السنة الدراسية تحت مجهر العالم الافتراضي او الواقعي؟
تاريخ النشر: 10/09/20 | 7:40مقدمة,مع بداية السنة الدراسية منذ اسبوع ونشاهد بلبلة قوية جدا في اليات واتخاذ قرارات في كيفية التعامل مع جائحة الكورونا والتي تجتاح وسطنا العربي بضربة قوية التي أدت الى شلل جميع المؤسسات التربوية !؟, وانتقالنا السريع لأسلوب التعلم عن بعد والذي كتبت عنه مقالات عديدة في الأشهر الماضية حيث شملت ارقام ومعلومات وتوصيات لتقليل قوة الضربة وذلك نابع من معرفتي العميقة للحقل .
على الرغم من الصعوبات المتنوعة الا ان وزارة المعارف وعلى مدار الشهرين الأخيرين قامت بفتح استكمالات كثيرة ومتنوعة لكيفية تطوير ودمج الأدوات الرقمية في التعليم عن بعد وحسب احصائيات شارك بها اكثر من 52628 من مجموع كلي 181654 معلم أي ما نسبته %30 والتي أقيمت بمبادرات معظم مراكز تطوير كوادر المعلمين (بيسجا) ومن خلال برامج خاصة للمعلمين في الالوية حيث شملت جميع المراحل التعليمية عربا ويهودا والتي ستضاعف عددها بشكل كبير في الأيام القريبة نر هنا قوة ومدى نجاعة الوزارة وخاصة قسم التطوير المهني في بلورة خطة سريعة لتفادي الازمة بشكل سريع ومدروس ضمن طاقم من المحاضرين والمختصين في مجال الحوسبة والتعلم الرقمي ..
ان النسبة العالية جدا خلال بضع اشهر تعكس مدى تعطش ورغبة المعلمين في فهم العالم الافتراضي الجديد وجعلهم احد سكان هذا العالم الافتراضي، رغم مواجهتهم لكثير من المعيقات والصعوبات المادية , المهنية والتقنية والتي بدورها ستكون حجر زاوية في التطور المهني للمعلم في السنوات القادمة حتى بعد انتهاء جائحة .
سأتطرق في مقالي عن مفهوم التعلم الافتراضي من وجهات نظر ومفاهيم مختلفة.
أدى استخدام شبكة الإنترنت في التعليم إلى تطور مذهل وسريع في العملية التعليمية كما أثر في طريقة أداء المعلم والمتعلم وإنجازها في غرفة الصف، فاستخدام الأنظمة المتعددة في الإنترنت سوف يغير الطريقة التي تؤثر بها التكنولوجيا في الحياة والعمل وسوف توفر للمتعلمين القدرة على الاتصال مع المدارس والجامعات ومراكز الأبحاث والمكتبات وغيرها وتساعدهم على نقل ونشر المعلومات، من أجل تحقيق مستوى عال وفعال من الاتصال والتفاعل بين مصدر المعلومة والمتعامل معها. وإن كان التعلم الافتراضي هو أحد تلك الأنظمة المتعددة التي تعتمد على التكنولوجيا فإنها أيضا تعتبر الحل الأمثل لبعض المعوقات التي تواجه نظام التعليم التقليدي عن طريق توفير الإمكانية التي تساعد المتعلم على الحصول على البيانات والمعلومات والتواصل والتدريب من خلال شبكة الإنترنت.
