مالك بن نبي ليس_المظلوم في أهله – معمر حبار
تاريخ النشر: 28/06/20 | 12:25أوّلا: مقدّمة المشاهد:
1. بثّت فضائية جزائرية حصّة بعنوان: “مالك بن نبي المظلوم في أهله” كلّ يوم خميس على السّاعة 22.30د بتوقيت الجزائر وعلى مدار 3 حلقات، وابتداء من يوم الخميس 19 شوال 1441 هـ الموافق لـ 11 جوان 2020أ وانتهاء بيوم: الخميس 3 ذو القعدة 1441 هـ الموافق لـ 25 جوان 2020.
2. الأساتذة هم: عبد الرحمان بن عمار، والسعيد مولاي، ومحمّد الأمين بلغيث، وعمار طالبي، ومحمّد الهادي الحسني.
ثانيا: كلمة شكر:
كلّ الشكر لزميلنا عزالدين طبال الذي اتّصل بي عبر الخاص، فقال بالحرف: “ماتنساش حصة على الشروق نيوز على العاشرة والنصف خاصة بالمفكر الأستاذ مالك بن نبي بمشاركة كل من الاساتذة عمار طالبي والسعيد مولاي والهادي الحسني ومن ثلاث حلقات”.
3. الشّكر البالغ للقائمين على الحصّة وعلى الجهد المبذول والسّعي المشكور في تقديم مالك بن نبي بما استطاعوا. ومتمنيين لهم السّداد والتّوفيق في مشاريع أخرى وحصص قادمة،
4. الشكر للقائم على الحصّة الزميل عبد الحفيظ عبد السميع على المجهودات المبذولة. و متمنين له التّوفيق والنّجاح في الأعمال القادمة وبما هو أفضل وأحسن. وتدارك الأخطاء التي وقع فيها ولم يستطع حينها تداركها.
5. الشكر للأساتذة المشاركين بتدخلاتهم. ولهم بالغ الاحترام والتّقدير.
ثالثا: دفاعا عن مالك بن نبي:
6. تحدّث الأستاذ محمّد الهادي الحسني عن العلاقة بين الأستاذ عبد الحميد بن باديس والأستاذ مالك بن نبي رحمة الله عليهما وقال: مالك بن نبي كان صغيرا غير معروف ولم يكن أحد يهتم به. وابن باديس لم يكن له الوقت للتفرّغ لمالك بن نبي. أقول: هذا استصغار لمالك بن نبي من طرف محمّد الهادي الحسني. وحصر العلاقة في السن يعتبر ظلما لابن باديس وتصويره على أنّه “متكبّر” و “متعالي”. وظلما لمالك بن نبي وتصويره على أنّه “غلام” و”طفل” لم يصل بعد لمصف الرجال. وبهذا يكون الأستاذ محمّد الهادي الحسني قد ظلم الكبيرين عبد الحميد بن باديس ومالك بن نبي من حيث لايدري.
7. يفهم من ردّ مالك بن نبي على مقال فرحات عباس المعنون بـ “أنا فرنسا”، أنّ ردّ ابن باديس على فرحات عباس لم يشفي غليل مالك بن نبي. وتمنى لو كان ردّ ابن باديس أقوى ولذلك تكفّل شخصيا بالردّ عليه. لكن “العمودي” وهو من أعضاء الجمعية رفض أن ينشر مقاله عبر جريدته حتّى لايخسر فرحات عباس صاحب “أنا فرنسا”.
8. أخطأ الأستاذ محمّد الهادي الحسني حين وصف مالك بن نبي أنّ لغته “عربية المستشرقين”. أقول: مالك بن نبي يملك لغة ذات بعد حضاري عميقة وأصيلة تدافع عن وطنه الجزائر وأمّته. ومالك بن نبي يستعمل الفرنسية كوسيلة وليس غاية. وبالتّالي من الظلم أن توصف لغة مالك بن نبي أنّها “عربية المستشرقين”. ومن جهة أخرى مالك بن نبي ليس الشاعر ولا الفقيه ولا اللّغوي لكنّه الأصيل الذي لايبيع لسانه ولا دينه ولا الجزائر. فكيف يتّهم أنّه يملك “عربية المستشرقين”.
