الكتابة للأطفال الذين هم أملنا لمستقبل أجمل وأفضل!
تاريخ النشر: 28/08/20 | 11:53د. محمود أبو فنّه
أدعو للاحتفاء بالأطفال والعناية بهم والكتابة لهم، لأنّهم هم أملُ الغد، وبناةُ المستقبل الزاهر المشرق لأمّتنا الخالدة!
وكلّ من قرأ كتاب “النبيّ” لجبران خليل جبران لا بدّ أنّه أعجب بعبقريّة جبران وآرائه وأفكاره التي تضمّها هذا الكتاب الرائع المشهور عربيًّا وعالميًّا.
وما زلتُ أردّد ما كتبه جبران عن الأولاد/الأبناء، حيث يقول:
”أولادُكم ليسوا أولادًا لكم
أولادُكم أبناءُ الحياةِ المشتاقةِ إلى نفسِها:
بكم يأتون إلى العالم، ولكن ليس منكم.
ومع أنّهم يعيشون معكم، فهم ليسوا مُلكًا لكم.
أنتم تستطيعون أن تمنحوهم محبّتَكم، ولكنّكم لا تقدرون أنْ تغرسوا فيهم بذورَ أفكارِكم، لأنَّ لهم أفكارًا خاصةً بهم.
وفي طاقتِكم أن تصنعوا المساكنَ لأجسادِهم،
ولكنَّ نفوسَهم لا تقطنُ في مساكنِكم.
فهي تقطنُ في مسكنِ الغد، الذي لا تستطيعون أنْ تزوروه حتّى ولا في أحلامِكم.
وإنّ لكم أن تجاهدوا لكي تصيروا مثلَهم،
ولكنّكم عبثًا تحاولون أن تجعلوهم مثلَكم.
لأنَّ الحياة لا ترجعُ إلى الوراء، ولا تلذّ لها الإقامةُ في منزلِ الأمس”
ويقول نزار قبّاني مخاطبًا الصغار في قصيدته: “على هوامش النكسة”:
يا أيّها الأطفال
يا مطرَ الربيع، يا سنابلَ الآمال
أنتم بذورُ الخصبِ في حياتنا العقيمة
وأنتم الجيلُ الذي سيهزمُ الهزيمة!
ويعلّل الشاعر السوريّ سليمان العيسى دوافع كتابته للأطفال الصغار:
” لأنّهم فرحُ الحياة، ومجدُها الحقيقيّ، لأنّهم المستقبل. لأنّهم الشبابُ الذي سيملأ الساحةَ غدًا أو بعد غد…”
أمّا غايةُ الأديب اللبنانيّ سماح إدريس من كتابته للأطفال فهي:
“لا نريدُ أن نخلقَ أطفالا على شاكلتنا، أو ننتجَ صورًا طبق الأصل منا، وإلا ستنتهي تلك الصورُ إلى نفس النهايات التي انتهينا نحن إليها.
ورأسُ المنظومة القيميّة عندي بالأساس هي محاولةُ خلق “وعي نقديّ” لدى الطفل، وأعتقد أن علينا أن نسلّح الطفل بها”.
أمّا أنا – محمود أبو فنه – فرأيي في أدبنا للأطفال ما يلي:
أدب الأطفال يحتاج إلى الموهبة أوّلا، ثم سعة الاطّلاع والممارسة!))
أتابع ما يصدر من أدب للأطفال الأصيل باللغة العربيّة، ويحزّ في نفسي هذا التهافت
للأطفال؛ على الكتابة والنشر من العديد الذين لا يمتلكون الموهبة الأدبيّة للكتابة
الفكرة وحدها، أو القيمة الاجتماعيّة أو الإنسانيّة …، أو كون أبطال القصّة
من الأطفال، أو استخدام السجع، أو إدراج حوار بالعاميّة، أو.. كلّ ذلك لا يشفع
لمن لا يمتلك الموهبة الأدبيّة!
أحيانًا كثيرة لا نعرف الشريحة العمريّة التي يتوجّه إليها الكاتب، كذلك
تأتي اللغة والألفاظ بعيدة عن معجم الطفل، وأحيانًا يطغى الوعظ المباشر
التقريريّ، وأحيانًا الأحداث غير مترابطة، والحبكة غير مشوّقة، والشخصيّات
غير مُقنعة، وقد تكون شخصيّات “سلبيّة” تنتظر الحلول من الكبار البالغين،
أمّا الرسومات فقد تكون بعيدة عن الفنّ والجماليّة…ناهيك عن الأخطاء اللغويّة
في الشكل أو الإملاء أو النحو..
لنتذكّر الكتابة للأطفال ليست سهلة، وقد تكون أصعب من الكتابة للكبار البالغين!
متى يعي الكتّاب والنقّاد أن أدب الأطفال والفتيان هو أوّلًا وقبل كلّ شيء أدب
مثله مثل أدب الكبار البالغين، ويجب أن تتوفّر فيه المعايير الأدبيّة الفنيّة الجماليّة،
ثمّ لا مانع أن نستشفّ منه بعض القيم السامية، شريطة الابتعاد عن الوعظ المباشر!)).
بوركتَ استاذنا الكبير د. أبو فنّة …
لا فُضّ فوك .
لقد أجدْتَ أيّما إجادة ووضعت اصبعك على الجرح.
أجمل التحايا من الجليل.
شكرًا على هذا التعقيب المؤازر،
خاصّة كونه من أديب يكتب للأطفال.