بلدنا تنهي مخيّمها الأول في برنامج ” تجوال “
تاريخ النشر: 24/11/20 | 14:00في قريّة بتير الفلسطينية، أنهت جمعية الشباب العرب – بلدنا، يوم الأحد الـ22 من تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، المخيّم التدريبي الأول في برنامج “إعداد وتدريب مرشدي تجوال للعام 2020\2022” الذي يندرج تحت إطار مشروع “هُوية”، شاركت فيه مجموعة نواة من المرشدين\ات، والذين تلقوا تدريبًا سابقًا الشهر الماضي. وخلال الأيام الأربعة التي عُقد فيها التدريب، تجول المرشدون في عدّة مناطق في القدس وضواحيها، وقطعوا أكثر من 25 كم في جبالها ووديانها.
وبدأت أولى فعاليات المخيم بتدريب المرشدين على نصب الخيام والإعداد من أجل ليلة تخييم كاملة يوم الخميس 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، ومن ثمّ انطلق الفريق المكوّن من 10 مرشدات ومرشدين بإرشاد مركّز المشروع خليل غرّة، في صباح يوم الجمعة الباكر في جولة سار فيها من قرية لفتة المهجرة إلى قالونيا المهجّرة ومن ثمّ ذهب إلى قلعة القسطل. في هذه الجّولة تعلّم الفريق عن تضاريس المنطقة، وطبيعتها، وأهلها، وتاريخها، وإرثها في التاريخ الفلسطيني، وعن تسلسل أحداث النكبة في القدس، وسقوط القسطل بعد استشهاد القائد الفلسطيني عبد القادر الحسيني في الثامن من نيسان/ أبريل القدس، والتي كانت بمثابة لحظة حاسمة في احتلال البلاد عام 1948، ليختتم برنامج اليوم بفعالية ليلية رُويت فيها قصص من تاريخ المقاومة.
وفي اليوم الثالث من المخيم، أي السبت، انطلق الفريق صباحًا إلى قرية النبي صموئيل، ليتعلم عن تاريخها السحيق والحضارات المتعددة التي اتخذت منها موقعًا استراتيجيًا كونها أعلى قمّة في القدس، ورُويت فيها قصّة مصطفى عبيد الصمويلي، سيرته وتاريخه النضاليّ، الذي استمر بإلحاق أضرار بالجيش الإسرائيلي، بعد احتلال البلاد قبل أن يستشهد في العاشر من آذار/ مارس 1956. ومن ثمّ ذهب الفريق إلى القطمون التي رُويت فيها قصّة القرية وأعلامها البارزين، مثل الدكتور محمود الدجاني، وخليلي السكاكيني، اللّذين مرّ المرشدون بجانب منزليهما، وتحدثوا عن دور القطمون في النكبة وصمود حاميتها تحت قيادة القائد الفلسطيني إبراهيم أبو ديّة قبل سقوطها في أيدي العصابات الصهيونية في الثاني من أيار/ مايو 1948، ومن ثمّ إلى الشيخ جرّاح التي استُعرض تاريخها وحاضرها العنيد مع محاولات سلطات الاحتلال اقتلاع أهلها من بيوتهم. ومن هناك، سار الفريق إلى جبل المشارف ليختتم البرنامج بجولة في قريّة بتير حيث كان يمكث طوال فترة المخيم، مع ابنها المرشد حسن معمّر، والذي تحدّث عن تاريخ القرية الكنعاني والروماني وصولًا إلى تاريخها المعاصر ونموذجها التعاوني الرائع، ونجاح أهلها في الحفاظ عليها ببراعة بالغة وسط محاولات الاحتلال المستمرة للتضييق عليهم.
والمخيم هو التدريب الثاني من سلسلة تدريبات ستُقام بمواضيع متعددة تتعلق بالتجوال بشكل عام، وبالتجوال في فلسطين بشكل خاص، كالتاريخ، والتاريخ الاجتماعي، وعلم الآثار، والنباتات، بالإضافة إلى تدريبات متخصصة بالإرشاد والبحث. بعد انتهاء هذه التدريبات سيكون الفريق قادرا ومؤهلا للعمل مع مجموعات شبابية في مجال التجوال في القرى والمدن الفلسطينية في الداخل.
اعتُمد التجوال بطريقة تتضمن منهجية فلسطينية تسعى إلى إرساء علاقة معرفية وعاطفية مع المكان (فلسطين)، وهو الحيز الذي تعمل السلطات والعقيدة الإسرائيلية جاهدة على تغييبه وتغيير معالمه، بموازاة تغريب الفلسطينيين عنه أيضًا، لنبلغ واقعًا بات يرى فيه الشباب قراهم ومدنهم على أنها أماكن سكن مسلوبة التاريخ والمعنى، ضمن رؤية تسعى إلى سلخ مضمون علاقتنا بأرضنا وتاريخنا، وتحويلها لعلاقة استهلاكية تختصر زيارة الطبيعة والقرى المهجرة، وحتى القرى والبلدات المسكونة، بطابع نزهة عائلية لا تحمل بعد التعلم عن هذه الأماكن.
وكان المرشدون قد تعلموا في التدريب الأول أساسيات الجغرافيا في فلسطين، كما التدرب على معرفة الاتجاهات وطرق تحديدها، بالإضافة إلى تعلم وصف المناطق وتسمياتها الجغرافية، هذا إضافة إلى تمييز أنواع الخرائط المختلفة والتدرب على قراءة الخارطة وتفكيك رموزها من أجل فهم المكان وطريقة التفاعل معه جغرافيًا، وذلك في قرية صوبا المهجرة غربي القدس في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2020، والتي حصل المرشدون فيها أيضًا على سرد تاريخي حول مكانة القرية على المستوى الفلسطيني، والحضارات الغابرة التي سيطرت عليها. كما وتدرب الفريق على الطبوغرافيا وتعرف على أنواع الخرائط الطبوغرافية ودورها في الملاحة، ليتقسموا إلى ثلاث مجموعات أجرت كلّ منها تدريبًا متقدمًا على الملاحة البريّة، في برية وادي السنط جنوب غربي القدس.
يمتد برنامج تجوال إلى عامين نهدف من خلالهما إلى تأهيل وتدريب مجموعة من المرشدين الذين سوف يعملون لاحقًا مع الجيل الشاب لتثقيفهم وتمرير ورش وفعاليات وجولات تطرح قضايا وطنية، وسياسية، واجتماعية، وتاريخية فلسطينية من شأنها أن تعزز علاقة الفلسطيني بأرضه وتاريخه وأيضًا بناء علاقة عاطفية حسية مع المكان في فلسطين.
يسعى مشروع “هوية” الذي تقوم عليه جمعية الشباب العرب- بلدنا وبدعم من مؤسسة التعاون إلى تعزيز الهوية الوطنية والمعرفة بالتاريخ والقضية الفلسطينية لدى شريحة الشباب، من خلال الألعاب اللوحية، الفيديوهات السياسية بمادة التاريخ والتجوال الميداني السياسيّ في القرى والمدن العربية.