9. يرى الأستاذ محمّد الأمين بلغيث: أنّ مالك بن نبي “كان مجحفا في حقّ الجمعية”. و”لايوجد أحد في الجمعية إلاّ انتقده”. أقول: مالك بن نبي انتقد الجمعية وهذا ليس إجحافا منه وقد ردّت الجمعية عليه. وبقدر ما كان مالك بن نبي ينتقد الجمعية كان يقدّم لها النصائح تتعلّق بتصرفاتها التي يراها غير صائبة. وعليه، أخطأ الأستاذ محمد الأمين بلغيث حين اتّهم مالك بن نبي بكونه “كان مجحفا في حقّ الجمعية”. وفي الحقيقة كان ناقدا وناصحا وموجّها ومرشدا.
10. يعاتب الأستاذ محمّد الهادي الحسني الأستاذ مالك بن نبي بقوله: “فكّر في الهجرة لأربعة دول، وهي: ألبانيا، ومصر، والطائف، وتنبوكتو، بينما الجمعية لم تفكّر في الهجرة”. أقول: مالك بن نبي أجبر على التفكير في الهجرة وقد تعرّض للبطالة والتضييق وهو الحامل لشهادة مهندس دولة، وكانت يومها شهادة عالية. وحرم حتّى من تدريس في قسم محو الأمية. فلا غرابة أن يبحث عن رزقه عبر الهجرة. والتفكير في الهجرة ليس جريمة ولا ذنبا ولا خيانة يعاتب عليها مالك بن نبي. ومن الظلم البيّن أن يقارن محمّد الهادي الحسني هيئة منظّمة ذات مصادر وموارد ورجال بمالك بن نبي وهو رجل وحيد عاطل عن العمل ومحاصر.
11. قال صاحب الحصّة: كان مالك بن نبي “يطعن في الجمعية”. أقول: مالك بن نبي لم يطعن في الجمعية إنّما انتقد الجمعية في مواقفها السّياسية التي رأى أنّها من الأخطاء القاتلة للجمعية. وقد يصيب ويخطئ. وقد ردّت عليه الجمعية. إذن من الظلم اعتبار نقد مالك بن نبي ونصائحه وتوجيهاته للجمعية أنّها “طعن في الجمعية”. ويمكن للمتتبّع الحرّ أن ينتقد الجميع ودون استثناء.
12. ذكر الأستاذ عبد الرحمن بن عمارة: أنّ مالك بن نبي حين تحدّث عن الحضارة من الناحية الزمنية، قال علينا أن نعود للتّاريخ الهجري لفهم الفارق من حيث التطور والتخلّف. أقول: لم يكن مالك بن نبي يقصد العودة إلى التّاريخ الهجري -ولاتحضرني الآن السنة بالضّبط- إنّما كان يقصد العودة لفترة زمنية بعينها تعبّر عن قوّة أو ضعف، وعبّر عنها بالتّاريخ الهجري لشهرتها. إذن يقصد مالك بن نبي الفترة الزمنية (الخلافة أو الأمويين أو مابعد الموحدين أو صفين، وغيرها) ولا يقصد أبدا التّاريخ الهجري كما ذهب إلى ذلك الأستاذ عبد الرحمن بن عمارة.
13. نطق صاحب الحصّة عبارة مالك بن نبي “Boulitique” بـ “Politique”. وهناك فرق كبير لدى مالك بن نبي بين المصطلحين ليس هذا مجال شرحه. ولا أعرف أحدا استعمل مصطلح “البوليتيك” بحرف B وليس P غير مالك بن نبي.
14. قال الأستاذ سعيد مولاي: قادة الثورة الجزائرية رفضوا مشاركة مالك بن نبي في الثورة الجزائرية. أقول: ولماذا يرفضون مشاركته في الثورة الجزائرية وأمامه الثورة الجزائرية ويلتحق بها متى شاء؟ إذن، كان هناك تجاذب بين مالك بن نبي وقادة الثورة الجزائرية حول نقاط تتعلّق بالتسيير والفهم. ولقادة الثورة الجزائرية نظرتهم الميدانية والآنية والسّريعة، ولمالك بن نبي نظرته الفكرية غير الميدانية وطويلة الأمد. ولذلك قادة الثورة الجزائرية لم يقدّموا مالك بن نبي ولم يأخذوا بآرائه. وقد غضب كثيرا حين فضّلوا “فرانس فانون” عليه وجعلوه مستشار الثورة الجزائرية ولم يجعلوا من مالك بن نبي مستشارا للثورة الجزائرية. وما زلت أعتقد -وإلى أن يثبت العكس- أنّ تفضيل فرانس فانون عليه كان من عوامل التجاذب والاختلاف.
