تعرفوا على الرئيس الحرامي-الإعلامي أحمد حازم
تاريخ النشر: 21/02/21 | 11:57لقد قيل الكثير في وصفا الرؤساء سلبياً وإيجابياً. وأحسن وصف للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ما ذكرته الصحفية الفرنسية كورين الحايك عنواناً لكتابها الذي أصدرته مؤخراً “الرئيس الحرامي Cambrioleur President Le”. والتي تقول فيه أيضاً أن ماكرون يسير على خطى الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب. وتقول عنه أنه “يتصرف على أنه خبير إلهي بما يكفي لإعادة تصميم ديانة إبراهيمية رئيسية جديدة”.
ما قالته الصحفية الفرنسية يعيد بنا الأذهان إلى المناظرة التي جرت بين ماكرون ومارين لوبان خلال المنافسة في انتخابات الرئاسة الفرنسية، حيث قالت عنه لوبان:” إن ماكرون هو مرشح العولمة المتوحشة والهشاشة والوحشية الاجتماعية، والتخريب الاقتصادي وتجزئة فرنسا من جانب المصالح الاقتصادية الكبرى”.
كورين الحايك الصحفية التي اشتهرت بالكشف عن خفايا السياسيين، تبين في كتابها الجانب الخفي للرئيس الفرنسي، وتركز على علاقته مع زوجته بريجيت ماكرون وكيف تطورت هذه العلاقة قبل وبعد الزواج. والأمر الأكثر استغرابا الذي تشير إليه المؤلفة في الكتاب، هو حقيقة اعتراف ماكرون “بأن الفرنسيين لا يعرفون من أنا”. وهنا المصيبة. شعب لا يعرف من هو رئيسه باعتراف رئيسه.
من الطبيعي جداً أن لا يعرفه الفرنسيون، استناداً إلى ما كتبه عنه الصحفي الفرنسي برونو جودي رئيس تحرير قسمي السياسة والاقتصاد في مجلة “باري ماتش” الشهيرة المعروفة بانتشارها الواسع في فرنسا والعالم أيضا. فقد قال في مقال له:” عندما تظن أن ماكرون ليبرالي، فإنه يبدأ في الحديث عن مشروعات التأميم، وعندما تبدأ تفكر بأنه عولمي، تشعر بأنه يتبنى أفكار جان بيير شيفينمنت، المؤسس المشارك للحزب الاشتراكي الفرنسي، وعندما تعتقد بأنه مغرم بميشيل روكار، رئيس الوزراء في عهد الرئيس الاشتراكي السابق فرانسوا ميتران، تسمع منه إعجابه باليعاقبة في الثورة الفرنسية، والحقيقة أن ماكرون هو أرسين لوبين القرن العشرين للجمهورية الخامسة”.
وللمعلومة ولمن لا يعرف مصدر اسم (اليعاقبة)، فهي تسمية لجمعية أصدقاء الحرية والمساواة: Société des Jacobins, amis de la liberté et de légalité)) وتعرف غالبا باسم نادي اليعاقبة (Club des Jacobins)، وكان النادي السياسي الأكثر نفوذاً خلال الثورة الفرنسية.
ماكرون معروف لدى الصحفيين الفرنسيين بأنه سلطوي، انفرادي ونرجسي يخاف أكثر شيء من الصحفيين. لكن هذا الرئيس الشاب لم يعد لديه ما يشكو منه حول عدم معرفة الفرنسيين به، لأن كتاب كورين الحايك يكشف كل شيء، وسيعرفون بعد اليوم من هو ماكرون (الحرامي)، سارق الأفكار كما تصفه الكاتبة.
ولكن لماذا سارق الأفكار؟ تقول الحايك:” لأنه احتل قصر الإليزيه بدون أي أفكار منه ولا يعد بشيء ، وأنه ببساطة سرق أدبيات الآخرين. حتى أنه لم يكن يتوقع أن يكون في الجولة الثانية من الانتخابات الفرنسية، لكن بفضل االنزاع الداخلي بين الجماعات اليمينية، حصل على عدد كافٍ من الأصوات لخوض جولة الإعادة ضد مارين لوبان رئيسة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة.
والحقيقة أن الكتاب يكشف بوضوح، أن فوز ماكرون في الرئاسة لم يكن سببه حب الشعب الفرنسي له، بل لأن الشعب كان أمام خيارين: إما ماكرون أو اليمينية المتطرفة ماري لوبان. والكل يعرف أن الفرنسيين لا يرغبون رؤية لوبان في قصر الإليزيه، ولذلك فإن الحركة السياسية التي يرأسها ماكرون “الجمهورية إلى الأمام” فازت من دون أي جهد أو تعب.
الكاتبة الفرنسية تعتقد بأن “الرئيس الحرامي” ماكرون سرق جميع الأفكار والبرامج والمخططات من الآخرين، الأمر الذي مكنه من الفوز بالرئاسة الفرنسية، وأنه ينوي مرة أخرى خوض الانتخابات المقبلة، ولذلك بدأ حملته لولاية ثانية ولا أحد يعرف أي الأفكار سيسرقها ماكرون، علماً بأن زوجته بريجيت لا ترغب في ترشيح زوجها لفترة رئاسية ثانية، كما قالت الحايك في كتابها.
بقي علينا الإشارة إلى نقطة مهمة وردت في كتاب “الرئيس الحرامي” وهي أن الرئيس الفرنسي ماكرون يعتزم في الآونة الأخيرة حظر الإسلام في فرنسا. فقد غض الطرف عن تصريح وزير داخليته جيرالد دارمانين عندما هاجم مؤخراً بشراسة الزعيمة اليمينية المتطرفة مارين لوبان ،بقوله :”إنها كانت متساهلة مع الإسلام لأنها لم تعد ترى فيه مشكلة”. وهذا يعني أن تصريح وزير الداخلية الذي ينتمي لحزب ماكرون لم يأت من فراغ، بل يمثل موقف رئيس الدولة الفرنسية تجاه الإسلام. ومن المؤكد أن ماكرون سيلعب بالنار إذا أراد المس بالدين الإسلامي وبملايين المسلمين في فرنسا، وعليه الحذر جداً من النار لأنها تحرق.