انطباعات الزعتريّة سميرة (إيڤا) حمد(شتّال)؛ من مواليد 1948 في مدينة جوتنبورج السويديّة، درست التمريض وبفضل نشاطها التحقت عام 1974 بالعمل التطوّعي في مخيّمات اللاجئين الفلسطينيّين في لبنان، تزوّجت من يوسف حمد، الناشط السياسي، ابن قرية الخالصة شمال فلسطين، الذي استشهد خلال القصف على مخيّم تل الزعتر جراء قذيفة هاون أدّت بالوقت نفسه إلى إصابتها بجروح بالغة، نتج عنها بتر ذراعها الأيمن وكسور في الفخذ الأيسر. بعدها بأيام فقدت الجنين في شهرها الرابع. رفضت سميرة، رغم إصابتها، مغادرة المخيّم المُحاصَر رغم جهود الحكومة السويديةّ في العمل على إخلائها عن طريق الصليب الأحمر الدولي، أصرّت على أن تُقاسم الأهالي مصيرهم. عند خروجها عادت إلى السويد وأكملت علاجها ونشاطها في المجال الصحي، مساعدة أطفال اللاجئين القادمين من مناطق القتال ومساعدة النساء، ما زالت مرتبطة بمساعدة أطفال اللاجئين الفلسطينيّين في مخيّمات لبنان، وما زالت تحمل رسالة المخيّم عبر البحار.
*** شكرًا للأديب الفلسطيني إياد شماسنة على ترجمة الرسالة من الإنجليزيّة للعربيّة.
*** تُنشر تزامنًا مع نشرها في صحيفة “المدينة” الحيفاويّة.