دعنا نرسم موتنا لوحةً في فراغ الكوْن / أجمعُ دموعكِ لأشربها حين ترحلين
تاريخ النشر: 02/07/20 | 10:51عطا الله شاهين
قلت لها ذات عتمة، بينما كنا دون وعي تائهيْن بين فراغ الكون منذ دهر بعيد : لا يمكن لنا أن نموت هكذا دون أن لا نترك أثرا لموتنا هنا في عتمة هذا الكون المبهر، فلا تحلمي بالعودة إلى كوكبنا المريض، فقالت بصوت خافت، حينما كانت ترتجف من برْد الكون: دعنا نرسم موتنا لوحة في فراغ كون واسع، وليكن موتنا متعانقين لوحة مذهلة للأبد لتصل بسيرها بعد زمن الى نهاية الكون، بعدما نموت هنا بعد زمنٍ من برْد هذا الكون المذهل بعتمته، فعناقنا سيكون أبديا في فراغ هذا الكون، الذي يبهرنا بوسعه كلما نظرنا في كل الاتجاهات.. فدعنا ننظر نظرة أخيرة على كوكبنا الأزرق، فقلت لها: ما أجمل كوكبنا من بعيد بلونه الأزرق، لكنه مريض وسيتعافى بعد زمن من مرضه .. فتعال نرسم موتنا كلوحة فنية لتحلق الى أزل سرمدي في كون يجذبنا صمته وعتمته منذ غصنا فيه عندما تهنا بين ثقوبه السوداء ذات صدفة غريبة..
——————-
أجمعُ دموعكِ لأشربها حين ترحلين
عطا الله شاهين
أراك تبكين حزنا على رحيلك عن هذه الدنيا ولأنك ستتركينني بمفردي دون حب، فدموعك تسيل بغزارة على وجنتيك.. تنظرين صوبي بصمت.. أفهم من عينيك بأنك راحلة إلى عالم آخر، هناك في سماء بعيدة.. أحزن لرحيلك، وها أنا أجمع دموعك لأشربها حين ترحلين.. فدموعك ستترويني هنا من عطش سرمدي، سأشرب دموعك بتريث حتى أرتوي من ماء عينيك، ولكنني أعدك بأنني سأبكي بكاء شديدا على رحيلك ..
ها أنا أجمع دموعك بكل تمهل، رغم أنني أبكي بحزن على آخر سويعات ستقضينها هنا جالسة على أريكة الحب، فأنت كنت رائعة في تهدئتي من غضب الحياة، كلما انفعلت من أخطاء قهرتني على مر السنين.. كنت تقولين لي كلاما عقلانيا عن مآسي الحياة.. كنت تبكبن على قتل الأطفال في حروب وسخة في بلاد كانت مستقرة، يا لجنون هدوئك، وأنت تسيرين نحو موتك، الذي استعجل بأخذك إلى سماء هادئة ..ها أنا بلا توقّفٍ أجمع دموعك كي أشربها، لأتذكر طعم عينيك، سأرتوي من دموعك، ولكنني سأظل أبكي على رحيلك .. تعدل من جلستها وتقول لن تعطش كلما تذكّرت حُبيّ الوفيّ لك.. أهزّ رأسي لها، وأراها تصمت للأبد.. أبكي عليها، وأحزن على رحيلها.. وأجمع الدموع، التي تسيل على وجنتيها، لأضعها في قنينة رسمتُ عليها وجهها الحزين ودموعها ..