الأمير عبد القادر وليس عبد القادر
تاريخ النشر: 21/10/20 | 6:38أوّلا: مقدّمة القارئ المتتبّع:
1. التقيت منذ أسبوعين بزميلي أستاذ الفلسفة أحمد ملاح من جامعة وهران، كلية العلوم الإنسانية، قسم الفلسفة، بالصدفة ونحن نتصفّح الكتب القديمة عبر رصيف وسط مدينة الشلف، والتي يشرف على بيعها الزميل سفيان.
2. تمّ التطرق لمواضيع مختلفة منها الأمير عبد القادر رحمة الله عليه. وحدّثني أنّه كتب عن الأمير عبد القادر، فطلب صاحب الأسطر أن يضعها تحت تصرفه، فكان له ماأراد.
3. قام صاحب الأسطر بإعادة نسخ نسخة له من المحاضرة، والكلمة لأنّ من عاداته أن يدوّن ملاحظاته ضمن الكتاب الذي يشتريه، ويملكه.
4. هاتفته أنّنا سنلتقي يوم الإثنين، والتقينا في المقهى المقابلة لكلية الحقوق. وقدّم القارىء المتتبّع للأستاذ صاحب المقال، والمحاضرة ملاحظاته، فاشتملت على: إعجابه بالجديد الذي اطّلع عليه لأوّل مرّة. وكذا النقاط التي اشترك فيها معه والتي وصل إليها بعد قراءة، ومقارنة. وأبدى نقده الشديد، والقوي لبعض النقاط التي ماكان للأستاذ صاحب المقال، والمحاضرة أن يسقط فيها، ويرتكبها.
ثانيا: المقال :
5. «Ahmed Mellah, « Fraternité entre musulmans et chrétiens L’approche d’un combattant de la foi », Centre El Kalima, 2010, P : 1-19.
6. المقال حسب ترجمة صاحب الأسطر: “الأخوة مابين المسلمين والمسيحيين نظرة محارب”.
7. استعمل الكاتب في صفحة 12 مصطلح “العرب” ليدل على الجزائريين. وهو مصطلح استدماري يقصد به الحطّ من الجزائريين، وعدم الاعتراف من طرف المستدمر الفرنسي بالجزائر كدولة لها جغرافية، وتاريخ، وحضارة، وشعب. وكم أتمنى أن يستعمل الكاتب كلمة الجزائريين حين يريد التحدّث عن الجزائريين، وكلمة العرب حين يريد أن يتحدّث عن إخواننا، وأحبّتنا، وأعزّائنا العرب حفظهم الله ورعاهم.
8. جاء في صفحة 12: حين رفضت القبائل مساعدة الأمير عبد القادر عقب خيانة المحتل الفرنسي لمعاهدة 1939، وتلقى حينها الضغوط من كلّ جهة. راح الأمير عبد القادر يبيع ثروته في مزاد علني لمحاربة فرنسا المحتلة. فقلّدته القبائل في هذه الخصال العظيمة، وقدّموا له المساعدة المطلوبة. وأتقدّم بالشكر للأستاذ على هذه المعلومة القيّمة التي أقف عليها لأوّل مرّة.
9. قال الكاتب في صفحة 19: لا المسلمين ولا المسيحيين اهتموا بالأمير عبد القادر بل التّاريخ هو الذي أنصفه.
10. نقل صاحب المحاضرة آيات بيّنات من القرآن الكريم باللّغة الفرنسية. وحين سألته: هل أخذتها من كتاب مختص بتفسير معاني القرآن الكريم أم الترجمة لك؟ أجاب: بل الترجمة لي. قلت له وأضيف: من ترجم الآيات بنفسه فليقل: حسب ترجمتي حتّى تميّز عن الترجمات الأخرى. ومن كان ناقلا للترجمة فليذكر مصدرها. وكمثال على صدق ماذهب إليه صاحب الأسطر قول صاحب الترجمة في صفحة ،15 وحسب ترجمته: « car si la préference a été donnée à l’homme (Adam) au détriment desanges ».. وحسب الترجمة فإنّ “خلق الإنسان كان على حساب خلق سيّدنا آدم عليه السّلام؟ !”. وهذا خطأ لايليق بمقام الله سبحانه وتعالى، وعدله. وتفضيل الإنسان على الملائكة لايعني أبدا أنّه كان على حسابهم. مايستوجب إعادة النظر في ترجمة الآية الكريمة بما يليق بعدل الله سبحانه وتعالى.
