عندما يعود الشهيد محلقًا في سماء الوطن !
تاريخ النشر: 31/08/20 | 8:52بقلم : سري القدوة
عندما تحلق روح الشهداء في سماء الوطن وتعود انشودة فجر الحرية لتنشر الفرح والحب والحياة ويعود الشهيد مبتسما، فاعرف ان هذا المكان والزمان هما في فلسطين، وان هذه الارض التي ارتوت بدماء الشهداء هي ارضنا، فنحن من يمتلك الزمن ومن يمتلك الارض ومن يمتلك اللحظة، وهم مجرد سراب، وهم اصلا خارج الزمن، لا يعنون شيء لهذه الارض، سوى انهم من احتلوها بقوة السلاح ويفرضون انسفهم بالاتهم العسكرية ورصاصهم القاتل، اما نحن نملتك ابتسامة الشهيد الذي كتب اروع صفحات العطاء ورسم بدمائه الطاهرة معالم الطريق للأجيال، ويعود مجددا محمولا على الاكتاف، وكأن لسان حاله يقول هذا هو طريق الحرية فلا تحيدوا عنه، وهذا هو درب الاحرار فلا تبعدوا عنه، وتمسكوا به فان النصر ات، ولا يمكن مهما استمرت هذه المأساة الا وان تنتهي فصولها وتسجل صفحات الانتصار وتشرق شمس الحرية على فلسطين الدولة المستقلة.
حقا عاد الشهيد ليروى للأجيال قصة النصر وليكتب اروع صفحات العطاء عاد محمولا على الاكتاف في مشهد مهيب تهتز له الابدان وتصمت النفس البشرية امام عظمة هذا الحدث التاريخي، وليؤكد تلك الرسالة الخالدة بان فلسطين والأردن هم روح واحدة، ووطن واحد، وشعب واحد، لا يمكن للاحتلال مهما تعالت وتعاظمت مؤامراته ان ينال من هذا التصميم وهذه القوة وهذا الايمان المطلق بحتمية الانتصار والاستعداد الدائم للتضحية وقوة الارادة الشعبية التي جسدت المشهد في وداع الشهيد، اغلى ما نملك من قيم انسانية وروحيه والتي تجلت في تلك الدموع التي تسربت امام عدسات الكاميرات ولم يتمكن احد من اخفائها، فعبرت عن معاني الخلود وعظمة العطاء والإصرار على مواصلة مسيرة الشهداء .
الشهيد الجندي الاردني جاء الي فلسطين المحتلة ليشارك بالدفاع عن القدس وحمايتها ولكن كانت رصاصات الحقد الاعمى القاتلة ليغيب عن المشهد، ولكن قوة الحق كانت اقوى وأعظم من الهروب والتستر على تلك الجرائم لينهض الشهيد من قبره ويعود برسالته ويعبر عن رفضه لكل تلك المؤامرات وليحاكم الاحتلال على هذا الجرم البشع، ويسجل على راس الصفحة الاولي انا عربي انا ابن لهذه المرحلة، ولتكون رسالته للأجيال ان فجر الحرية ستشرق مهما طال الزمن، فاستمروا ولا تجعلوا اليأس يتسرب الى نفوسكم، فأنتم اصحاب الحق وستنتصرون .
ان الجندي المجهول استشهد في العام 1967، عقب إطلاق النار عليه من قبل قوات الاحتلال وإعدامه بشكل مباشر ليتم دفنه بالقرب من بلدة بيتا جنوب نابلس، ولم تعرف هويته بعد وفي توثيق لهذه الجريمة افاد عدد من المواطنين بشهادتهم التاريخية ان مركبة عسكرية تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي انزلت شابا وأطلقت عليه النار مقابل التلة بعد احتلال الضفة الغربية بأيام وبقي الشهيد في الموقع عدة أيام قبل أن يتم دفنه من قبل المواطنين بالقرب من مكان استشهاده .
وشارك في التشييع بمشهد مهيب لا يمكن ان ينسى نائب رئيس هيئة الأركان الجيش العربي الأردني العميد الركن عبد الله شديفات، وسفير الاردن في فلسطين محمد أبو وندي، ومحافظ نابلس إبراهيم رمضان، وممثلون عن الفعاليات الوطنية والرسمية والشعبية في فلسطين وقد عبر هذا الحدث عن وحدة الدم الواحد بين الأردن وفلسطين وأن الشعب الفلسطيني لن ينسى تضحيات ومواقف الاردن قيادة وشعبا تجاه الدعم المستمر والمطلق وحماية الاراضي المقدسة والقضية الفلسطينية .