دول الطوق وقطر سبقوا الإمارات
تاريخ النشر: 16/08/20 | 9:22بقلم: الإعلامي محمد السيد
في نظرة تاريخية نرى ان الأنظمة العربية رفعت شعار اللاءات في وجه الصلح والتطبيع مع اسرائيل منذ نكبة العام ١٩٤٨ ، وظلت على موقفها الى ان احتلت اسرائيل الأراضي الفلسطينية بالكامل ومرتفعات الجولان وشبه جزيرة سيناء عام ١٩٦٧، وقد حاولت تلك الأنظمة الظهور أمام شعوبها كرافضة للإحتلال وسخرت كل امكاناتها في سبيل ذلك ، ودفعت الشعوب ثمن تلك الشعارات ورزخت تحت الدكتاتورية وكم الأفواه والقمع بذريعة ديمومة الصراع الوهمي مع اسرائيل ، الا انها كانت عاجزة حتى عن صد الهجمات الإسرائيلية التي لم تتوقف حتى يومنا هذا دون رد عدا عن المقولة المعتادة “سيأتي الرد في المكان والزمان المناسبين” ، ان لم يكن بعضهم فكر بعد النكسة بالإستسلام ، الى أن جاءت حرب اكتوبر ١٩٧٣ والتي كانت نتائجها التوجه للإعتراف بإسرائيل وابرام معاهدات سلام بينها وبين العرب ، وفي خضم الحروب كانت هناك اتصالات للتسوية مع اسرائيل ، في محاولة لإسترداد اراضيهم المحتلة ، فكانت البداية مع كبرى الدول العربية جمهورية مصر العربية التي وقع رئيسها انور السادات اتفاق كامب ديفيد مع رئيس وزراء اسرائيل مناحيم بيقن بوساطة الرئيس الامريكي جيمي كارتر ، وبموجب تلك المعاهدة استردت مصر شبه جزيرة سيناء من الإحتلال الإسرائيلي ، ولم تزل معاهدة السلام قائمة بين البلدين.
ثم وبعد سنوات طويلة وقعت منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاق اوسلو ولم تتمكن من استرداد ما جاء في اقتراح كامب ديفيد بين مصر واسرائيل الذي نص على انسحاب اسرائيل من الأراضي المحتلة عام سبعة وستين ومنح فلسطين حكماً ذاتياً ، ولم تزل اسرائيل تحتل أجزاءً من الضفة ، وكانت تعتزم ضم هذه الأجزاء لسيادتها وتقويض حلم إقامة الدولة الفلسطينية وفق صفقة القرن.
ثم وقعت في وادي عربة معاهدة السلام بين اسرائيل والمملكة الأردنية الهاشمية.
وفي خضم المفاوضات بين منظمة التحرير واسرائيل أقدمت قطر على فتح مكتب تمثيل لتل ابيب في الدوحة ومكتب لها في اسرائيل ، واعتبر ذلك أول تمهيد للتطبيع بين الخليج واسرائيل التي قام العديد من قادتها بزيارة قطر علناً رغم امتعاض القيادة الفلسطينية من تسارع وتيرة التطبيع بين قطر وإسرائيل قبل اتمام الإنسحابات الإسرائيلية من الضفة ، وهذا ما اعتبره الفلسطينيون في حينة طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني.
الضعف العربي والهرولة نحو التطبيع مع اسرائيل ليست وليدة اليوم ، إنما بدأت منذ سنين ، وكانت مبادرة السلام العربية التي أقرت في قمة بيروت عام ٢٠٠٤ تحدثت عن التطبيع الكامل بين كافة الدول العربية واسرائيل مقابل الإنسحاب من الأراضي المحتلة ، لكن اسرائيل ماطلت في الموافقة عليها.
بعد تلك المبادرة تجذرت ثقافة التطبيع مع اسرائيل ، وما جرى من اتصال ثلاثي بين نتنياهو ، ترامب ، والشيخ محمد بن زايد فهو ليس مفاجئاً البتة ، ويرى الإماراتيون في هذه الخطوة انقاذ للفلسطينيين من مخطط الضم الذي كان من المفترض البدء به في مطلع آب الماضي ، لكنه تأجل تزامناً مع المقال الذي نشرته صحيفة يديعوت احرونوت الإسرائيلية للسفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة والذي طالب فيه بوضوح بوقف مخطط الضم واقامة دولة فلسطينية لتتمكن الدول العربية من التقدم في السلام.
التقارب العلني الذي جرى مع سلطنة عمان والذي توج بزيارة رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو الى مسقط ولقاء المرحوم السلطان قابوس بن سعيد والإتصالات مع البحرين ومشاركة وفد اسرائيلي رفيع في مؤتمرات دولية في المنامة واللقاء الذي جمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع رئيس مجلس السيادة الإنتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان وبالأساس مع قطر اول دولة خليجية تفتح ابوابها لإسرائيل ، جعل غالبية الدول العربية تسعى للسباق المجاني نحو اسرائيل.
دولة الإمارات العربية المتحدة وكافة دول الخليج وقفت على الدوام الى جانب الشعب الفلسطيني ولا يمكن إخفاء بصماتها الخيرية الموجودة في كل زاوية من زوايا فلسطين ، واليوم نريد منها كدولة شقيقة أن تجعل اسرائيل تأخذ ببنود مبادرة السلام العربية وتوقف صفقة القرن بما لها من ثقل عالمي كبير سيساهم في دفع عجلة السلام وتحقيق حلم الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.
إننا لا يسعنا إلا أن ندفع نحو السلام في منطقة الشرق الأوسط ونعزز دورنا في هذا السلام مع أشقائنا العرب مع الحفاظ على الثوابت وفي مقدمتها إنهاء الإحتلال وتقرير المصير للشعب الفلسطيني.
على أي حال فإن حالة التراجع العربي والدمار الذي حل بدولهم وتشبث الأنظمة بالسلطة وقمع الشعوب وتشريدها وكبت الحريات ساهمت في انهيار الثقة بالحكام ، ومثل هكذا حكام او منظمات تعودت على الشعارات الجوفاء لا يمكنها اليوم ان تتهم احداً بالخيانة .