اشكالية الفلسطيني و”الفلسطرائيلي” !!
تاريخ النشر: 25/09/20 | 9:35د.شكري الهزَّيل
كثيرة هي المطبات الوطنية التي وقع او تعثر بها المسار التاريخي الفلسطيني منذ اغتصاب فلسطين واحتلالها عام 1948 وحتى يومنا هذا والحديث يدور بفحواة ومعناة ليس فقط بما يتعلق باحتلال الأرض وتطبيق استراتيجية الاحتلال والاحلال الاستيطاني الصهيوني لابل يدور حول الكثير من الظواهر التي ظهرت ابان هذا الاحتلال الطويل اللذي حَّفر الذاكرة الفلسطينية بحروف من الدم والعذاب والتشرد والهدم والتضليل السياسي والإعلامي وهذا الأخير ومشتقاتة خلق حالة انفصام لدى قطاعات ليست بقليلة من مركبات ومقومات الشعب الفلسطيني وطنا ومهجرا وجعل البعض منها يعيش في غربة وطنية انفصامية بين عالمَّين لا يلتقيان تاريخيا ووطنيا وسياسيا حتى لوحاولنا تبرير الامر وتمريرة من منطلق اقتصادي وحياتي بمقولة ” مكرها اخاك لا بطل”!!
الاكراه والضرورة بلا بطولة تعيشه منذ عقود قطاعات فلسطينية مرتبطة بسوق العمل والراتب الإسرائيلي بما يتعلق بفرص الوظائف والتوظيف والشغل والتشغيل وما يترتب علية من علاقة ارتباط اقتصادي وحياتي تتيح للمُحتَّل التحكم”استراتيجية السيطرة الاقتصادية والجغرافية والديموغرافية والسياسية الصهيونية” بحياة الفلسطيني وهذا الأخير اما ان يكون من الداخل الفلسطيني الذي يحمل ” الهوية” الإسرائيلية او من مناطق الضفة والقطاع من من يحملون تصريح عمل في الداخل الفلسطيني وما يتعلق بالشتات الفلسطيني فهذة حالة او ظاهرة أخرى تعيش ظروف لجوء قاهرة في اكثر الأحيان داخل الدول اللتي تستضيف مخيمات اللاجئين وداخل فلسطين نفسها أينما تواجدت المخيمات الفلسطينية سواء في الضفة او القطاع او مناطق أخرى… منذ عام 1948 ومرورا بعام 1967وحتى يومنا هذا تشكلت الخارطة الجغرافية والديموغرافية والسياسية والاقتصادية للشعب الفلسطيني متأثرة بطبيعة الحال بظروف الاحتلال وما فرضة هذا الاحتلال الاستيطاني والاحلالي من شروط عيش قاسية على الشعب الفلسطيني وطنا ومهجرا والسؤال المطروح : ماهي الاثار السلبية التي تركها الاحتلال الطويل بكل مظاهرة التي لحقت بالهوية الوطنية الفلسطينية؟
للإجابة على السؤال اعلاة لا بد لنا من القول بان الشعب الفلسطيني لم يبتلي ببلوة الاحتلال و ظروف نكبة عام 1948 وما ترتب عليها من عواقب ومعطيات فقط لا بل ابتلى ببلوة الفصائل والأحزاب التي قادت العمل السياسي الفلسطيني وطنا ومهجرا وكان لها برامج سياسية مرتبطة بهذة الحركة او ذاك الحزب تعبر عن موقعها وموقفها من القضية الفلسطينية في ظل وجود الاحتلال الاستيطاني الصهيوني في فلسطين واثرة على حياة وتطور الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ومناطق اللجوء الفلسطيني وهو الامر الذي خلق بلبلة كبيرة بين قطاعات الشعب الفلسطيني حول تعريف جغرافيا فلسطين والفلسطيني جغرافيا وديموغرافيا وخلق فروقات وَّهمية وغيرها حقيقية في ظل نَّقل تعريف فلسطين جغرافيا من حالة ما قبل عام 1948 الى حالة ما بعد عام 1967 ..هوية ما بين النكبة النكسة.. تغيير اصل الجغرافيا والديموغرافيا الفلسطينية واعتماد تعريفات جديدة مرتبطة بعوامل فلسطينية وبما سمي بالشرعية الدولية التي محت الهوية الجغرافية التاريخية لفلسطين واستبدلتها بحصر تسمية فلسطين داخل مناطق الضفة والقطاع وجزء من القدس.. نتائج النكبة والنكسة انتجت ما يسمى بالاحزاب ” العربية” داخل الكيان الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية “فصائل منظمة التحرير وحركة حماس لاحقا الغير منتسبة للمنظمة” في فلسطين وعلى وجه الخصوص في المهجر وبالتالي ما جرى جراء الاحتلال وجراء المسلكيات السياسية للفصائل والأحزاب التي اعتمدت الديموغرافيا”أماكن ومناطق تواجد الشعب الفلسطيني” كقاعدة جماهيرية وانتخابية اعتمدت عليها في تمرير هذا البرنامج االسياسي او ذاك من قبل هذه الحركة او ذاك الحزب سواء على مستوى السياسة داخل منظومة الأحزاب الإسرائيلية داخل الكيان او على المستوى الفلسطيني المرتبط ببرامج الفصائل المنطوية تحت سقف منظمة التحرير الفلسطينية بالإضافة طبعا لحركة حماس التي تاسست عام 1987 ولم تنضم لعضوية منظمة التحرير!!
