حكاية الريح والشمس…
تاريخ النشر: 14/10/11 | 7:10يحكى أن الريح والشمس تحاورت في ما بينهما
قالت الريح للشمس :
تعالي نتخذ من هذا الرجل رهاناً وتحدياً بيننا ؟!
فقالت الشمس : رهانٌ بيننا ؟ على ماذا ؟ ولم التحدي ؟
قالت الريح : على أيّنا ينجح في أن يجبر الرجل على نزع معطفه الذي يرتديه عنه فيكون هو الأقوى بيننا .
فقبلت الشمس الرهان وقالت أنا سأنجح في إقناعه بخلع معطفه …….
بدأت الريح أولاً فصارت تصدر أصواتاً مدوية ومخيفة وتقذف الهواء والتراب وتهيج وتشتد وتشتد وتحاول بقوتها وسرعتها أن تنزع المعطف عن الرجل ولكنه كان يتمسك بمعطفه بكل ما يملك من قوة وتزداد الريح شدةً ويزداد الرجل تمسكاً بالمعطف وتضطرب الريح وترسل الهواء عبثاً والرجل يتمسك بمعطفه أكثر وأكثر حتى توقفت الريح عن محاولاتها وأعلنت فشلها وضعفها وعدم قدرتها.
ثم أشارت الريح للشمس أنه قد حان دورها
فابتسمت الشمس وطلعت بهدوء وملأ الدفء المكان
فشعر الرجل بازدياد الدفء والحرارة فلم يجد للمعطف حاجة
فنزع المعطف عنه بنفسه بكل هدوء وطمأنينة وسلام.
قصة جميلة من نسج الخيال فيها دروس وعبر وهي تُعلمنا كيف يكون التعامل الصحيح
ما بين بني البشر فنجعل تعاملنا مع بعضنا بتعامل الشمس وليس بتعامل الريح…
فليس كل شيء نستطيع الحصول عليه بالإكراه واستخدام الأساليب القاسية كالمنتشرة والمتفشية في هذا العصر .
ولماذا نلجأ إلى ذلك ونحن بإمكاننا استعمال أسلوب اللين والكلام الطيب والاحترام والتعامل الودي والمعاملة الرقيقة .
كل منّا يحاول أن يحصل على ما يريده بطريقته الخاصة ولا يفحص إن كانت هي الطريقة المُثلى أو إن كانت هناك بدائل أفضل وأنجع يستطيع بواسطتها الحصول على ما يريد ولا يفحص إن كانت طريقته ستحقق أحلامه أم أنها ستبعده عن مبتغاه أكثر وأكثر .
هذه الريح قالت أنا أستطيع أن أجبر الرجل على نزع معطفه وكان السبيل إلى ذلك الإكراه والإجبار والانتزاع والقسوة .
بينما قالت الشمس بأنها ستنجح في إقناع الرجل بأن يخلع معطفه بنفسه وعن طيب خاطر وبإرادته ورضاه وشتان ما بين هذا وذاك .
نحن عادة لا ننظر إلى الرقة والرفق واللين والتسامح والصبر على أنهما مصدراً من مصادر القوة لكنها في الحقيقة من أهمها وأقواها والبعض منا حتى يصنفها كمؤشر للضعف في الشخصية وقلة الحيلة ولكنها حقيقة دليل على الصحة النفسية والسيطرة على الذات والتحكم بها لأن الشديد حقاً هو الذي يمسك ويملك نفسه عند الغضب .
إن استخدام طريقة الكلام والتفاهم والرفق واللين هي أول الطريق لتأسر قلوب الغير وهي أسهل الطرق التي لا تحتاج إلى معدات ولا تكلف شيئاً ولا جهداً وعواقبها طيبة حتى مع الجاحدين إلا ما ندر .
بينما بالمقابل فإن كل الأساليب القاسية لا تعود علينا بالمنفعة فهي لا تجلب سوى التعب النفسي والجسدي وعواقبها سلبية سيئة لا تبشر بالخير , والقسوة استعباد وظلم وهي أول الطريق للكراهية والبغضاء والضغينة .
