هموم مسرحية الفن وصفحة جديدة اديب جهشان –مخرج وممثل مسرحي
تاريخ النشر: 22/09/20 | 9:22هموم مسرحية
الفن وصفحة جديدة
اديب جهشان –مخرج وممثل مسرحي
مؤسس مسرح السرايا العربي – يافا
منذ بداية السنة الحالية تكسو البلاد والعالم غمامة سوداء .حدث غريب وخطير . هذه الغمامة تتلاعب بحياتنا دون ان نراها . فقط عندما تخترقنا نشعر بها وبقوة جبروتها انها الكورونا …..
العالم منذ اشهر يتخبط ليل نهار لايجاد الوسائل لمحاربة هذا الوباء الخطير , دون جدوى.هذا الوضع يخلق دوامة كبيرة لدى شعوب العالم. ويبقى الانسان بانتظار قدوم الفرج كما هو الحال في مسرحية ” بانتظار جودو” للكاتب العالمي بيكت . ورغم ذلك الحياة ما زالت مستمرة وكل انسان ملزم بالابتعاد عن الآخر مما ادى الى توقف الافراح والفنون والرياضة حتى لا يصاب اي انسان بهذا الفيروس اللعين . ورغم ذلك استمرت الحياة مبعثرة بكل طريقة ممكنه .ووقف العاملون في النشاط الفني وقفة اليتيم الذي فقد اهله وبيته وحياته وهو ناطر وناطر الفرج الذي لم يأت .
ان الازدهار الفني الذي تحقق في السنوات الاخيرة توقف اليوم بشكل قاس وصعب حيث اصبح جميع العاملين اسرى لهذه الظروف. الحراك الفني العربي الفلسطيني بدأ بالحراك الغاضب الفعال وخرج الى الشوارع ليقول كلمته كفى للاغلاق انقذوا الفن قبل ان يوارى الثرى .
بعد سنوات طويلة من العمل في المجال الفني انظر الى الخلف فأرى الوضع قبل ان يتغير واكثر من ذلك , اتذكر عملنا خلال عقود طويلة اوصلنا بها الفن المسرحي الى مساره الهام في حياتنا الثقافية .
وبالموازاة كانت لنا مطالب اساسية لحقوق الفنان العربي في البلاد ,فرغم التطور المسرحي وازدهاره لم يتحقق التطور المنشود لتأمين حياة الفنان الاقتصادية . فمعظم الفنانين العرب لا يوجد لديهم اماكن عمل ثابثه حتى يستطيعون الحصول على حقوق اقتصادية اجتماعية تؤمن لهم الحياة الكريمة عند الشيخوخة او البطالة اللهم عدا مخصصات مؤسسة التأمين الوطني الاساسية البسيطة. الفنان يعمل عادة في كل مسرحية ومسرحية بشكل مستقل مما يحرمه من حقوق كثيرة مثل : ايام عطلة , ثياب , منحة استجمام , مخصصات بطالة ,معاش تقاعد وغير ذلك كما هو الحال مع الاف العاملين بالمسارح العبرية المدعومة بملايين الشواقل سنويا . الفرق والمؤسسات الثقافية العربية يجب ان تحصل على دعم مادي يجعلها تستوعب الفنانين كعاملين اجيرين كما هو الحال في جميع القطاعات الفنية وغيرها في البلاد . ان ما تحصل عليه الانشطة الفنية العربية من دعم مادي لا يهيأ للعاملين بها تأمين حقوق الفنان العربي وهذا يجب ان يكون مطلب الساعة .
وجاءت الكورونا ووضعت الانشطة والعاملين بالفنون في ركن الزاوية ودخلنا مستودع الكابوس الجاثم على صدورنا فجعلتنا نفقد قيمة ومعنى الحياة . هذا الوباء القاتل سوف يزول , ولكن هل ستتكرر هذه المصيبة بشكل او آخر مخلفة وراءها اوضاع مأساوية ؟
علينا العمل على اعادة النظر في بناء المشروع الفني وايجاد وسائل جدية تدعم الانشطة الفنية لتغيير الاوضاع القائمة وفتح ملف المشروع الفني العربي الفلسطيني من جديد للسير قدما بخطى واسعة نحو ازدهار اكبر واكبر .
لذلك نطالب المؤسسات الرسمية دعم الانشطة الفنية بميزانيات كبيرة حتى نستطيع تأمين وتوفير اماكن عمل ثابثة لجميع من يعمل في اطار الفنون والعمل على تنفيذ مشاريع لرعاية حقوق وحياة الفنانين العرب في بلادنا .
حان الوقت لنقول بصوت عال اعطونا ما نستحق من دعم مالي وشيدوا لنا المسارح حتى نستطيع متابعة المشوار ورفع مستوى الثقافة لنصل الى مستوى العالمية فلنا القدرات لذلك . آن الاوان ان تخصص وزارة الثقافة المسارح العربية بميزانيات اساسية متساوية للمسارح العبرية واكثر بسبب الاجحاف في الميزانيات على مدى سنين طويلة لتتمكن هذه المسارح من تقديم الانتاج الفني الجديد الممول كما يستحق .
هذا هو مطلب الساعة حتى نستطيع اعطاء الفن العربي الفلسطيني حقه من اجل تكملة صفحات فن عريضة ,طويلة ومزدهرة .
ان الفنون مشروع حياة , فكل مجتمع بحاجة للثقافة والفن . الكورونا سوف تزول وسيبقى الفن .
ايلول 2020