عملية سرد التاريخ السياسي الفلسطني تحتاج الى مساحة اكبر من مقال لكن بالامكان اختصار الامر وحصرة في ثلاثة مسارات : الأول: المهجر الفلسطيني والتي تم تجميد دورة وفعالياته في اعقاب اتفاقية أوسلو 1993 والثاني مسار سلطة “أوسلو” والثالث الأحزاب المسماه ب “العربية” داخل الكيان و المنطوية تحت سقف ما يسمى ب القائمة المشتركة.. كل هذه المكونات بالإضافة الى دور الاحتلال الإسرائيلي خلقت نوع من البلبلة في تعريف من هو الفلسطيني؟ وعلية ترتب القول وبعيدا عن اطار الطرح العاطفي القائل” باننا اجزاء لا تتجزأ من شعب واحد” بانه يبدو ان قطاعات فلسطينية قد انفصلت او انفصمت روحيا ووطنيا عن سرب شعبها واخذت هوية المناطقية الجغرافية وهوية الكيان الإسرائيلي المقام على جغرافيا فلسطين.. التواجد الجغرافي والديموغرافي الفلسطيني اليوم موزع بين المهجر وقطاع غزة والضفة وفي الداخل الفلسطيني التي تعتبرة الشرعية الدولية زورا وبهتانا أراضي إسرائيلية وليست فلسطينية..!!
حافظت الهوية الفلسطينية على كينونتها قبل وبعد النكبة وحتى يومنا هذا, لكن لابد لنا من القول ان نشأة منظمة التحرير الفلسطينية وصياغة الميثاق الوطني الفلسطيني عام 1968 قد أسهمت في ترسيخ هوية الفلسطيني وتعريف من هو فلسطيني وقد جاء في المادة الخامسة من الميثاق الوطني الفلسطيني ” المادة 5:الفلسطينيون هم المواطنون العرب الذين كانوا يقيمون إقامة عادية في فلسطين حتى عام 1947 سواء من أخرج منها أو بقي فيها، وكل من ولد لأب عربي فلسطيني بعد هذا التاريخ داخل فلسطين أو خارجها هو فلسطيني”, ورغم ان جماعة أوسلو قد الغُّوا بعد عام 1993 بعض البنود من الميثاق الوطني الا ان تعريف الفلسطيني بقي كماهو وهو أيضا بطبيعة الحال كان وما زال هكذا منذ مطلع التاريخ وظل على هذه الحال الى ان صارت وجرت التلاعبات الدولية والفلسطينية بمفهوم الجغرافيا والديموغرافيا لتصبح فلسطين بعد عام عام 1993″ أوسلو” جغرافيا وديموغرافيا امر أخر منحصر ” نظريا” في مناطق الضفة وقطاع غزة وبالتالي ماجرى هو ان الأحزاب “العربية” في الداخل الفلسطيني المتمثلة اليوم في القائمة المشتركة من جهة وسلطة أوسلو في مناطق الضفة وغزة من جهة أخرى بالإضافة الى سلطات الاحتلال الإسرائيلي, معا قاموا بترسيخ مفهوم الفلسطيني والفلسطرائيلي وهذا الأخير هو “إسرائيلي” من أصول فلسطينية يعيش داخل منظومة دول الاحتلال الإسرائيلي ويحمل “هوية” دولة مقامة على التراب الفلسطيني!!
بمعنى واضح في الطرح والمفهوم لابد من القول ان: الفلسطرائيلي ليست فلسطيني كاملا ولم يعد جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني لانه ” نسبيا” مندمج داخل اطر وقوانين ومقومات حياتية واقتصادية سياسية إسرائيلية والانكى من هذا وذاك ان : هذا الفلسطرائيلي يصوت لانتخابات الكنيست الإسرائيلي اللتي تعتبر القاعدة الرئيسية “القانونية” لشرعنة احتلال فلسطين وهضم حقوق الشعب الفلسطيني.. باختصار وبوضوح : اصبح جزء من الشعب الفلسطيني تابع سياسيا للفصائل الفلسطينية المنطوية تحت سقف اوسلو وجزء اخر تابع للقائمة ” المشتركة” داخل دولة الاحتلال والكل في الكل على ارض وجغرافيا فلسطين المحتلة التي منحت الفلسطيني هويتها تاريخيا ووطنيا..الحديث يدور عن تحييد عدد كبير من الفلسطينيين عن دورهم الوطني عبر الاسرلة المبرمجة وعبر التضليل السياسي التي تقودة قوى وحركات سياسية من أصول فلسطينية.. إشكالية الفلسطيني والفلسطرائيلي.. واقع حاصل في فلسطين يفرق بين فلسطينيي الداخل اللذي يقترب عددهم اليوم 2020 من مليوني نسمة وباقي قطاعات الشعب الفلسطيني سواء في الضفة او القطاع او مخيمات الداخل والخارج والشتات بشكل عام..اشكالية حقيقية حادثة وحاصلة جراء التلاعب الجغرافي والديموغرافي والسياسي الحاصل منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا.. الاحتلال الإسرائيلي يحاول طمس هوية فلسطيني الداخل وما يسمى بالاحزاب والحركات والفصائل الفلسطينية تساهم في هذا الطمس والتضليل.. خلل وطني فلسطيني واضح الملامح والنتائج..!!
