الأخطاء التي ارتكبها العالم سكيرج في حقّ الجزائر أثناء زيارته لها – معمر حبار
تاريخ النشر: 24/11/20 | 12:091. تطرّق صاحب الأسطر في المقال[1] الأوّل إلى عظمة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم من خلال العالم سكيرج حين زار الجزائر. وتطرّق في المقال الثّاني[2] إلى ذكر تفاصيل زيارة العالم سكيرج للجزائر سنة 1911. وفي المقال الثّالث الذي بين يديك الآن يتطرّق صاحب الأخطاء إلى الأخطاء التي ارتكبها العالم سكيرج في حقّ الجزائر حين تعمّد -أقول تعمّد- عدم ذكر اسمها، وتعامل معها باستخفاف، واستصغار وهي التي أكرمته وأحسنت مثواه.
2. الكتاب هو: “الرحلة الحبيبيّة الوهرانيّة ” للشيخ أحمد بن الحاج العياشي سكيرج ت 1363هـ، تحقيق العربي بوعمامة من جامعة مستغانم، وحمدادو بنعمر من جامعة وهران، الطبعة الأولى 1438هـ -2014، لبنان، من 240 صفحة. ومن الملاحظات التي وقف عليها القارئ المتتبّع:
3. لم يذكر اسم الجزائر وهو يدخل ميناء وهران ، واكتفى بألفاظ لا تليق بمقام الجزائر حين وصفها بقوله “هذه البلدة”، و “بهذا القطر” وكأن الجزائر التي تحتضنه وتستضيفه لا وجود لها. وهو في هذا يتساوى مع الغربيين، والفرنسيين الحاقدين على الجزائر حين يتعمدون عدم ذكر اسم الجزائر.
4. حين وصف الإجراءات الإدارية لفرنسا المحتلة للجزائر في ميناء وهران بقوله: “في استقصاء أحوال كل داخل لوطنهم بتسريح ..”. فهو يتحدث عن المحتلين الفرنسيين يومها باعتباره زار الجزائر سنة 1907 على أنه وطن لهم، ومن حقهم أن يراقبوا الداخل والخارج. وهذه من السقطات التي وقع فيها الإمام الفقيه. ثم إنّه لم يشر إلى الاحتلال الفرنسي للجزائر، ولم يتعرّض لمظاهر الاحتلال، وهو الذي وصف كل صغيرة وكبيرة باعتباره من الآيات في اللغة العربية وفنونها.
5. ما زلت أعيب على العالم الفقيه يومها ومن معه من العلماء، والفقهاء عدم تطرقهم للاحتلال الفرنسي للجزائر، وفي المقابل الخوض في قضايا فرعية عديدة غضت الطرف عن الاحتلال وأطالت عمره.
6. يتحدث بحب خارق، وإعجاب لا نظير له حين رآى نعل الشيخ التجاني وقبّله، ووضعه على صدره، وبين عينيه للتبرك كما جاء عبر صفحات 72-93. وأعقّب قائلا: لن أتطرق لحالته الشخصية فهذا شأنه، لكن في المقابل أعيب عليه بشدّة وهو العالم، والفقيه، والصالح تشبثه بالتبرك بنعل شيخه، وعدم تطرقه للاحتلال الفرنسي للجزائر. ومن أراد أن يطلب البركة فليسعى لطرد الاستدمار، فإنها أسمى بركة، وأدوم وأنفع.
7. لم يتطرّق للاحتلال الفرنسي في الجزائر يومها. وأنه يتعامل مع الجزائر بنفس منطق المحتلين الفرنسيين حين يتعمدون عدم ذكر اسم الجزائر. فالعالم الفقيه يصف الجزائر، بقوله “القطر الذي هما فيه”، و”هناك بمقدار”، و”التفسح في أقطار هذا القطر”، ولا يستعمل أبدا اسم الجزائر، ونحن في صفحة 111.
8. لم يستعمل مصطلح الاحتلال الفرنسي أو ما يرمي إليه، لكنه يستعمل مصطلح “الحكومة”، وكأنه في ظروف عادية، وغير معني بالاحتلال الاستدمار.
9. تطرق لزيارته إلى تلمسان ثم مستغانم، لكن دائما برخصة من “الحكومة” كما يقول، لكن لم يذكر أنها نابعة من الاحتلال الفرنسي، وكأنها رخصة عادية بين الحكومات.، كما جاء عبر صفحات 93-111.
10. يذكر أن خطبة الجمعة والأذان لم تكن جهرا لأن “الحكومة” كما يسميها ترفض ذلك، لكنه يرفض أن ينسب هذا المنع للاحتلال الفرنسي. ويبقى القارئ المتتبع يتساءل: لماذا يمتنع الإمام الفقيه عن ذكر الاحتلال الفرنسي بالجزائر؟. 93-111
11. لم يكتب لحد الآن اسم الجزائر عمدا، وقد تساوى في ذلك مع المحتلين الفرنسيين، والحاقدين على الجزائر في عدم الاعتراف بالجزائر. وقد استعمل هذه المرة مصطلحا غريبا سماه بـ “الوطن الوهراني”، وكأنه يستبدل الوطن الجزائري بوهران، ويتنكر للجزائر ويعوضها بوهران. وهذه من الأخطاء والجرائم التي وقع فيها العالم الإمام الفقيه . 111 – 117
12. يتعمد عدم كتابة اسم الجزائر، شأنه في ذلك شأن الحاقدين من المحتلين الفرنسيين وغيرهم، ويستعمل عوضها عبارة “القاطنين بقطره”، و”هذا القطر”، و”هذه البلدة “. 117 – 126.
