لِمَاذَا يَحْتَفِلُ الجاهِلونَ بيَوْمِ الأُمِّ؟
تاريخ النشر: 04/03/21 | 6:55بقلم: مُحمَّد يونُس
يَحْتَفِلُ الجاهِلونَ بِمَا يُسَمَّى يَوْمَ الأُمِّ، أَوْ عِيدِ الأُمِّ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَموا مَصْدَرَ هَذَا التَّقْليدِ، وَلَمْ يَتَدَبَّروا فِي خَطَرِ التَّقْليدِ. يَحْتَفِلُونَ لِأَنَّهُمْ نَسوا أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ وَأَنَّ دينَهُمْ كامِلٌ لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِكْمالِهِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْعَادَاتِ والتَّقاليدِ. فِي هَذِهِ اَلْعُجالَةِ سَأَسوقُ بَعْضُ النِّقاطِ المتَعَلِّقَةِ بِهَذِهِ العادَةِ الغَرْبيَّةِ الغَريبَةِ، الَّتِي لَا تَمتُّ إِلَى ثَقافَتِنا وَحَضارَتِنا بِأَيِّ صِلَةٍ.
عادَةٌ إغريقيّثم أَمريكِيّة!
يَعودُ أَصْلُ ما يُسمّى بــِ “عيدِ الأم” إِلَى الإِغْريقِ، الذِينَ احْتَفَلُوا بَعيدَ “رِيئا” أُمِّ الآلِهَةِ. وَمَعَ انْتِشارِ النَّصْرانيَّةِ احْتَفَلُوا بيَوْمِ أُمِّ الكَنيسَةِ، ثُمَّ امْتَزَجَ هَذَانِ اليَوْمَانِ لِيَكُونَا “يَوْمَ الأُمِّ”. وَفِي سَنَةِ 1600 ميلاديَّةٍ كَانُوا فِي بَرِيطَانْيَا يَحْتَفِلُونَ بِهِ أَيّامَ الأَحَدِ.
أَمَّا عِيدُ الأُمِّ بِشَكْلِهِ الحاليِّ الذِي نَعْرِفُهُ اليَوْمَ، فَقَدْ بَدَأَ قَبْلَ نَحْوِ مِائَةِ سَنَةٍ، عِنْدَمَا وَجَدَتِ الفَتاةُ الأَمْريكيَّةُ آنَا جَارْفِيسْ أَنَّ الأَبْناءَ عِنْدَمَا يَكْبُرونَ غَالِبًا مَا يَنْسَوْنَ أُمَّهَاتِهِمْ بِسَبَبِ الِانْشِغالِ فِي الحَياةِ اليَوْميَّةِ. بَعْدَ وَفاةِ والِدِها وَوالِدَتِها، أَقَامَتْ سَنَةَ 1907 مِيلادِيّة احْتِفالًا فِي ذِكْرَى والِدِها الذِي يُصَادِفُ يَوْمَ الأَحَدِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ شَهْرِ أَيَّارَ. دَعَتْ مَعارِفَها وَاحْتَفَلَتْ بِعيدِ الأُمِّ، وَنَشَرَتِ الفِكْرَةَ بَيْنَهُمْ. وَفِي سَنَةِ 1908 كَتَبَتْ لِإِحْدَى الكَنَائِسِ فِي مَدينَةِ جرافتَاونَ حَيْثُ كَانَتْ والِدَتُها تُعَلِّمُ هُنَاكَ لِمُدَّةِ 20 سَنَةً، وَاقْتَرَحَتْ أَنْ تَكونَ الكَنيسَةُ هِيَ المركزُ المِثاليّ لِلِاحْتِفَالِ بِالْعِيدِ. وَبِالْفِعْلِ، أُقيمَ أَوَّلُ قُدَّاسٍ لِعِيدِ الأُمِّ فِي العاشِرِ مِنْ أَيَّارَ سَنَةَ 1908 فِي الكَنيسَةِ، وَأَهْدَتِ الآنِسَةُ آنَا جَارْفِيسْ لِكُلِّ أُمٍّ زَهْرَةَ قَرْنَفُلٍ لِأَنَّهَا كَانَتِ الزَّهْرَةَ المفَضَّلَةَ عِنْدَ أُمِّها. وَانْتَشَرَتِ الفِكْرَةُ فِي الوِلاياتِ المتَّحِدَةِ الأَمْريكيَّةِ، وَقَامَ الرَّئيسُ الأَمْريكيُّ سَنَةَ 1914 بِتَحْدِيدِ مَوْعِدِ عِيدِ الأُمِّ لِيَكُونَ ثَانِيَ يَوْمِ أَحَدٍ مِنْ أَيَّارَ كُلَّ سَنَةٍ.
