جواسيس جدعون وعرب جيّدون.. كتابان وجهان لعملة واحدة
تاريخ النشر: 01/03/21 | 16:30كتابان مليئان بنماذج التواطؤ مع إسرائيل وبالتحديد مع الاستخبارات الإسرائيلية. الكتاب الأول يحمل اسم “العرب الجيّدون” والكتاب الثاني بعنوان “جواسيس جدعون- Gideons Spies. الكتاب الأول للباحث هيلل كوهن من معهد ترومان لدراسة إسرائيل، والذي صدر في العام 2006 عن دار النشر الإسرائيلية “كيتر”. المؤلف يسرد في كتابه العلاقة بين العرب في إسرائيل مصحوبة بوثائق سرية جدا لجهاز “الشين بيت”، ومكتب رئيس الحكومة ووحدة الإستخبارات والأقليات لشرطة إسرائيل.
ويقول الباحث في مقدمة كتابه أن اسرائيل رأت في العرب “خطراً أمنياً”، لذلك عمل جهاز المخابرات على تجنيد عملاء من القيادات العربية، أطلق عليهم المؤلف “العرب الجيدون”. بمعنى أن هؤلاء العرب الذين تطرق إليهم الكاتب أي الذين اختارهم الكاتب ليتحدث عن خدماتهم لإسرائيل، هم عرب بنظر إسرائيل جيدون “وبستاهلو كل خير” لكن بنظر الشعب هم عكس ذلك. لأن المعروف في مجتمعاتنا العربية أن كل من يتعامل مع إسرائيل وبالأخص مع أجهزتها الأمنية هو مواطن مشبوه وطنياً. إذاً مضمون الكتاب يتمركز حول العرب الجيدين بنظرهم والسيئين بنظر شعبهم. ومن يقرأ الكتاب يقرر بنفسه نوعية هؤلاء العرب. هذا على صعيد الاستخبارات ال محلية الإسرائيلية.
الكتاب الثاني “جواسيس جدعون “Gideons Spies” كتبه الصهيوني جوردون توماس، ويشرح فيه مدى تعاون جهاز المخابرات الإسرائيلي الخارجي (الموساد) مع زعماء دول عربية والذين بفضلهم أي بفضل تواطئهم وعمالتهم توصلت إسرائيل إلى أهداف كثيرة. ويعترف توماس في كتابه بأنه لولا تضامن زعماء العرب مع إسرائيل لما استطاعت أن تحقق انتصاراتها في المنطقة. ويوضح وماس في كتابه أن “الموساد” موجود في كل مكان في العالم العربي. وما يحدث في المنطقة العربية من تطورات لصالح إسرائيل، ليست في الحقيقة تطورات مفاجئة، لأنها حدثت حسب مخططات سابقة تعود إلى التعاون أو بالأحرى إلى التواطؤ مع إسرائيل.
وبرغم عدائه للمسلمين وللعرب، يعترف توماس في حديث عن مصر: ” اندلعت الثورة المصرية ضد الاستعمار البريطاني، وأصبحت جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست سنة 1928 قوة سياسية فعالة، وعندما خطط جمال عبد الناصر لانقلاب سنة 1952، نجح بفضل تأييد الإخوان له، لكن عبد الناصر انقلب عليهم وسرعان ما رأى أن الجماعة تشكل تهديداً فقام بحظر نشاطها”.
ويبدو أن الإخوان المسلمين عندهم من طيبة القلب والتسامح ما يجعلهم ينسون السيئات بحقهم. وهذا ما جرى بالفعل عام 2012 في عهد الرئيس الراحل الدكتور محمد مرسي، الذي وثق برئيس مخابراته عبد الفتاح السيسي وعينه وزيراً للدفاع، وبعدها انقلب عليه السيسي وقاد انقلاباً ضده. تماما كما حدث مع عبد الناصر.
يقول توماس في كتابه، ان إسرائيل انتصرت على العرب ليس بقوتها بل بالثغرات الموجودة في الصف العربي ويعترف بعدم وجود خط فاصل بين أجهزة المخابرات العربية وبين الموساد. إذ أصبحت هناك دورات تدريبية لرجال المخابرات العرب يتلقونها في إسرائيل.
وما دام الشيء بالشيء يذكر، فإن الضابط مزرا دافيد مدير الاكاديمية الامنية العالمية الاسرائيلية، يقول في حديث مع الإذاعة البريطانية ان كافة المدربين في الأكاديمية هم ضباط إسرائيليون يعتمدون في تدريباتهم على تكتيكات الشاباك او المخابرات الاسرائيلية، مشيراً إلى أن أفراداً من دول عربية وإسلامية تشارك في دورات الأكاديمية.
ويتبين من كتاب توماس وجود نظام أمني متفق عليه بين أنظمة عربية وإسرائيلية، بمعنى أن التعليمات والمعلومات والمناهج هي واحدة، وكل شيء يتعلق بالقضايا الجاسوسية أو الأمنية متفق عليه. وذهب مؤلف الكتاب إلى أبعد من ذلك في فضحه لرؤساء و ملوك عرب، إذ يقول:”إذا أراد رئيس أو ملك أو أمير عربي السفر إلى مكان ما يتم إخبار الموساد ليقدم اقتراحاته حتى في تكوين الوفد الزائر. كلام في منتهى الخطورة يقوله توماس ولا يرد عليه أحد من قادة الأنظمة العربية.
والسؤال المطروح: أليس الشاعر أبو الطيب المتنبي على حق عندما قال في قصيدة له: “قومٌ إذا مس النعالُ وجوههم … شكت النعالُ بأي ذنبٍ تُصفعُ”.