ما هو التعلم الافتراضي؟
اتفقت دراسة سالم (2018) على أن التعلم الافتراضي هو طريقة لإيصال العلم وللتواصل والحصول على المعلومات والتدريب عن طريق شبكة الإنترنت، وهذا النوع الحديث من التعلم يقدم مجموعة من الأدوات التعليمية المتطورة مثل البريد الإلكتروني وإنشاء المواقع للمقررات الدراسية التي تستطيع أن تقدم قيمة مضافة عن التعليم المقدم بالطرق التقليدية. علاوة على ذلك يستطيع الطالب من خلال التعلم الافتراضي الحصول على قدرة أكبر في التحكم فهو يتعلم على حسب قدراته ورغباته واستعداداته وأيضا معرفته السابقة، حيث أنه مصمم على أساس المحتوى النوعي وآلية تقديم المادة على النحو الأفضل بما يتناسب تماماً مع المحتوى، وهذه العلاقة المطردة تجعل هذه التجربة دائمة التطور فكلما زادت التجربة تحسن الأداء وتحسنت النتائج. كما يؤمن التعلم الافتراضي خيارات متنوعة من التعلم لطلابها، مع مناهج منتقاة من أرفع الجامعات العالمية المعترف بها دولياً، وهذا تدعمه مجموعة من التجمعات الافتراضية الخاصة من الأساتذة الجامعيين والعلماء الدارسين في العالم الذين سيضيفون العنصر الثقافي الخاص بمجتمعاتنا على المحتوى العلمي العالمي، حيث تقدّم الجامعات الافتراضية فرصة الحصول على اختصاصات جامعية معتمدة من خلال مصادر جامعية متعددة عبر العالم أينما كنت وفي أي وقت.
كما أضافت دراسة Valencia (2018) أن التعلم الافتراضي عبارة عن “خلق منصات تعليمية افتراضية تحقق دمج التكنولوجيا في المجال التعليمي من أجل تعزيز عملية التعلم وتعزيز العلاقة بين المحتوى وطريقة الحصول عليه باستخدام الأدوات التكنولوجية مثل الكمبيوتر، الهاتف الخلوي، الكمبيوتر اللوحي، وأيضا من أجل تحقيق التفاعل بينهم”.
المتعلم افتراضيا
أوضحت دراسة أبو فخر (2012) معنى المتعلم افتراضيا على انه الوكيل الافتراضي (Virtual Agent) الذي يحل محل الطالب في الجلسات التعليمية عند عدم تمكنه من حضورها، أو رفيق الدراسة الافتراضي، (Virtual Companion)، وهؤلاء في الحقيقة ليسوا طلابا ولا رفقاء حقيقيين، فالطالب أو الرفيق الافتراضي هنا عبارة عن برنامج إرشادي وتعليمي ذكي يتفاعل معه الطالب الحقيقي، فبدلا من اختيار طالب حقيقي يمكنه اختيار طالب افتراضي يتشارك معه في الوصول إلى حلول للمشكلات، ويتبادل معه الأدوار. كما أضافت دراسة سالم (2018) مجموعة من أدوار المتعلم في بيئة التعلم الافتراضي:
1. يفكر باستقلالية كاملة ولديه القدرة على التصور والتخيل والاتصال والتفاعل مع المجتمع.
2. ينمو ذهنيا بطريقة تؤكد اكتساب مهارات التفكير الإبداعي والتفكير الناقد، قادر على فهم واستيعاب استراتيجيات التفكير.
3. يستطيع الوصول إلى المعلومة بنفسه ويستطيع التفاعل مع المواقف التعليمية المختلفة من حيث التخطيط، والمتابعة والتوجيه، والتقويم.
4. لديه طموح للتعلم والتميز فيه وهو ما يتطلب امتلاكه مهارة التنظيم الذاتي للتعلم.
المعلم افتراضيا
اتفقت دراسة سالم (2018) في تعريف المعلم افتراضيا على أنه هو الذي يتفاعل مع المتعلم إلكترونيا، ويتولى أعباء الإشراف التعليمي على حسن سير التعلم، وقد يكون هذا المعلم داخل مؤسسة تعليمية أو في منزله، وغالبا لا يرتبط هذا المعلم بوقت محدد للعمل وإنما يكون تعامله مع المؤسسة التعليمية بعدد المقررات التي يشرف عليها ويكون مسؤولاً عنها وعدد الطلاب المسجلين لديه. وقد أضافت الدراسة مجموعة من أدوار المعلم في بيئة التعلم الافتراضي على النحو التالي:
1. قادر على تشغيل واستخدام أجهزة الحاسب الآلي.