وَيَخْتَلِفُ مَوْعِدُ هَذَا الْعِيدِ بِاخْتِلَافِ الدّوَلِ، حَيْثُ تَحْتَفِلُ فِيه أَرْمِينْيَا مَثَلًا فِي السّابِعِ مِنْ نِيسَانَ، وَتَحْتَفِلُ بِهِ المَكْسيكُ فِي العاشِرِ مِنْ أَيَّارَ، وَهُنَاكَ دوَلٌ مِثْلُ فَرَنْسَا والسّويدِ تَحْتَفِلُ بِهِ فِي آخِرِ يَوْمِ أَحَدٍ مِنْ شَهْرِ أَيَّارَ. كَمَا أَنَّ قِصَّةَ عِيدِ الأُمِّ تَخْتَلِفُ مِنْ دَوْلَةٍ لِأُخْرَى، وَبَعْضُها تُسَمِّيهِ عِيدَ الأُسْرَةِ. أَمَّا فِي مُعْظَمِ العالَمِ العَرَبيِّ فَيَتِمُّ الِاحْتِفالُ بِعيدِ الأُمِّ فِي الْحَادِي وَالعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ آذَارَ، وَيَعُودُ ذَلِكَ لِفِكْرَةٍ اقْتَرَحَهَا الصُّحُفيُّ المِصْريُّ عَليّ أَمين فِي جَريدَةِ “الْأَخْبارِ” التِي كَانَتْ وَلَا تَزَالُ تَصْدُرُ عَنْ دَارِ أَخْبارِ اليَوْمِ المِصْريَّةِ كَاتِبًا: “لِمَاذَا لَا نَتَّفِقُ عَلَى يَوْمٍ مِنْ أَيّامِ السَّنَةِ نُطْلِقُ عَلَيْهُ “يَوْمَ الأُمِّ” وَنجعَلَهُ عِيدًا قَوْمِيًّا فِي بِلادِنا، بِلادِ الشَّرْقِ”؟ ثُمَّ عَادَ فِي مَقالٍ آخَرَ وَاقْتَرَحَ: “مَا رَأْيُكُمْ أَنْ يَكونَ هَذَا الْعِيدُ يَوْمَ 21 آذَارَ، إِنَّهُ اليَوْمُ الذِي يَبْدَأُ بِهِ الرَّبيعُ وَتَتَفَتَّحُ فِيه الزُّهورُ وَتَتَفَتَّحُ فِيه القُلوبُ”؟ وَهَكَذَا بَدَأَ الِاحْتِفالُ بِهِ فِي مِصْرَ ثُمَّ سُوريَا ثُمَّ مُعْظَمِ الدُّوَلِ العَرَبيَّةِ.
عِيدانِ لَنا لَيسَ أَكثَر!
إِذا كُنّا مُسلمين، وَنُؤمنُ باللهِ ورسولِه، عَلَينا أَنْ نتّبعَ سُنّةَ الرَّسولِ صَلّى الله عليهِ وسَلَّم الذي عَلَّمَنا أَنَّ لِلمُسلمينَ عِيدانِ فَقط: عيدُ الفِطرِ ويومُ النَّحر. ومِنَ المهمِّ أَن نَعلَمَ أَنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ وصحابَتَهُ الكِرامَ ومَن جاءَ بَعدَهُم لم يحتفِلوا بعيدِ الأُمّ، فهَلْ نحنُ أَفضلُ مِنهم حتى نبتكِرَ هذِهِ العادات؟! وهل دينُنا ناقِصٌ حَتى نُكمِّلَهُ بمثلِ هذه المواعيدِ السَّنَوِية؟!. إِنَّ دينَنا كامِلٌ شامِلٌ لِكُلِّ نَواحِي الحَياة، وليسَ هُناكَ أَيُّ داعٍ لأَن نُضيفَ عليهِ أَيَّ إِضافَةٍ بَشَرِيّة، فَقد جاءَ في القرآنِ الكَريمِ )الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا(، فمَنُ نحنُ حَتى نُضيفَ عَلَيه؟!.
