أمسيات ثقافية بساحة البيت القديم في الرامة
تاريخ النشر: 14/09/20 | 12:06ضمن ثلاث أمسيات بدعوات خاصة، وتقسيم زمني وقّعت الكاتبة نسب أديب حسين إصدارها المشترك مع والدها المرحوم د. أديب القاسم حسين “الرامة… رواية لم تُروَ بعد (1870-1970م)”، في ساحة البيت القديم متحف د. أديب حسين في الرامة، مع الحفاظ على الشروط العامة للوقاية من فيروس كورونا مساء يوم الجمعة ويوم السبت 11و12 أيلول 2020. هذا الإصدار الصادر عن متحف البيت القديم – متحف د. أديب القاسم حسين في الرامة، ودار طباق للنشر والتوزيع في رام الله، هو موسوعة تاريخية اجتماعية، تقع ضمن 640 صفحة من القطع الكبير، تتناول الرواية الجمعية لقرية الرامة، على مرِّ قرن من الزمن من فترة التنظيمات العثمانية 1870 وحتّى عام 1970 بُعيد نكسة حزيران.يُقدّم الكتاب المقسّم إلى ثلاثة فصول، الرواية من عدّة جوانب، فيبحث الفصل الأول فترة 1870-1947م، شاملا التفصيل التاريخي الاجتماعي لجوانب ال حياة اليومية المختلفة مثل (الجانب التاريخي، العمراني، الإداري، الاقتصادي، الطبي، التعليمي، الثقافي، الاجتماعي) مرفقة بالصور والوثائق. كذلك يخصص مبحثًا لإيراد قصص وأشعار شعبية وحكايا ونوادر من ذاكرة القرية لهذه الفترة، ولا يغفل عن تناول بعض ملامح الحياة اليومية الأخرى مثل الملابس، الأعياد، الأعراس… إلخ، أو الأحداث التاريخية المهمّة التي مرّت في القرية حتّى عام 1947.
فيما يتخصص الفصل الثاني بالأحداث السياسية المهمّة وأثرها على السكان والمكان، دامجًا بين الرواية الخاصة لصاحبي الكتاب والرواية الجمعية. فيُقدم هذا الفصل بأسلوب أدبي روائي موثّق بحثيًا، احتلال الرامة عام 1948 من قبل القوات الإسرائيلية، وأبعاد ذلك على الفترات اللاحقة. بطرح فترة الحكم العسكري، ونشوب معركة الزيت في اذار 1952 التي انتفض فيها سكان الرامة على احتكار بيع زيتهم من قبل الإسرائيليين. كذلك يطرح هذا الفصل تهجير سكان قرى إقرث وكفر عنان وفراضية إلى الرامة، ومصير أسرى الرامة وبعض اللاجئين من أبنائها، ودور أبنائها من الطائفة الدرزية في مقاومة السياسات الإسرائيلية ضد طائفتهم. يتمّ اختتام الفصل باختتام الرواية الشخصية من سيرة د. أديب القاسم حسين (1929م-1993م). وتحت عنوان “نسب الرامة” يأتي الفصل الثالث، ضمن ما يقارب 300 صفحة مقدما أشجار نسب العائلات استقرت في الرامة حتّى عام 1948. يُفتتح هذا الفصل بمقدمة عن علم الأنساب، مبينًا بعض الصعوبات التي واجهت هذا الجزء الذي وضعه د. أديب ورحل قبل إنجازه، ونسبية المعلومات الواردة، فبعض العائلات ترد معلومات عن فترة انتقالهم الى الرامة وأصول التسمية، وجداول بسنوات ولادة و وفاة أجدادهم، فيما قسمٌ يقتصر على إيراد أشجار النسب، إذ اعتمد هذا على المعلومات التي تمكّن الباحث من الوصول إليها ومدى تعاون السكان معه.
