نحن لسنا فرسًا ينتظر فارسًا
تاريخ النشر: 05/11/20 | 11:33الكاتب والاديب محمّد علي طه
يصرّ البعض على تسميتنا “عرب 48” على الرّغم من أنّنا لسنا مسؤولين “قدر شعرة” عن النّكبة.وما كنّا الوحيدين الّذين أفرزتهم تلك السّنة المشؤومة في تاريخ شعبنا، فكيف يحمّلوننا أوزارها؟؟! ويسّموننا “عرب الدّاخل” إلّا أنّ نكسة حزيران خلطت الأوراق وخربطت الحدود بعدما صار أهلنا في القدس والضّفّة الغربيّة وقطاع غزّة داخلًا وصرنا نحن داخل الدّاخل.
وأمّا حكومة إسرائيل وأعلامها فيردّدون بأنّنا “عرب إسرائيل”. وأرجوكم أن تتخيّلوا لو أنّ قادة الحركة الصّهيونيّة أطلقوا اسم “دولة صهيون” على هذه الدّولة في العام 1948 كما اقترح يومئذٍ عدد من قادة تلك الحركة فهل كنّا سنسمّى “عرب صهيون”؟
يخشى البعض من أنّ يسّمينا “الأقليّة العربيّة الفلسطينيّة في إسرائيل” فيسمّينا “العرب في إسرائيل” وكفى الله المؤمنين شرّ القتال.
نحن أقليّة قوميّة تعيش في وطنها الّذي لا وطن لها سواه. تجذّرنا وتَفَولَذنا على تراب هذا الوطن الصّغير الجميل.
خاف من وجودنا سدنة وثيقة كينغ الذين سعوا الى تهويد الجليل، ويخشانا اليوم دهاقنة حريش الّذين يحلمون ويسعون الى تهويد وادي عارة.
نحن يا أفراهام ويا أوري جزء حيّ فعّال من الشّعب الفلسطينيّ بل نحن ضلع أساس من أضلاعه الثّلاثة، فينا المتديّن والعلمانيّ. فينا القوميّ والأمميّ، فينا الاشتراكيّ والرّأسماليّ، فينا الدّيمقراطيّ والليبراليّ والملكيّ، فينا المناضل الثّوريّ وفينا “اللي بتجوّز أمّي بصير عمّي.. وان حادت عن ظهري بسيطة” وفينا لو هبّطت سابع سما عن أرضنا ما نرحل!.
وفينا ألوان الطّيف سياسيًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا وعلميًّا واقتصاديًّا!
ونحن نناضل مع شعبنا لإنهاء الاحتلال وإقامة الدّولة الفلسطينيّة وعاصمتها القدس الشّرقيّة. لا أحد منّا يستطيع أن يحتكر النّضال أو يحتكر السّياسة أو يحتكر الحزبيّة أو يحتكر الحقيقة! ونحن نؤمن بالتّعدّديّة.ومن الطّبيعيّ أن يكون في حقلنا قمح وشعير وزوان، وأن يكون في كرمنا زيتون ولوز وكرمة وزنزلخت، وأن يكون على سفوحنا سنديان وعبهر وقندول وبلّان، وأن يكون في ودياننا نرجس وأقحوان وأشواك.
أعترف أنّنا لا نستطيع وحدنا أن نغيّر الواقع القاسي الّذي احتلّت العنصريّة فضاءه وهواءه في هذا الوطن كما لا تستطيعان يا أفراهام أو يا أوري وأن تتخلّصا بدوننا من الّذي سرق منكم الشعاع والنّدى.
منذ عقود ونحن نرحّب بكل صوت عقلانيّ يأتي من الآخر بل بحثنا عنه بسراج وفتيلة ولكن لا يمكن أن نكون فرسًا ليمتطيها سياسيّ “انتهى تاريخه” أو حزبيّ صار حزبه في خبر كان، ولا نملك إكسيرًا نحقنه في الأجساد الهرمة كي يعيد شبابها. نحن لسنا فرسًا ينتظر فارسًا.
نحن قوّة ديمقراطيّة تناضل من أجل تغيير اللون الرّماديّ لبلادنا.
نحن نلعب في ملعبنا ونسألكم إن أردتم التّغيير أن تلعبوا في ملعبكم… وأن تسقوا العشب حتى يخضرّ.
ومعًا نستطيع أن نغيّر..