2. قادر على تعليم المبادئ الحاسوبية.
3. يحسن استخدام الحاسوب في جمع المعلومات ومعالجتها وعرضها.
4. قادر على تصميم أنشطة الطلاب الكترونيا.
5. قادر على استخدام الوسائل المتعددة والفائقة لدعم عمليات التعلم.
كيف أصبح التعلم الافتراضي ضرورة حتمية في عصر الرقمنة؟
ازداد الاهتمام والطلب في دول العالم في السنوات الأخيرة على ما يسمى بالتعليم الافتراضي Virtual Learning حيث أصبح هناك العديد من المؤسسات التعليمية التي تطرح مساقات للتعليم عن طريق الإنترنت كخيار بديل عن المساقات العادية، مثل الجامعات الافتراضية Virtual Universities التي تعتمد بالكامل على التعليم الإلكتروني الذي تقام المحاضرات فيه عن بعد في غرف افتراضية على الإنترنت.
ولعل هذا الأسلوب في التعليم في العالم العربي ما هو إلا تطور لنظام التعليم عن بعد الذي بدأ منذ عقود عن طريق الانتساب والجامعة المفتوحة، فقد تخرج من هذا النظام في السابق عشرات الآلاف من الطلاب الطامحين إلى تحسين أحوالهم ورفع مؤهلاتهم الأكاديمية مع عدم قدرتهم على التخلي عن الوظيفة في بلدانهم. كذلك الزيادة المضطردة في أعداد السكان – المستفيدين – في مقابل محدودية السعة الاستيعابية للمؤسسات التقليدية ورغبة بعض المعلمين في تقليل نفقات العمل مما أوجد أشكالا جديدة من المعلمين الراغبين في العمل من منازلهم عوضا عن العمل من خلال المؤسسات الرسمية للتعليم، وأيضا ظهور التطورات المتسارعة في ميدان تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والاهتمام المتزايد بالمعرفة مما زاد من قاعدة المستهلكين لها وتوزع أماكنهم الجغرافية مما يصعب على المؤسسة التقليدية خدمتهم جميعا. كل هذه العوامل رسمت الملامح الأساسية للتعلم الافتراضي (الجهني،2011) ، فالتعلم الافتراضي لا يوفر فقط المواد التعليمية عن طريق الإنترنت، وإنما المحاضرات التي يلتقي فيها الطلبة بالمحاضرين أنفسهم، إضافة إلى فرص تقديم الواجبات والاختبارات.
هناك العديد من مميزات هذه التقنية الجديدة، التي تعتمد بشكل رئيسي على إمكانيات الطالب نفسه وعلى قدرته في البحث بجهوده الشخصية عوضا عن الاعتماد الكامل على المدرسين، كما أنها تتيح الفرصة للكثيرين منهم، وتحديداً للإناث اللواتي يجدن صعوبة في ترك بيوتهن نظراً لالتزاماتهن العائلية.
اتفقت دراسة (أبو فخر، 2012) ودراسة (2016) Khlaisang & Chanprasitchai ودراسة (عطية، 2013) على طرح مجموعة أخرى من خصائص التعلم الافتراضي جعلت منه أحد وحدات التحول الرقمي مثل:
1. يزيد في فرص التعلم للجميع ولاسيما المتعلمين المهمشين والمعوقين والمحرومين من التعليم النظامي.
2. يستخدم التعلم الافتراضي في المحاكاة والتدريب من خلال ممارسة تجارب يصعب على المتعلم ممارستها في الواقع مثل التجارب المعقدة والخطرة والتدريب على الطيران المعقد أو قيادة السيارة في شوارع مزدحمة أو عيادات افتراضية للمصابين بالأمراض المعدية.