ملحق بالكتاب أربعة ملاحق، تشمل العديد من الوثائق التي اعتمد عليها البحث، بالإضافة إلى الكثير من الصور واللوحات، الواردة في الكتاب الموثقة والمرافقة لوقائعه وأحداثه. يشكّل هذا الكتاب الموسوعي وثيقة تاريخية وإضافة مهمّة لمكتبتنا الفلسطينية، بعد أن انطلق شعاع فكرته الأولى في مخيلة د.أديب القاسم حسين قبل أربعين عاما، وعمل جامعا الوثائق ومحققًا أشجار نسب عائلات الرامة طيلة 13 عاما حتّى وافته المنية في 28/9/1993، دون أن يتمّ هذا الحلم. فقامت ابنته الكاتبة نسب منذ ثلاثة أعوام، بتوسيع هذا المشروع البحثي، لتكتب الفصلين الأول والثاني من الكتاب، معتمدة على ما جمع والدها من معلومات، وعاقدة أكثر من ستين مقابلة مع سكان القرية، وباحثة عن أدبيات وأرشيفات أخرى عن قريتها، لتبعث هذا العمل إلى النور.في حفلات التوقيع تحدثت الكاتبة نسب عن الصعوبات الكبيرة التي واجهتها لإتمام هذا الإنجاز، وإلى التجربة الفريدة، والذاكرة الجميلة التي منحتها إياها فترة كتابته. ونوّهت إلى الدور المهم الذي لعبه كلّ من تعاون معها في جمع المعلومات أو المراجعة والتحرير، مقدمة دروعًا تكريمية لمن كرسوا جهدًا مميزًا وتعاونًا كبيرًا.
هذا وأشارت في افتتاحياتها المختلفة لحفلات التوقيع إلى أهمية المحبة والعلاقات الاجتماعية القوية، التي جمعت بين سكان الرامة على مختلف طوائفهم، ممّا ساعد بالنهوض بهذه القرية، ووقفت متماسكة أمام الكثير من الأحداث المصيرية، وخصوصًا نكبة عام 1948، وأهمية احياء الكثير من العلاقات لتكون رسالة للجيل الناشئ. وإلى دور الذاكرة في مقاومة تغييبها وبناء هوية جديدة بعيدة عن الجوهر، وإلى دورها في تعزيز الارتباط بالمكان والانتماء. كذلك الى التحديات الكثيرة التي تواجه الكاتب الفلسطيني المثقف، وهو يواجه التحديات الخاصة والعامة، ويبذل ما في وسعه للدفاع عن قضاياه الكثيرة والمتشعبة. وقدم في الأمسية كل من الناقد د.نبيه القاسم، والباحث د. منصور معدي مداخلتان عن تجربتهما مع هذا الكتاب، من خلال المراجعة، معبّران عن أهمية هذا الإنجاز الذي حلم به كثير د.أديب ورحل دون إتمامه، وقيمته التاريخية والتوثيقية.وسط اقبال العشرات من أبناء الرامة للتعرف على هذا العمل الكبير وإقتنائه، وزيارة المعرض المرافق للكتاب في المتحف، أشارت الكاتبة نسب أديب حسين، إلى أنّ هذه الأمسيات الثلاث التي هدفت تعريف سكان القرية ب” الرامة.. راوية لم ترو بعد” واستقبالهم بأعداد محدودة لمنع خطر الازدحام والعدوى في الظروف الراهنة، هي الانطلاقة الأولى له، وأنّ أمسيات مماثلة ستُعقد في الأسابيع القادمة، مع الحفاظ أيضًا على شروط الوقاية.
وممّا جاء على الغلاف الأخير “ضمن حوارية بحثية بين روح أب وابنته، وسفر في ذاكرة المكان وإنسانه، سعت الكاتبة نسب أديب حسين لكتابة هذه الرواية الجمعية لقريتها الرامة، مقدمة جذور أصول المكان وسكانه، وملامح عديدة من حياته اليومية خلال فترة قرنٍ من الزمن، وقع فيها تحت سلطة ثلاث حكومات وشعوب مختلفة. عبر عرض ذاكرة تبعث الفخر حينًا، والابتسامة حينًا، والحزن في حينٍ آخر، أدركت الكاتبة كلّما تقدمت في هذا العمل، أنّها لا تكشف خبايا رواية قرية مركزيّة في الجليل فقط، وإنّما تقف أمام نموذج مصغر لرواية فلسطين. بأدوات بحثيّة ولغة أدبيّة مشوّقة، وانطلاقًا من عمل شرع بوضعه المرحوم د. أديب القاسم حسين، واعتمادًا على الأوراق العائلية والأرشيفات والمقابلات، في دمج الرواية العامة والخاصة، يأتي هذا العمل الموسوعي لتأريخ رواية الرامة، ليرى النور بعد مخاض دام أربعين عامًا”.