ما جرى قبل وبعد اتفاقية أوسلو 1993 هو حالة تطيين وتضليل وطني وسياسي طالت الهوية الوطنية الفلسطينية.. **المطلوب اليوم : اعادة صياغة المشروع الوطني والهوية الوطنية من جديد وتعريف من هو فلسطيني والتفريق بين الفلسطيني والفلسطرائيلي.. الفلسطيني هو الفلسطيني والإسرائيلي هو الإسرائيلي.. لا يجوز ان يكون هناك فلسطيني وفلسطرائيلي وتبرير هذا الانفصام الوطني وتمريرة عبر حجج واهية وكاذبة من بينها ” الحياتية والعمل والراتب” الخ.. اما ان تكون فلسطيني تساهم في نضال شعبك التحرري بهذا الشكل او ذاك او لا تكون.. هنالك “فلسطرائيليون” مندمجون داخل منظومة الاحتلال الاقتصادية والحياتية الى حد يتنكرون فيه لهويتهم واصولهم الفلسطينية..ان الأوان ان نحدد مجددا من هو الفلسطيني؟…**علينا ممارسة ما يمكن تسميتة بالاشتباك متعدد الجهات: سياسي وطني فكري الخ من اشكال الاشتباك.. مثلا :دور المثقف المشتبك غير هذا المحدد في شخص متعلم”مهنة” انتهازي يتقمص دور المثقف ويصبح عالة ع الثقافة وحالة تضليل حول دور القدوة والنخبة المثقفة..
.. قضية الهوية متشعبة لكن لاعادة الخيل الفلسطينية الى مرابطها ومرابضها الوطنية علينا ان نبدا بالداخلي حتى نتفرغ للخارجي .. جماعة اوسلو رام الله ومشتركة الكنيست اول من يجب محاربتهم وضرب اوكارهم الفكرية والسياسية : المدرسة اللتي تخرج منها محمود عباس واحمد الطيبي واحدة ناهيك عن حركة تسمي حالها اسلامية وتسعى الى تحرير الاقصى من خلال العضوية في الكنيست الاسرائيلي اللذي يشرعن احتلال فلسطين والاقصى لا بل يريد هدمة.. ما زال مثقفو ” الفلسطرلة” بعيدون عن دور الثقافة والمثقف لانهم خليط ممزوج وعكر بين الفلسطيني والفلسطرائيلي..ثقافة الخوف والتخويف منتشرة في فلسطين وتتفاوت في حدتها من منطقة الى أخرى بما يتعلق بالهوية الفلسطينية..باروميتر الوعي…التربية اساس الشعوب… ابني شعبا ولا تبني فتاتا متفتت كماهو حاصل في الداخل والخارج الفلسطيني المنفصم سياسيا ووطنيا…يجب على الشعب الفلسطيني وخاصة المثقفين اعادة قراءة التاريخ وتقييم الاحداث والظواهر من جديد حول ثقافة الفصائل والتفصيل والقبلية والاحزاب التي هُجنَّت لها هوية ” عربية” فيما هي كانت في الواقع صهيونية او فلسطينية متنفذة وفاسدة كما هو حال جماعة أوسلو الذي عمق قدومهم الى فلسطين مأزق الهوية الجغرافية والديموغرافية والتاريخية الفلسطينية.. اشكالية الفلسطيني و”الفلسطرائيلي” ..اما ان تكون فلسطيني او لا تكون.. الفلسطرائيلي المؤسرل والخانع يلحق مثله مثل جماعة أوسلو اشد اشكال الضرر التاريخي بالقضية الفلسطينية.. من الغريب والمستغرب ان تكتسب الشعوب هوية مُحتَّل بلادها وتصبح جزء من منظومتة السياسية والاجتماعية والاقتصادية… تحية كبيرة لاكثرية الشعب الفلسطيني الكامضون على جمر هويتهم الوطنية وطنا ومهجرا والخزي لكل فلسطرائيلي تخلى عن هويته الوطنية وتقمص هوية محتَّل بلاد اهله واجدادة وشعبة.. !!!