11. ظلّ الكاتب أحمد ملاح يذكر اسم الأمير عبد القادر مجرّدا من الألقاب التي تليق به هكذا “عبد القادر”[1]، وذكره مرّة واحدة -أقول مرّة واحدة- بلقب الأمير عبد القادر. وفي الوقت نفسه ظلّ يذكر، ويردّد لقب السّيادة حين يتحدّث عن القس بقوله: Monseigneur Dupuch، ورتبة الجنرال للمجرم “بيجو” بقوله: الجنرال بيجو. ومن تمام الإنصاف أن يذكر الأمير عبد القادر باللّقب الذي يليق به.
ثالثا: المحاضرة :
12. Ahmed Mellah, «La fraternité dans le discours d’Abdelkader» Intitilé du colloque : « Le legs d’Abdelkader entre particularisme et universalité » , Université d’ORAN, Algérie, 2010.
13. المقال حسب ترجمة صاحب الأسطر: ” ميراث الأمير عبد القادر بين الذاتية والعالمية”.
14. قال الأمير عبد القادر رحمة الله عليه في صفحة 2: “على المرء أن يتخلى عن ذاتيته ليصل إلى الأخوة الإنسانية، والعالمية”.
15. يرى الأمير عبد القادر في صفحة 3، أن كرامة الإنسان تكمن في: التخلي عن ضغوطات الجسم، والتحرّر منه ليستطيع أن يمتلك السّيطرة المطلقة.
16. يرى الأمير عبد القادر في صفحة 4، أنّ انغماس المرء في ذاتيته يعرقل الإنسان نحو تحقيق الأخوة الإنسانية، ويصعب عليه فهم معنى العالمية.
17. يفهم من المحاضرة أنّ الأخوة الإنسانية لدى الأمير عبد القادر جزء من كيانه، وحياته وليست ترف. 6
18. الكريم هو الذي يفني حياته في خدمة الله تعالى. 7
19. أوّل عمل قام به الأمير عبد القادر بعدما منح لقب أمير المؤمنين هو إقامة الأخوة الإسلامية. 8
20. حين زار الأمير عبد القادر منطقة القبائل[2]، قال لهم: لم آتيكم كالأتراك بقواتهم العسكرية. جئتكم كحاج بسيط، مؤمن بالقضية … وباللّه ورسوله”.
21. أتّفق مع الكاتب فيما ذكره في صفحة 9 من أنّ الأمير عبد القادر كان قائدا عسكريا بالصدفة، ولم يكن يكن جنديا بالفطرة. وهو الذي تربى على العلم، والفقه، والزهد، والتصوفأ، والإفتاء. وما يجب قوله في هذا المقام، أنّ الأمير عبد القادر أبدع، وتميّز، وتفوّق في الجانب العسكري، والقيادة العسكرية وبشهادة جنرالات فرنسا المحتلة، والذين عايشوه قبل غيرهم.
22. أختلف مع الكاتب في صفحة 13 حين قال، أنّ الأمير عبد القادر كان يسعى لتوحيد القبائل لأسباب إنسانية. وأقول: كان الأمير عبد القادر يسعى لتوحيد القبائل لمواجهة، ومحاربة المحتل الفرنسي، لأنّه كان بحاجة ماسّة إلى دعمهم، وليس لأسباب إنسانية كما ذهب إليه صاحب المحاضرة.
23. أختلف مع الكاتب في كونه حصر أقوال، وأفعال، وحياة الأمير عبد القادر في الجانب الإنساني دون غيره، وإهمال عناصر أخرى من حياته. وعليه يضيف صاحب الأسطر: الأمير عبد القادر -مثلا- حين يحسن للأسرى، ولا يخون العهد، ولايقطع رؤوس أعدائه، ويبقى وفيا للعهود التي قطعها ولو لأعدائه، فإنّه في هذه الحالة ينطلق من تربيته الدينية التي تعلّمها من القرآن الكريم، وسنة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وحياة أسيادنا الصحابة رضوان الله عليهم، وكذا الصالحين، والعلماء، والفقهاء. وإذا التقت خصاله العالية بما تنادي به الإنسانية فهذا شرف للإنسانية التي تشرّفت بفضائل الأمير عبد القادر. إذن، الأمير عبد القادر لاينطلق من منطلق إنساني بل منطلق تربيته منذ الصغر والمبنية على أخلاق أسيادنا الأنبياء، والرسل، وآل البيت، والصحابة.
معمر حبار
الثلاثاء 3 ربيع الأوّل 1442 هـ الموافق لـ 20 أكتوبر 2020