رابعا: أخطاء شائعة وقع فيها الأساتذة:
15. ذكر الأساتذة ومنهم الأستاذ عبد الرحمن أنّ مالك بن نبي رحمة الله عليه انحصرت فكرته في محاربة القابلية للاستدمار (الأستاذ قال: الاستعمار). أقول: من الأخطاء الشّائعة التي وقع فيها الأساتذة القول أنّ مالك بن نبي حارب القابلية للاستدمار. ويفهم من هذا الكلام أنّ مالك بن نبي لم يحارب الاستدمار واكتفى بمحاربة القابلية للاستدمار. والأجدر القول أنّ مالك بن نبي حارب الاستدمار والقابلية للاستدمار. ولا يمكن بحال الفصل بينهما لأنّ الفصل بينهما يوحي أنّ مالك بن نبي لم يحارب الاستدمار. إذن وجب القول أنّ مالك بن نبي حارب الاستدمار وللقابلية للاستدمار.
16. قال الأساتذة أن أفكار وكتب مالك بن نبي تدرّس في “ماليزيا، وأندونيسيا، وتركيا”. أقول: هذه من الأخطاء الشّائعة التي وقع فيها الأساتذة ووقع فيها الكثير. ولا يوجد دولة من هذه الدول أو غيرها تبنّت فكر مالك بن نبي في معالجة قضاياها الاقتصادية والفكرية والاجتماعية. ولا أعرف دولة بعينها تبنّت فكره. وهذه من المبالغة التي ظلّت تردّد وأعاد ترديدها الأساتذة خطأ منهم. ونتحدّث عن تبني الدولة والمجتمع لأفكاره عبر جوانب الحياة المختلفة المتضاربة. ومن العادي جدّا أن تعرض على رئيس دولة شخصية أو كتبها أو بعض أفكارها. والمتتبّع النّاقد يتساءل: هل تبنى فكره؟ هل أمسى فكر الشخصية دستورا؟ هل طبّق أفكاره في تسيير حكمه ودولته ومجتمعه. أمّا الانبهار فيحسنه الجميع بما فيه رؤساء الدول.
17. ذكر الأستاذ مولاي -وباقي الأساتذة فيما أتذكر- أنّ مالك بن نبي “استقال؟ !”. أقول: الدارس لمذكرات بن نبي LES CARNETS يقف على حقيقة مفادها أنّه أقيل من منصبه ولم يقدّم الاستقالة. وكلّ تصرفات مالك بن نبي تدلّ على أنّه أقيل من طرف أحمد طالب الإبراهيمي وزير التربية يومها ولم يقدّم استقالته. وممّا وصلت إليه أنّ الذين يروّجون لفكرة “إستقالة؟ !” مالك بن نبي إنّما يريدون تبرئة الأستاذ أحمد طالب الإبراهيمي رزقه الله الصّحة والعافية، ويبعدون عنه تهمة الإساءة لمالك بن نبي. وطالبت منذ سنوات -وما زلت- تصحيح العبارة المكتوبة في آخر غلاف من كتب مالك بن نبي، وأنقلها الآن بالحرف، وهي: “في عام 1967 استقال من منصبه وتفرّغ للعمل الفكري وتنظيم ندوات فكرية”. والصواب هو: أقيل مالك بن نبي من منصبه. وكم أتمنى أن يتم تصحيح العبارة.
18. ركّز الحضور على دور المستشرق الفرنسي “ماسينيون” في منع مالك بن نبي من تحقيق أحلامه بفرنسا. أقول: لاننكر دور فرنسا المحتلة في تثبيط العزائم ووضع العراقيل. لكن من المبالغة القول أنّ كلّ حركات مالك بن نبي كانت تحت أعين “ماسينيون”. فهناك ضغوطا أخرى كـ: تصرفات مالك بن نبي بحدّ ذاتها، والجزائر، والعرب، وفرنسا المحتلة. ولاأحد ينكر دور الاستدمار الفرنسي. لكن القول أنّ كلّ شيء حدث لمالك بن نبي بسبب الاستدمار وماسينيون، مبالغ فيه.
خامسا: أخطاء وقع فيها مالك بن نبي:
19. عيّنت الجمعية الأستاذ الورتلاني مبعوثا لها في فرنسا. فغضب مالك بن نبي واعتبر نفسه الأحقّ بالمنصب. أقول: هذه من أخطاء مالك بن نبي الذي يرى نفسه أنّه الأحقّ وأنّه الأفضل. والمصيبة أنّه يغضب ويقيم الدنيا حينما يحرم من المنصب. وهذه من السّلبيات والأخطاء التي ميّزت مالك بن نبي.