وهذا ما يحدث في واقعنا وحياتنا
بعضنا كالريح يندفع بلا هوادة نحو التغيير ويجهد نفسه في أمور لا طائل منها ولا داعي ولا ضرورة ولا مبرر لها وغالباً ما يضيع منه الهدف إما بسبب قوة الاندفاع والحماس التي تصل إلى حد الرعونة أو عدم التركيز أو فشل الطريقة والأسلوب وقد يرمي بالخطأ واللوم على الجميع متناسياً رعونته واندفاعه وتهوره الغير مدروس .
وبعضنا كالشمس يتدرج في العمل من ضياء إلى دفء إلى حرارة شديدة فيمكنه هذا التدرج من المراقبة والتعديل والمتابعة بكل ثقة وقناعة فيتحقق الهدف المنشود ويتغير الواقع الموجود بتدرج قد لا يدركه ولا يعقله من الناس الكثير .
وما بين الإجبار والإقناع فن يستحق أن نجتهد في تحصيله ومهارة حياتية يجدر بنا أن نسعى لامتلاكها .
فهـيا بنا جميعاً نتخذ من أسلوب الشمس نهجاً ونتعامل في ما بيننا بسهولة وبابتسامة مشرقة فتبسمك في وجه أخيك صدقة والكلمة الطيبة صدقة والصبر على الغير يؤتي الخير ولو بعد حين .
إن المجتمع هو المكان الذي يحوي الأفراد من بني البشر فإن لم يتغير الأفراد لن يتغير المجتمع لقوله تعالى:-(إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم)(سورةالرعد-الآية 11)
لهذا علينا أن نغير من تعاملنا مع بعضنا ونمحو ظاهرة العنف والإكراه والقسوة والإذلال ونستبدلها بالكلمة الطيبة والمعاملة بالحسنى والاحترام والرفق في ما بيننا ليُصبح مجتمعنا أفضل وحياتنا أنقى وأجمل وأسهل .
تلك هي حكايتنا , نريد التّغيير بالإكراه والإجبار , ولكن عبثاً نصل وننجح , الطريق الصّحيح هو الإقناع والّلين والبيّنة , علينا أن نوصل أي فكرة نؤمن بها للشّخص أو المجتمع بطريقة يتقبّلها عقله وذلك بالدّلائل والشّواهد الواضحة. مشكور أخ يوسف على طرحك الرّائع .
بارك الله بك يا اخ يوسف على هذا المقال الرائع وان دل انما يدل على حرصك على الدين والاخلاق واسال الله العلي القدير ان نتعامل فيما بيننا كما تعامل الصحابه رضوان الله عليهم مع بعضهم وان نمحو ظاهرة العنف وان ننبذ كل من يسلك طريق العنف بالتقرب الى الله ولك اخي يوسف كل التحيات من القلب
حياك الباري استاذي الكريم وجمل ايامك بالحكمة ومكارم الاخلاق..
مقالتك جوهرية المضمون والمعاني..تدعونا الى السلوكيات الايجابية ..الى العمل بمكارم
الاخلاق..الصبر.. التسامح ..الطيبة..الحسنى..الرفق..الاحترام..البسمة..الخير..
جدير بنا ان نعلم الاجيال الشابة العمل بالسلوكيات الفاضلة..
جدير بنا ان نسلك الطرق السامية النبيلة الراقية ..ونذوتها لطلابنا مع دروس العلم
والتربية..لنخلق جيل راقي واخلاقه حميدة..
جدير بنا ان نعمل على ان يكون مجتمعنا مثقف..يقدس المطالعة والكتاب..والمسرح
والفعاليات الثقافية..والتصرف السامي بالرقي والطيبة.
جدير بنا ان نكون مجتمع تربوي حضاري ديمقراطي نحترم انفسنا والاخرين..نحترم الراي
الذاتي والراي المخالف للاخرين..
جدير بنا ان نعمل بالعطاء الجماهيري…وان نقدس بالاحترام اهل العطاء..
جدير بنا ان نسلك الحياة العريضة..المكحلة بالعطاء الخالد…
جدير بنا ان نتالق باداء ادوارنا في مسرح الحياة..نعمل بجد واجتهاد لحياة فاضلة..
استاذي الفاضل..اتمنى لك دوام الصحة والعافية..ومزيدا من العطاء الخالد..