أسرانا وذويهم بين الألم والأمل
تاريخ النشر: 31/01/21 | 8:01بقلم أ. سامي حلمي
عندما نتحدث عن قضية الأسرى فإننا لا نتحدث عن قضية عابرة أو قضية جانبية, بل عن قضية في غاية الأهمية وذلك لثلاثة أسباب رئيسية :
الأول: كونها قضية ليست موقتة بتوقيت معين، فهي موجودة في كل دقيقة وكل وقت من حياتنا كشعب فلسطيني.
الثاني : قضية الأسرى هي أحد أعمدة الثوابت الرئيسية في قضية الشعب الفلسطيني فهم يقبعون داخل سجون الظالمين نيابة عن المجتمع الفلسطيني ويدفعون الغالي والنفيس تضحيةً للوطن.
الثالث : المعاناة الكبيرة لأهالي وذوي الأسرى والتي لا تقل معاناتهم عن الأسرى انفسهم.
ونحن اذ نعيش اليوم حالة رفض مصلحة السجون تطعيم الأسرى الفلسطينيين ضد فيروس الكورونا (250 أسيرًا مصابون بعدوى الكورونا) بحجة أن هؤلاء الناس آخر من يجب أنيُعتنى بهم على اعتبار أنهم أعداء المؤسسة الإسرائيلية.
فإذا كانت هذه نظرة المؤسسة الإسرائيلية لأسرانا على هذا النحو، فإن نظرتنا على النقيض، فَهُم على أعلى هامات رؤوسنا واهتماماتنا لأنهم حملوا وما زالوا يحملون هم قضيتنا العادلة, وإن كانت آخر معاناة أسرانا هو إهمالهم طبيا إلا أن المعاناة ما زالت مستمرة في جوانب كثيرة وبشكل يومي، فحملة الاستهداف اليومي للإذلال مستمرة والحرمان من أبسط الحقوق الحياتية مستمر والاعتقالات الإدارية مستمرة ومداهمة الزنازين مستمرة، واستعمال سياسية عقاب العزل الإنفرادي مستمرة وسياسة تعذيب المعتقلين مستمرة والتصفيات الجسدية والموت البطيء مستمر, كلها معاناة لا يشعر بها حقيقة إلا من يعيشها .
في المقابل ترك الأسير خلفه أمًا أو أبًا أو زوجة وأولادًا والأصدقاء وحياة ملؤها الحركة, كل هؤلاء ينظرون بمنظارين, منظار معاناة غاليهم ومنظار غلاء الوطن, فمعاناتهم هل هي متمثلة بانتظار تحرر حبيبهم أم بالقهر والإذلال والمهانة عند الحواجز وانتظار الساعات الطويلة للوصول الى السجون أم هو القهر والمهانة عند الوصول للسجن والوقوف لساعات طويلة في حر الشمس وبرد الشتاء ،ومهانة التفتيش أم معاناتهم في غياب المعلومات عنهم عن حاله واحواله لشهور عديدة، بل الأنكى من ذلك الحرمان من الزيارة وعدم رؤية الأب أو الأم أو الإبن وغيرها من أشكال “التفنن والإبداع” في المهانة والعذاب , لسان حالهم يقول: كله يهون من أجلك يا وطن…. يا غالينا صبرنا لا يصل الى معشار صبرك… يا غالينا صمودنا من صمودك … يا غالينا أنت الذي تزرع فينا الأمل يومًا بعد يوم , فمهما طال الغياب فإننا لا محاله منتصرون.
لقد عانى شعبنا, الشعب الوحيد الذي ما زال يرزخ تحت وطأة الاحتلال في العالم، ما لم تُعانِهِ الكثير من الشعوب, فمنذ عام 1967 وحتى يومنا هذا تعرض أكثر من 800 ألف فلسطيني من بينهم الأطفال والنساء للاعتقال، فإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على العزم والتصميم على رفض الاحتلال وأن الحق لا يكون إلا لأصحابه, فعندما يجتمع الأسير وذويه والشعب على وِحدة وعدالة وأحقية القضية فإن سياط الدنيا مجتمعة لن تكون حاجزا في تحقيق الآمال المنتَظرة حتى لو طال العذاب عشرات السنين.ِ