عند انتهاء السنة الدراسية // بقلم الكاتبة جميلة شحادة
تاريخ النشر: 02/07/20 | 8:02خرج تلاميذ المدارس في المرحلة الابتدائية بالأمس ( الثلاثين من يونيو) الى العطلة الصيفية، وقبلهم خرج طلاب المرحلتين، الإعدادية والثانوية. وبالطبع، استقبل الأهل أبناءهم عند عوتهم من المدرسة بسؤالهم لهم وقبل كل شيء، عن شهادة التقييمات (العلامات). وَيا لسعادة الأهل عندما تكون شهادة ابنهم مرضية لهم، بل تزداد سعادتهم عندما ترافق هذه الشهادة، شهادة تقدير مُنحت لابنهم من قبل المدير أو مربي الصف (وهذه هي الموضة الرائجة في السنوات الأخيرة في مدارسنا) لتفوقه في التحصيل الدراسي. عندها، لا يتوانى الأهل عن نشر هذه الشهادات على الملأ وبكل الوسائل المتاحة لهم، وعلى رأسها الفيس بوك وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي.
جميعنا يعلم، ان تفوق الأبناء الدراسي يشغل غالبية أولياء الأمور، الأمر الذي يستدعي لجوءهم إلى اتباع سياسة الضغط على أبنائهم من أجل النجاح والتفوق في دراستهم، متناسين، أو غير مدركين، للتأثير السلبي الذي قد يتركه هذا الضغط على نفسيات أبنائهم. كما أن معظمنا يعلم، ان فترة انتظار الأهل لنتائج أبنائهم يصاحبها الكثير من القلق والخوف من قبل الأهل والأبناء، وهذا أيضا ينعكس سلبا على الجو العام في البيت والأسرة.
وهنا، أسمحوا لي بطرح العديد من الأسئلة. لماذا كل هذا القلق؟ ولماذا هذا الضغط على أبنائنا ليتفوقوا رقميا في دراستهم؟ لماذا جميع أولياء الأمور يطلبون من أبنائهم أن يكونوا أوائل الطلبة؟ لماذا ينشر الأهل شهادات أبنائهم المتفوقين في كل مكان وزمان؟ أي قيم يكسبونها لأبنائهم بنشرهم لشهاداتهم؟ بل لماذا على المدرسة أن تمنح للطلاب شهادات تقدير على التحصيل الدراسي فقط؟ ألا يشفع للطالب الراسب بالعلوم أن يكون خلوقا؟ ألا يشفع للطالب الراسب في الرياضيات أن يكون متفوقا بكرة القدم؟ الا بشفع للطالب الراسب بموضوع التاريخ أن يكون موهوبا بالتمثيل أو الموسيقى أو التقليد وغيره وغيره ؟ ثم ما هو شعور الطالب الذي لم يحصل على شهادة تقدير؟ وما شعوره وشعور أهله عندما يرى شهادات زملائه تزيّن صفحات الفيس بوك والتوتير ولسنتيغرام وغيرهم؟ ثم لماذا يجب أن يخجل الأهل من نتائج أبنائهم؟ هل لأنهم يعتبرون أن هذا الفشل هم المسؤولون عنه؟ أم لأنهم يروْن بأبنائهم الوسيلة التي تحقق لهم ما لم يتمكنوا هم بتحقيقه بأنفسهم؟ هل يريد الأهل أن ينجح ابنهم لنفسه أم لهم وللناس؟ هل الأهل واثقين بطريقة تقييم المدرسة لابنهم؟ هل أصلا تقييم المدرسة للطالب صحيحة؟ هذه الأسئلة، وغيرها كثير ما زال في جعبتي، أضعها أمامكم أيها الأهل الأعزاء، ومعكم المعلمون، وكل صاحب قرار، ليسألها كل منكم لنفسه، لأنه عندها فقط، ستجتهدون للبحث عن إجابات لها.
الأهل الأعزاء!! تذكروا، أن جميعنا يحب أن ينجح ويتفوق أبناؤه في الدراسة، ولكن الأهم من التفوق والنجاح في التحصيل الدراسي، هو صحة وسلامة أبنائنا النفسية. فإذا كنا نحبهم وننشد سعادتهم، فلنتقبلهم ونحتويهم مهما كان تحصيلهم الدراسي، على أن نعمل على مساعدتهم لتطوير قدراتهم المختلفة، وأن ندعمهم ليحققوا مواهبهم وما يصبون اليه، لا أن نحمّلهم ما لا طاقة لهم عليه. كذلك، علينا أن نجنبهم المقارنة مع الآخرين، وأن نكسبهم قيمة التنافس مع أنفسهم، لا مع الآخرين. وأن نجاحهم هو لهم، وليس للآخرين. وان عليهم أن ينجحوا ويتميزوا بما يحبون، ولأنهم يرغبون في ذلك، لا لكي يباهون به الآخرين. وكما قال آينشتاين: ” يجب أن يكون الهدف من التربية، هو أن نخلق أفرادا متفوقين في الإستقلالية، والتفكير والعمل ويروْن بالعطاء وخدمة الناس، المهمة الرئيسية لحياتهم”.
الأهل الأعزاء!! مع خروج ابنائكم، بل أبنائنا جميعا، الى العطلة الصيفية، أتمنى لكم ولجميع الطلاب والمعلمين والمعلمات وكل العاملين في جهاز التربية والتعليم، أن تكون هذه العطلة، عطلة ممتعة وآمنة. فالعطلة الصيفية هي إحدى الفترات التي ينتظرها الكثيرون طوال العام، وذلك للاستراحة من التعب والإرهاق الذي يتعرض إليه الفرد طوال السنة، فأرجوها فرصة للراحة ولتجديد الطاقات، و لممارسة الهوايات والمواهب، وأن يتبع الجميع وسائل الحذر لتفادي مخاطر الشمس والحوادث البيتية والغرق وحوادث الطرق.
تمتعوا بعطلتكم، واستغلوها أفضل استغلال، وعودوا بعدها الى مدارسكم بسلام ونشاط. وكل عام والجميع بألف خير.
*************
بقلم الكاتبة، جميلة شحادة // الناصرة