كذلِك، فإنَّ أَعيادَ المسلمينَ لها مِيزتها الخاصَّة، وهِيَ تُخالِفُ أَعيادَ غَيرِهِم مِنَ الكُفّار، سَواءً كانوا وَثنيّينَ أَو أَهلَ كِتابٍ أَو غَيرِهم، في كَثيرٍ مِنَ الأُمور. وهَذا التَّمايُزُ مَقصودٌ، لأَنَّنا عندما نُخالِفُ الكُفّارَ فَإنَّنا نُقَدِّمُ دَليلًا عَلى تَعبُّدِنا للهِ تَعالى وَأَنّنا نَكرَهُ الكُفرَ ونَتبرّأُ مِنه ومِن أَهْلِه. فمثلًا، تَرتَبِطُ أَعيادُ المسلمينَ بِعباداتٍ عَظيمَةٍ تُقرّبُ إلى الله تَعالى. فعيدُ الفِطر يَأْتي تَتويجًا للصِّيامِ والقِيام، أَما أَعيادُ الكُفّارِ فترتبطُ بمفاهيمَ خاطِئَةٍ. ولَدى المسلمينَ عِيدانَ حَوليّانِ هُما الفِطر والأَضحى، وهذا يدلُّ عَلى أَنَّ أُمَّةَ الإِسلامِ أُمَّةُ عَمَلٍ وجِدٍّ وَإِنتاج، تحملُ رِسالةً خالدةً لا بُدّ مِن تَبليغِها، ولا تخلُدُ إِلى الرّاحَةِ كَثيرًا إِلا في الأَعيادِ، بل حَتى في هذِهِ الأَعيادِ هُناكَ عِبادات. أَمّا الأُمَمُ الأُخرى فقَدِ اتخذَت كُلُّ أُمّةٍ أَعيادًا كَثيرةً ما أَنزَلُ بها مِن سُلطان، قَد تَصِلُ إلى عِشرينَ وَثلاثينَ وَأَكْثر.
وقَد يحتجُّ بَعضُ النّاسِ فَيقولون إِنَّ عِيدَ الأُمّ عادَةٌ اجتِماعِيَّة، وَبِالتّالي لا بَأسَ مِنَ الاحتفالِ به، بينَما لَو كانَ عِبادةً يُتقرَّبُ بها إِلى اللهِ لكانَتْ ضِمنَ البِدَعِ التي دَخَلَت عَلى الدِّين، وَالتي نُهينا عَن إِحداثها. وَحولَ هذا الادِّعاءِ يُمكنُ الردُّ بأنَّه كانَت لأَهلِ المدينَةِ عادَةٌ في اتخاذِ يَومَينِ يَلْعَبونَ فيهِما، ولم يُقرُّهُم عَليها رَسولُ اللهِ صَلّى الله عَليهِ وَسَلَّم، وَمعلومٌ أَنهم لم يَتِّخذوا ذلكَ دِينًا يَتقرّبونَ فيهِ إِلى الله، وَإنما هِي مجرَّدُ عادَةٍ تَعوَّدوا عَليها قَبل مجيءِ الإسلام. قالَ الشَّيخُ ابن عثيمين -رَحمهُ الله-: تخصيصُ الأَيّامِ أَوِ الشُهورِ أَوِ السَّنواتِ بِعِيد، مَرجِعُهُ إلى الشَّرع، وَليسَ إِلى العادَة؛ ولهذا لما قَدِم النّبي صلى الله عليه وعَلى آلهِ وسَلَّمَ المدينةَ ولهم يومانِ يَلعبونَ فيهِما، فقال: «ما هذانِ اليَومان؟»، قالوا: كُنّا نلعَبُ فيهِما في الجاهِلِيَّة، فقالَ رسولُ الله صَلّى اللهُ عليهِ وعلى آلهِ وسَلَّم: «إنَّ الله قد أَبدَلَكُم بهما خَيرًا منهما: يومَ الأَضحى، ويومَ الفِطر». ولو أَنَّ الأَعيادَ في الإسلامِ كانَت تابِعةً للعاداتِ لأَحدَثَ النّاسُ لِكلِّ حَدَثٍ عِيدًا، ولم يَكُن للأَعيادِ الشَّرعِيَّةِ كَبيرُ فائِدَة”.
