لبنى دانيال .. الغوص في عمق الوجدان والتألق مع نبع الشعر
تاريخ النشر: 18/02/21 | 10:55بقلم: شاكر فريد حسن
تتألق وتتهادى مع نبع الشعر الذي أرسل ضفائره وأهداها الى روحها الهائمة، وتغوص في بحر الوجدان والاحساس، تكتب بكلّ الكلمات وبكلّ الوان النبض والبوح. هي لبنى فريد دانيال، الصوت الشعري الرومانسي الحالم القادم إلينا من ربى وسماء الناصرة ، التي تمتلك أدوات الشعر وتتميز برهافة الحس والسلاسة والانسيابية والصدق الفني، وبلغتها الشعرية الواضحة إلى حد المباشرة دون إبهام وتعقيد ورموز وأحاجي .
لبنى شاعرة شابة اقتحمت عالم الابداع وبوابة الشعر بكل جرأة وثقة، وشكلت الكتابة الشعرية هاجسها وأسلوبها وأدواتها في التعامل مع محيطها، وكما قالت لي في حوار أجريته معها حول تجربتها الابداعية قبل سنوات :” القصيدة تكتبني قبل ان أكتبها، وأحلامي التي تولد كل يوم هي ملهمتي ” .
عرفنا لبنى من خلال قصائدها التي نشرتها في الصحف المحلية، وخاصة صحيفة ” الاتحاد” العريقة، وفي عدد من المواقع الالكترونية ، وفي ديوانيها “هنا ارضي” و”خطى”.
نصوص لبنى دانيال متعددة ومتنوعة بمواضيعها، بالغة الأهمية والاتساع، تتراوح بين الوطنية والوجدانية والعاطفية الحزينة، وفيها تبث لواعج نفسها وخلجات روحها ونبضات قلبها ومشاعرها الفياضة بالإنسانية والحب والأم ، ورؤيتها العامة تتشكل من بعدين هما، البعد الوطني والبعد العاطفي، فيمتزجان امتزاجاً عضوياً بارعاً، الأمر الذي يضمن لها درجة عالية من النضج والعمق والتكامل.
والمتأمل في شعر لبنى دانيال يدرك تماماً أنها تدمج بين الخاص والعام، ينبثق من همها الذاتي الهم العام، ومأساتها التي تحيا هي جزء من مأساة وطنها، ونصيبها من نصيب هذا الوطن وأرضه. ويحتل الحب والوطن مساحة شاسعة من هواجسها، وتحمل قصائدها في ثناياها كل معاني الطبيعة الأرض والوطن والعشق والإنسان والمحبة .
قصائد لبنى دانيال عذبة، ممتعة، رائعة، تحقق لها التميز والتفوق، وتتدفق منها الألفاظ الرقيقة المموسقة ذات الايقاع المنساب. وهي قصائد تتراوح بين الوجدانية والتأملية ، وتستلهم الذات والأحلام، تنضح بالحيوية، وتصطبغ بروح إنسانية مفعمة بصدق العاطفة والتوهج العاطفي، تشكل الارض موتيفًا وموضوعًا اساسيًا فيها، وهو ملمح للشعر الفلسطيني منذ النكبة وحتى اليوم، فتقول :
يا وطني لو كان بمقدرتي
لهدمت السور
وعمرت الأرض البور .
والحب في شعر لبنى دانيال قوي ولطيف وراقٍ، فيه الاحساس الصادق، فهي شاعرة تعرف كيف تحب الحياة والإنسان والطبيعة والوطن، وكيف تكون أسيرة للحب والهيام، إنها تجمع في قصائدها حب المكان، وحب الانسان ، وحب الجمال، وحب الطبيعة، وحب الشعر المسيطر في كل مكان في كيانها، تعبر به ومعه كل ما تختلج به نفسها ونبضها. وتعج قصائدها بالحب والوطن، وبالصور والمفردات الشعرية الراقية المتدفقة المعبرة الوفية لأصلها وأصولها.
صالة لبنى دانيال وتجربتها الكتابية أكسبت قصيدها طابع البساطة والرقة، وهي تبعث في المفردة المنتقاة نبضًا واحساسًا. ومن يقرأ نصوصها يلمس إنها تتميز بالصدق والطابع الرومانسي، والشفافية ، تزخر بالمعاني العميقة والصور الشعرية المشرقة المكثفة بأضوائها الساحرة وتتصف بالرقة والانسيابية.وما يميز لبنى دانيال هو الدفء الذي ينبعث من سطور قصائدها التي تلاطف كيان القارئ وحسه الفني.
وهذا الدفء الكامن في شخصيتها يرافقها طوال حياتها، ولذلك فهو ظاهر وبارز في ديوانيها، إنها تتسم بالثقة والنضج والحب واللطف والصدق العفوي والدفء، ما يدل على أن لبنى لم تتغير بطابعها واحساسها ورؤاها، فهي الانسانة صاحبة القيم، العاشقة اللطيفة المحبة بعقلها وقلبها وعواطفها، الصديقة الصدوقة، المثقفة، القارئة، الملتزمة فكرياً وسياسياً، والوطنية الحقيقية، الروحانية الصوفية، والشاعرة التي تفيض شاعرية وابداعًا واحساسًا.
صور لبنى دانيال الشعرية الفنية ، نابضة بالحياة، مبنية على مستويين، حقيقية ومجازية، تذوب بينهما الفواصل والنقاط وعلامات الاستفهام والتعجب.
وهي تلجأ إلى استخدام الكلام الرقيق الناعم الواضح شبه المباشر، لم تجدد على مستوى الشكل أو المحتوى، وإنما نجدها تحافظ على نمط الشعر الوجداني الانساني.
أما لغتها فناضجة، سلسة، تصبغها الجمالية والموسيقى التي تسحر الفؤاد والقارئ وتجعله يتذوق جمالًا سلسًا ووجدانيًا، يلهب الدفء قصيدها وينقله للناس ليتذوقوه .
تحية للبنى دانيال وللشعر الوجداني والانساني الذي تكتبه، مع التمنيات لها بالتقدم والنجاح، والمزيد من العطاء والانتاج في مجال الشعر والأدب لما فيه خير الحركة الشعرية والأدبية ومجتمعنا العربي، ولها الحياة .