20. حين نعاتب وننتقد الأساتذة جميعا ودون استثناء والذين مالوا ميلة واحدة لموقف أحمد طالب الإبراهيمي في إهانته لمالك بن نبي، نعاتب وننتقد في نفس الوقت مالك بن نبي على موقفه من إقالته من منصب مدير التعليم العالي. وأرى أنّه بالغ كثيرا في التشبّث بالكرسي والجري وراءه والسّعي لامتلاكه بكلّ الوسائل وحسرته الشّديدة على إقالته حتّى مرض من الحزن وكأن الدنيا مرتبطة بكرسي مدير التّعليم العالي. وكان عليه أن لايتشبّث بالكرسي حتّى يمرض، وأن لايسعى شخصيا وعبر الوسائط لدى الرئيس بومدين ليعيده لمنصبه ويتقرّب إليه. ولم يفلح في ذلك رغم مرور سنوات على السعي والجري.
21. مرض مالك بن نبي بسبب حزنه الشديد على إقالته من منصبه. وتدرس الشخصية من النواحي الإيجابية والسّلبية. ومالك بن نبي من الناحية الفكرية أبدع وتميّز وتفوّق. لكن من الناحية الشخصية له ماله وعليه ماعليه. وفعلا أساء مالك بن نبي رحمة الله عليه في حرصه الشّديد والمبالغ فيه بمنصب مدير التعليم العالي. وأضيف، لقي ربّه وهو حزين على الإقالة من فرط تشبّثه بالمنصب، وتلك من الأخطاء الشخصية التي وقع فيها. وتبقى لمالك بن نبي حرمته ومكانته من الناحية الفكرية. والنّاقد هو الذي يعرض الشخصية من الجوانب السّلبية والإيجابية. وقد دافعنا ونظلّ ندافع عن مالك بن نبي حين يستوجب الموقف ذلك. وانتقدنا ونظلّ ننتقد مالك بن نبي حين يستوجب المقام ذلك. وحين تثبت لنا قراءتنا القادمة لمالك بن نبي أنّنا أخطأنا في حقّه، حينها نقوم بالتّصحيح والاعتذار.
سادسا: إهانة أحمد طالب الإبراهيمي لمالك بن نبي:
22. 27. الأساتذة جميعا ودون استثناء نقلوا ماقاله الأستاذ أحمد طالب الإبراهيمي فيما ذكره عن مالك بن نبي، واعتمدوا عليها في الميل ميلة واحدة ضدّ مالك بن نبي دون أن يعودوا لدفاتره وينقلوا الرواية التي ذكرها مالك بن نبي بشأن سوء الأدب وقلّة الأدب التي عامله بها أحمد طالب الإبراهيمي. وقد ذكرها مالك بن نبي بالتّفصيل. إذن الأساتذة لم يكونوا منصفين حين اعتمدوا على رواية وزير التربية الأسبق ووزير الخارجية السّابق أحمد طالب الإبراهيمي. وقد كتبنا في هذا الموضوع كثيرا لمن أراد أن يعود إليه.
23. 28. عجبت للأستاذ عمار طالبي رزقه الله الصّحة والعافية حين يقول في موضوع إهانة أحمد طالب الإبراهيمي لمالك بن نبي: “لاأعرف السبب”. ولا أجد له في إجابته عذرا خاصّة وأنّه رجل علم وفكر. وهذه إجابة سياسي يتهرّب وليست إجابة رجل علم يواجه. وحفظ الله الأستاذ عمار طالبي ورزقه الصّحة والعافية.
سابعا: كتب مالك بن نبي:
24. قال الأساتذة جميعا أنّ كتاب “الظاهرة القرآنية” هو أعظم ماكتب مالك بن نبي. أقول: لايعتبر كتاب “الظاهرة القرآنية” أعظم ماكتب مالك بن نبي رحمة الله عليه. ويعتبر أوّل كتاب في هذا العلم وآخر كتاب في هذا العلم. ولم يكتب بعدها في هذا العلم. ويبدو لي أنّ أهمية الكتاب تكمن في كونه ألّفه باللّغة الفرنسية. فليس من السّهولة أن يكتب المرء في موضوع كالظاهرة القرآنية وباللّغة الفرنسية.