13. يتحدث عن القوانين التي تحكم الجزائر في تلك الفترة، لكن دون أن يشير إلى أنها قوانين المحتل الفرنسي المغتصب للجزائر، ودون أن يشير إلى اسم الجزائر. 117 – 126.
14. يتعمد عدم ذكر الاحتلال الفرنسي ويستعمل بدله “الحكومة”، وما زال يتعمّد عدم ذكر اسم الجزائر ويستعمل بدلها ” قوانين هذه البلدة ” في صفحة 148. وحين يتعلق بوطنه المغربي العزيز علينا، يقول: “الرجوع للوطن”، وهذا من حقه المطلق. وفي المقابل يرفض الإمام الفقيه ذكر اسم الجزائر ، وهو يعيش بين ظهرانيها، ويأكل من خيراتها، ويتربى على أيدي علمائها والصالحين منها، ويقضي فيها أيامه معززا مكرما ، ويعامل معاملة الملوك. 158-126.
15. تحدث الإمام الفقيه عن بعض كرامات لأولياء الله الصالحين، كأن تصيح المعزة في بطن السارق فتفضحه. أقول: ألا يوجد كرامات لطرد المحتل الفرنسي الغاصب للجزائر منذ سنة 1830؟ صفحات 158-126.
16. ذكر أربعة مساجد في تلمسان، ومسجد أبي الحسن المغلق ولا يدخل إليه إلا بإذن من الاحتلال الفرنسي. ومازال الكاتب يسميه ” بإذن خصوصي من الحكومة”، ودون أن يذكر الاحتلال الفرنسي للجزائر. 158-126.
17. يقول: يتطلب المبيت في الزاوية في تلك الفترة أي سنة 1911 تصريحا من “الحكومة” وقد توسط القاضي لدى الحكومة لكي تسمح له بالمبيت. والمصيبة الكبرى أن العالم الفقيه لا ينسب ذلك التصرف إلى الاحتلال الفرنسي، إنما مازال يستعمل عبارة “الحكومة” وكأنها حكومة عادية وليست احتلال. 158-126.
18. مناداة العالم الفقيه للفرنسي المحتل في صفحة 177، باعتبار الرحلة كانت سنة 1911 ، بقوله: ” وتلقانا أيضا مديرها الفاضل المحترم المسيو بيل ولم يقصر في المودة اللسانية الدالة على تخلقه بالإنسانية”. مع العلم العالم الفقيه لم يذكر اسم الجزائر مرة واحدة في صفحة من صفحات الكتاب، ويتعامل معها وكأنها غير موجودة أو لم توجد من قبل، ويتعمد عدم ذكر اسمها. وفي المقابل يتودد للفرنسي المحتل بكل عبارات الثناء ، والتملق، والصغر، والذلة، والمسكنة.
19. ما كان يجب على عالم الأمة وفقيهها، أن يتنكر للجزائر وهي التي استضافته وأحسنت مثواه. وهذه جريمة ارتكبها العالم الفقيه في حق الجزائر، وأرض الجزائر، وضيافة الجزائر، وتاريخ الجزائر.
20. هذا تبرير للهوان الذي رضيه العالم الفقيه لنفسه، وتبرير مجحف ظالم في حق الجزائر. وهل من السياسة أن لا يذكر العالم الفقيه اسم الجزائر طيلة صفحات الكتاب؟ وما يمنعه من ذكر الجزائر؟ ولماذا يتعمد عدم ذكر اسم الجزائر؟ إن ما ذهبت إليه لا علاقة له بالموقف الظالم الذي وقفه الفقيه العالم تجاه الجزائر.
21. أخشى ما أخشاه أن العالم الفقيه سكيرج لا يعترف بالجزائر وطنا، ولا دولة، وهو في هذا يتساوى مع المحتل المغتصب للجزائر. وبما أنه لايذكر الأسباب التي دفعته لعدم ذكر الجزائر، فإني أرجح – وإلى أن يثبت العكس- أن العالم الفقيه لا يعترف بالجزائر، وهي الفكرة التي روجها يومها الاستدمار الفرنسي.
22. المفارقة العجيبة التي يطرحها القارئ المتتبع، تكمن في كون الفقيه العربي سكيرج لم يذكر اسم الجزائر وقد زارها سنة 1911، بينما الرحالة الألماني يذكر اسم الجزائر وقد زارها سنة 1732.
[1] راجع من فضلك مقالنا بعنوان: ” سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم كما يراه العالم المغربي سكيرج، وبتاريخ: الخميس 26 ربيع الأوّل 1442 هـ الموافق لـ 12 نوفمبر 2020. [2] راجع من فضلك مقالنا بعنوان: ” الرحلة الحبيبية الوهرانية لسكيرج”، وبتاريخ: الثلاثاء 1 ربيع الثاني 1442 هـ الموافق لـ 17 نوفمبر 2020.—
الشلف – الجزائر
معمر حبار