“أم فراس”
تاريخ النشر: 27/01/21 | 9:22سافر حسين وعائلته في رحلة إلى ألمانيا برفقه صديقه كميل وعائلته ورافقتهم أم فراس الترشيحانيّة، حماة كميل، للاستجمام والنقاهة.
أقاموا أسبوعًا في قرية سياحيّة؛ سنتر بارك يُدعى Bispinger Heide؛ جنّة الله على الأرض لما تشمله من هدوء وطمأنينة، طبيعة ومياه وغابات، مدينة ملاهي ورياضة ونقاهة تزيح هموم الدنيا وتعب الحياة وروتينها والتوتّر اليومي الأمني في ربوع شرقنا.
تجوّلوا في مدينة هامبورج القريبة وسوق السمك((Fischmarkt، يفتح في الساعة الخامسة صباحًا حتى التاسعة والنصف، يقدّم كلّ أنواع البحريّات الطازجة بمزاد علنيّ مميّز، تمامًا كسوق يافا كما يرويها الآباء والأجداد.
لا بدّ من زيارة برلين والجدار الذي كان فاصلًا يومًا ما وإنهار بين ليلة وضحاها، والتعريج على بوابّة براندنبورغ ليتحسّر على ما آلت إليه بوابّة مندلبوم “حين فتحوها هم”، متحف بيرغامون المخصّص للفن الإسلامي وبرج التلفزيون مع المقهى المتحرّك في أعاليه ليسرح مع العراقة والتاريخ وتحطيم الجدار.
أسبوع كامل دون حواجز وتوتّر أمنيّ، دون رجال شرطة وأمن في كلّ مكان، تلازمهم الأريحيّة والهدوء النفسي بعيدًا عن المنغّصات، يسرحون ويمرحون بين بني البشر، من كلّ الألوان والجنسيّات واللغات، دون تفرقة من أيّة نوع يُذكر.
في نهاية الرحلة وصلوا إلى مطار فرانكفورت الدولي، لتبدأ رحلة العذاب وطريق الألام في استجوابات أمنيّة تنغّص الحلم العائليّ، من تفتيش وأسئلة روتينيّة ممجوجة، أين كنتم ومن قابلتم وأين نمتم وغيرها، وتصل ذروتها حين يسأل أمنون، ضابط الأمن: “مَن رافقكم في رحلتكم؟” فيجيبه حسين بعفويّة: “كميل وعائلته”.
– ومين كمان؟
– هذا هو.
– تذكّر جيّدًا، هل رافقتكم امرأة مُسِنّة؟
– آه، طبعًا.
– من تكون؟ ما اسمها؟
– أجاب حسين بعفويّة تامّة: “إم فراس”!
– استشاط أمنون غضبًا وصرخ في وجه حسين: “شو – بتتمسخَر عليّ؟”
– أجابه حسين بكل هدوء وبرود أعصاب: “كلّ حياتي بعرفها إم فراس!”
– قال أمنون والشرار يتطاير من عينيه: “يمكن عايدة؟”
– ضحك حسين ساخرًا: “شو – انت بتتمسخَر عليّ؟ عايدة إم كميل، مش حماته!”
وتبيّن له أن والدة كميل وحماته تحملان الاسم ذاته.
حسن عبادي
*** نُشرت القصّة في مجلة شذى الكرمل، إصدار الاتحاد العام للأدباء الفلسطينيين
الكرمل 48، السنة السادسة، كانون الأوّل 2020