25. كتاب “الظاهرة القرآنية” لمالك بن نبي هو من “باكورة أعماله” وليس من الكتب العظيمة التي ألّفها. ومن يرى أنّ كتاب “الظاهرة القرآنية” من “أعظم كتب؟!”، فهو أحد أمرين: إمّا أنّه مبهور بمالك بن نبي أو لم يقرأ الكتاب ولم تكن له قدرة المقارنة بينه وبين غيره. وأضيف الآن كما كتبت حين عرضت الكتاب: يعرف الكاتب بالكتب التي ظلّ يكتب على منوالها فعرف بها. ومالك بن نبي رحمة الله عليه لم يعرف بـ “الظاهرة القرآنية” ولم يكتب طيلة حياته على منوال “الظاهرة القرآنية”. ولا يعرف الكاتب أبدا بكتاب واحدا ألّفه في علم بعينه إنّما يعرف بكتب ألّفها في نفس العلم. ومن أراد الزيادة فليراجع مشكورا مقالنا بعنوان: ” الظاهرة القرآنية ليس أعظم ماكتبه مالك بن نبي”، وبتاريخ: الجمعة 13 محرم 1441 هـ – الموافق لـ 13 سبتمبر 2019
26. يقول الأستاذ محمّد الهادي الحسني أنّ مالك بن نبي رغم أنّ تخصّصه بعيد عن موضوع “الظاهرة القرآنية” والحضارة إلاّ أنّه كتب كتابه “الظاهرة القرآنية”. أقول: في البداية كان مالك بن نبي يحمل فكرا حضاريا ونزعة حضارية لكن فرنسا المحتلّة فرضت عليه أن لايدخل لمعهد الاستشراق لأنّه محرّم على الذين يحملون فكرمالك بن نبي الرّافض للاستدمار الفرنسي، واتّجه بعدها لعلوم الهندسة. وبقي بعد تخرّجه ينظر للظواهر الاجتماعية والحضارية والفكرية بعمق حضاري وبتعبير هندسي، وقد جمع بينهما وأبدع. ونفس الفكرة التي يحملها الأستاذ محمّد الهادي الحسني هي نفسها التي حملتها الجمعية حين طبع مالك بن نبي كتابه “الظاهرة القرآنية” وواجهته أنّه غير متخصّص وتدخل في تخصّص لايتقنه ولا يحسنة. وكتبت حين تطرقت للكتاب: تصرّف الجمعية مع مالك بن نبي يعتبر -في تقديري- من الأسباب التي دفعت مالك بن نبي لكي لايعود لمثل كتابه “الظاهرة القرآنية”. ونال الفضل غيرها بكتابة مقدمة لـ “الظاهرة القرآنية”. وحرمت نفسها فضل كتابة المقدّمة للكتاب وبغضّ النظر عن النقد الذي يبقى من حقّ القارئ النّاقد.
27. أوافق الأستاذ عمار طالبي في قوله أنّ كتاب “مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي” من أعظم الكتب التي ألّفها مالك بن نبي. والسّبب -في تقديري- أنّ الكتاب ألّفه مالك بن نبي سنة 1972 أي سنة واحدة قبل وفاته. ويضمّ خلاصة وعصارة ماتوصّل إليه مالك بن نبي. وأعاد ليؤكّد ماذكره من قبل أي أثبت وأكّد ماذكره خلال تجربته مع الأفكار والتي ظلّ يبثّها طوال حياته. وعليه، أوصي بقوّة قراءة ونقد كتاب “مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي” لمالك بن نبي.
28. أقف مع الأستاذ محمّد الأمين بلغيث حين أشار لضرورة قراءة كتاب “المسألة اليهودية” لمالك بن نبي. -وأزعم- أنّ قلّة قليلة تشير لقراءة هذا الكتاب. وما زلت أتساءل عن السّبب.
29. يقول الأستاذ عمار طالبي: لفهم فكر مالك بن نبي على المرء أن يبدأ بقراءة كتابه “شروط النهضة”. أقول: “شروط النهضة” من الكتب الأولى لمالك بن نبي ومن الكتب العظيمة التي ألفها. وأختلف مع الأستاذ عمار طالبي حين نصح بالبدء بقراءة “شروط النهضة”. وقد كتبت مقال بعنوان: ” كيف نقرأ مالك بن نبي؟ “، وبتاريخ: الجمعة24 شعبان 1436هـ الموافق لـ : 12جوان 2015م، أبيّن من خلاله الكتب الأولى المعنية بالقراءة والكتب المتأخّرة المعنية بالقراءة. ويختلف ترتيبنا عن الترتيب الذي وضعه الأستاذ عمار طالبي حفظه الله ورعاه، ولكلّ قراءته والأسباب التي اعتمد عليها.
—
الشلف – الجزائر
معمر حبار