صورٌ من الخيالِ أراها في عقلي فقط /هلوسات تحت شفق أزرق..
تاريخ النشر: 14/11/20 | 10:13صورٌ من الخيالِ أراها في عقلي فقط ..
عطا الله شاهين
في حجرة بلا نوافذ ولا أبواب. جدرانها مطلية بلون أسود أقبع فيها منذ سرمد. أرى في عتمتي صورا خيالية، فقط عقلي يخيّل له بأن تتحقق، لكنه من المستحيل أن أراها صورا حقيقية. يرى عقلي نافذة تنبت في جدار حجرتي المعتم، وأمام زجاجها تقف امرأة تبتسم لي. يخيل لي بأنني أعرفها، لكن الصورة تفرّ من عقلي لصورة أخرى.. يخيّل لي بأنني ارى في جدران الحجرة بابا أو عدة أبواب، أستطيع الفرار منها لشمّ رائحة هواء البحر، الذي أسمع تلاطم أمواجه على رصيف سفن مهجور. يخيل لي بأنني أرى امرأة تشفق عليّ وتمنحني رغيفا من الخبز حينما تجدني في حالة يرثى لها. أرى صورا كثيرة في حجرة بت؟ أراها قبرا لي. في حجرتي أوراق وأقلام احتفظت بها لكتابة نصوص عن حياتي المعلقة في عتمة الزمن .. يخيل لي بأنني أرغب في الفرار من عقلي، لكي لا يرى صورا كثيرة. أدرك تماما بأنها لن تتحقق. إنها مجرد صور خيالية يراها عقلي أحيانا. انها فرصة للعقل لرؤية الحياة الجميلة خلف جدران حجرتي المعتمة. فقط صور يراها عقلي ولا تحفظ في ذاكرتي لزمن، لأنني أمحيها من عقلي مجرد التفكير في كيفية هروبي من حجرتي، التي باتت صديقة لي رغم سواد جدرانها…
————————————-
هلوسات تحت شفق أزرق..
عطا الله شاهين
راح يهلوس ذاك الرّجُل، الذي كان يحلم بأنه يسير نحو الأفق الشمالي في جو بارد، ودرجة الحرارة في ذاك الحلم أشارات إلى ٤٠ تحت الصفر، وبينما كان يخطو بخطوات ثقيلة على الجليد بدأ يهلوس، عندما رأى شفقا أزرق لاح له من بعيد تحت سماء معتمة، فقال: ما أروع منظر الشفق، الذي يعكس لونا أزرق، فرغم درجة الحرارة المتدنية، الا أن منظر الشفق يريح عيني، اللتين تعبتا من رياح باردة.. كان الرّجُل يخطو على الجليد لزيارة حبيبته، التي تسكن في كوخ خشبي على ضفة بحر متجمد. وحين وصل بعد ساعات من المشي، رأته حبيبته من بعيد، فخطت صوبه، وغطته بمعطف ثقيل، وأدخلته كوخها، وكان لحظتها يرتعش من البرْدِ، ورأته متجمّدا. قال لها بعد أن اخذ دفئا من حرارة الكوخ بأنه كان يسير تحت شفق أزرق، فقالت له: لم أر أي شفق أزرق، فالسماء هنا معتمة منذ زمن، ولم أر أي ضوء سوى ضوء سفن كاسحات الجليد في بحر متجمد، فقال لها: يبدو بانني كنت أهلوس، فقالت له: دعك من الهلوسة، وتعال احكي لي حكاياتك المثيرة، التي عوّدتني عليها، فجلس بحانب المدفأة، وغفا من شدة التعب، وبعد وقت قصير استيقظ من حلمه، وقال: لم أهلوس، لقد رأيت شفقا أزرق لاح لي في الأفق، لكنني لم أقابل أية فتاة أثناء سيري على الجليد..