آن يوم انعتاقي ..

يوسف جمّال – عرعرة
انتظريني على المفرق
فأنا قادم من بعيد
من الزمن السحيق
أحمل شمسي بيديَّ
وحبات قمح
ورشّات مطر
***********
انتظريني ..
أنا قادم ..
من مكان التقاء البرِّ بالبحر
من بدايات الأبجدية
من حلك المغاور
من زمن العريِّ
من تجوال اللَّقاطات
في فضاء البراري
قبل انحسار المطر
عن الصحاري
************
انتظريني ..
على باب بيتنا
وأزيلي عنه ندبات الرحيل
وتزيَّني بسوار أمّي
وزنّارها الأحمر
وثوبها العكّاوي الطويل
وأزيلي الغبار عن عقال أبي
ودمايته الدمشقيّة
*************
انتظريني عند الصبرة
واصنعي من زهرها لنا قنديل
وشوكها زيت وفتيل
ومن ألواحها رايات
فأنا قادم من انعتاقي
بعد أن حطَّمت ظلامي
وطردت آلامي
وجددَّت أيامي
أحمل في يديَّ زاد رحلتي
ونار لهاثي وقِرْبَتي
وكنانتي وسهامي
**************
أنتظريني ..
فأنا قادم من السماء الثامنة
وفي جعبتي نجوم
لملمتها من طريق الملايات
في عينيّ برقَ ورعد ومطر
وعلى الطريق مزَّقت
بطاقات اللجوء والغياب والرحيل
والشتات
وقلعت أوتاد الخيام
ومزَّقت أناشيد البكاء
وقصائد الرثاء
************
انتظريني ..
فأنا قادم بعد أن لملمت
أنفاسي من الرميم
وأطفأت بشرياني
أتون الجحيم
ومحوت الدموع من
أسفار التقويم
وخرجت من أعماق القدر
أحمل في يدٍ حجر
وفي يدٍ لربابتي وتر
**********
انتظريني .
على مصبِّ النهر
هناك تلتقي كل القنوات
من الجبال من السهول
من القفار من الوديان
من أعماق الشريان
من كلِّ الجهات
هناك سيتسع النهر
و سيلتقي مع البحر
*********
من هناك سنزحف معاً ضدَّ التيار
سنزيل كلَّ ما وضعه التاتار
في مسار الأنهار
سنزيل السدود والحدود
والجدار الأسوار
سنزيل الدموع والدماء
وعبث الأقدار
********
وسنصل الى أعلى النهر
الى المنبع
الى المطلع
سنعود لنوصل البدايات بالبدايات
بالذي آت بالذي فات
الماضيات بالقادمات
********
سنروي النعنعة
وسنضيئ السراج
وسنعيد عكازة جدِّي
الى صدر البيت
ونحتضن الأحلام
ونحكي حكايتنا
وننام بسلام
وننام ..