3. يتميز التعلم الافتراضي بمرونته في التعلم المتزامن، أي في الوقت نفسه الذي يجري في الواقع، والتعليم غير المتزامن، أي المسجل بآلة تسجيل سمعية بصرية ويسمعها المتعلم على حسب ظروفه، وكذلك في اختيار المواد التعليمية المناسبة لحاجات المتعلم.
4. يتم التعلم الافتراضي بطريقة تفاعلية بين المتعلم والمعلم الافتراضي، أو معا بطريقة الحوار بينهما، وهذا الحوار ضروري لكل تعلم ذاتي.
5. يقلل التعلم الافتراضي من فرص هجرة العقول الشابة من بلدانها بحثا عن الجديد في المعرفة الذي تفتقر له دول عديدة في العالم، ويمكن ربط هذه التقنية بجامعات عدة مما يزيد من فرص الاستفادة القصوى من الخبرات المتنوعة التي تمتلكها هذه الجامعات.
6. لا يتطلب التعلم الافتراضي من وجود قاعات دراسية تقليدية بل قاعات افتراضية يمكن أن تضم عددا غير محدود من الطلبة.
معوقات التعلم الافتراضي
كما اتفقت بعض الدراسات الحديثة على مجموعة من معوقات للتعلم الافتراضي يمكن توضيحها فيما يلي:
1. المعوقات المادية: مثل قلة أجهزة الحاسوب وتغطية الإنترنت وبطء سرعتها، وارتفاع سعرها.
2. المعوقات البشرية: لأن عدد المعلمين الذين يجيدون “فن التعلم الإلكتروني” واستخدام الإنترنت محدود، وأنه من الخطأ التفكير بأن المعلمين جميعهم يستطيعون أن يساهموا في هذا النوع من التعليم.
3. التكلفة الكبيرة لشبكة المعلومات بالإنترنت والتعلم الافتراضي وتوفير النماذج الافتراضية.
4. صعوبة نظام التقويم والاعتمادية أو حرية التحول من كلية إلى أخرى.
5. قلق المدرسين من البطالة بسبب التعلم بالحاسوب تعلما ذاتيا.
6. الحاجة إلى مزيد من التحضير والتصميم والتطوير في بيئة افتراضية مفتوحة قبل البدء في الدراسة.
7. صعوبة إعداد مادة علمية جيدة.
8. قد تظهر مشكلات في معادلة الشهادات الممنوحة لخريجي الجامعات الافتراضية.
على اعتبار أن التعلم الافتراضي هو النوع من التعلم الذي يعتمد على استخدام الوسائط الإلكترونية في الاتصال، واستقبال المعلومات، واكتساب المهارات، والتفاعل بين المتعلم والمعلم وبين المتعلم والمدرسة وربما بين المدرسة والمعلم، فالنظرية التي تم استخدامها طبقا للتعلم الافتراضي هي البنائية التي تؤكد على اعتماد المتعلم على المصادر والمعطيات والمواد التي يجري التعامل معها حيث يصرف المتعلم بشكل عام بطريقة تفاعلية وبطريقة تسمح بالتعلم الذاتي والتعلم التعاوني (الرشيدى،2016).
بعض التوجيهات والتوصيات لاستخدام التعلم الافتراضي
أشارت دراسة Kibaru (2018) إلى مجموعة من الاقتراحات لتحسين التعلم الافتراضي:
• تعزيز التميز في التدريس من خلال بناء مواد ومناهج تعليمية إلكترونية.
• تحسين حجم الفصل الافتراضي.
• تحسين عملية اكتساب واستخدام تقنيات التعليم والتعلم.
• تطوير الاستخدام الاستراتيجي للبيانات.
• تدريب المدرسين وزيادة كفاءتهم.
• توفير بنية تحتية ذات جودة عالية من حيث الأجهزة والدعم الفني
الأستاذ احمد محاجنه – محاضر بالتقويم البديل, البدجوجيا الحديثة والتنمية البشرية ومستشار تنظيمي
المعلومات اقتبستها من مواقع مختلفة مع إضافة فكري الخاص.