حوادث الطّرق ليست قَدَرًا
تاريخ النشر: 29/06/20 | 7:55 زهير دعيم
أزهار جميلة ، ريّا ، شذيّة وفي ريعان الصّبا من شفاعمرو والمكسور وعين ماهل واكسال ، قطفها الموت عُنوةً في الأيام القليلة الماضية، من خلال حوادث طرق بغيضة ملأت في الأشهر الأخيرة طرقاتنا وشوارعنا وبلداتنا ومدننا ، فعمّ الحزن والأسى وغمر القلوب ؛ كلّ القلوب في مجتمعنا العربيّ ، هذا المجتمع الذي بات يُسرع ويهرول تارة الى خطف الارواح بقوة السلاح الناريّ والابيض وطورًا من خلال التهوّر والسرعة الزائدة وعدم مراعاة القوانين وانظمة السير المتعارف عليها .
هذا ليس قدرَنا !
نعم ليس هو قدرنا وليس من السّماء.
إنه صُنع ايادينا نحن الذين ينقصنا – وأخصّ بالذّكر – الشباب بيننا ؛ ينقصنا التحلّي بالصّبر والتجمُّل بآداب الطريق ، والتزيّن بالانسانية وحبّ الحياة ، فترى أحدهم يسوق سيّارته بسرعة فائقة وهو يحادث صديقه او خطيبته عبرَ جوّاله أو يكتب تغريدة ، فلا ينتبه ويصحو إلّا على صوت وصراخ وشتيمة واحيانًا على حادث يودي بحياة الأبرياء .
لطالما شاهدتُ بأمّ عيني ذاد الشّاب الصغير والذي درّسته قبل سنوات قليلة كيف يسابق الريح ولا يلتزم بالقوانين ، ولا يعترف بحقّ الغير ولا بأصول السياقة ، فيطير أو يكاد ينهب الارض نهبًا.
إنّه لا يرى ممرّ المُشاة ولا الدّوّار ولا الإشارات الضوئية ولا حتّى البشر فتراه يُزاحم ويتسابق مع نفسه ويلتصق بسيارتك من الخلف ولا يحسب حسابًا.
حان الوقت ان نهذّب نفوسنا ونلوّن اخلاقياتنا وانسانيتنا قبل ان نتعلّم السّياقة !
حان الوقت أن نعرف قيمة الحياة قبل ان نجلس خلف المقود.
عُذرًا … لا أريد أن أقول دعونا نتعلّم من الأوروبيين آداب الطريق واحترام قوانين السير _ وقد نتعلّم منهم الكثير _ فقد كنت قبل ثلاث سنوات في البرتغال ووقفت أنا وزوجتي دون أن ندري نتحدّث لدقيقتيْن أو اكثر لنجد أنفسنا أنّنا نسدّ طريقًا فرعيًّا أمام سائق شاب ، فيبتسم بلطف وينتظر ولا زامور ولا يحزنون.
نعم هيّا نتعلّم منهم ، بل من اخوتنا اليهود الذين يُشكّلون اربعة أخماس السّكان والحوادث عندهم أقلّ بكثير ممّا هي لدينا .
دعونا نتعلّم ونتقي الله والناس ، فقد باتت الكورونا ” دحّ” أمام تصرفاتنا الهوجاء.
طيّب الربّ ثرى شهداء وشهيدات حوادث الطرق ،والهمنا جميعًا حُسن السّياقة واحترام آداب الطريق.