التَّقلِيدُ الأَعْمَى!
مِنَ الآفاتِ التي يجبُ أَنْ نحذَرَ مِنها آفَةُ التَّقليدِ الأَعْمى. مِن مَظاهِرِ هذا التَّقليدِ، تَقليدُ الكُفّار في كُلّ ما يُنتِجونَهُ مِن مُعتَقَداتٍ وَسُلوكِيّاتٍ وَعادات. وَمِثالُ ذلِكَ تَقليدُهُم في ارتداءِ البَناطيلِ الممَزَّقَة، والملابِس النِسائِيَّة غَيرِ المحتَشِمَة، والاختِلاطِ بينَ الجِنسَينِ في المدارِسِ وَفي سائِرِ المناسَبات. وقد تجدُ بَعضَ الشَّبابِ يُقلّدونَ لاعِبَ كُرةٍ كافِرٍ في قَصّة شَعرِه، أَو في إِطلاقِ ذِقنِه، وتجدُ مِن بناتِ المسلمينَ مَن تُقلِّدُ كافِرةً في الملابِسِ التي تَرتَدِيها. وقَد أَصبحَ الكُفّارُ والمنحَرِفونَ قُدوَةً للمُسلمينَ في كُلِّ ما يُنتِجونَه، وَصارَ المهزومُونَ نَفسِيًّا يتّبعونهم شِبرًا بِشِبر، مُعجَبينَ بِهِم وبِثَقافَتِهِم، مُعتَقِدينَ أَنَّ مَا يَأْتي مِنْ الغَرْبِ هوَ الأَصْلَحُ. وَصارَ حالُ هَؤلاءِ يَنطَبِقُ عَلَيهِ قَولُ الرَّسولِ صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّم: «لَتَتَّبِعُنَّ سُنَنَ مَنْ قَبْلَكُم شِبراً بِشِبر، وَذِراعاً بِذِراع، حَتى لَو سَلَكوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلكْتُموه».
هذا الإِعجابُ بالثَّقافَةِ الغَربيّة لَهُ أَسبابٌ عَديدَة، مِن أَهمِّها: “الاعتِقادُ الباطِلُ بأَنَّهُ ما دامَ الغَربُ قَد تَقدَّم اقتِصادِيًّا وَعَسكريًا فَلا بُدَّ أَن يَكونَ كُلُّ شَيءٍ في ثقافَتِهِ من أَسبابِ ذلكَ التَّقَدُّم… كَمثَلِ شابٍّ يُعجَبُ برجُلٍ عَدّاءٍ ويُريدُ أَنْ يَكونَ مِثلَهُ في شِدَّة عَدْوِه، فيَذْهَبُ ويَشْترَي ثِيابًا مِثلَ ثِيابِه”، وكذلِكَ الاعتقادُ بِأَنَّ “مَن كانَ أَكثرَ مالًا ونِعمَةً فَهُوَ أَصَحُّ مَذْهَبًا ممَّن هُوَ أَفْقَرُ مِنهُم”، وكذلكَ “الاعتِقادُ بالباطِلِ –الذي يَنشُرُهُ الغَربيّون أَنفُسُهم- أَنَّ حَضارتَهم هِي حَضارَةُ العَصر; بمعنى أَنها هِي وَحدَها المناسِبَةُ لِظُروفِنا المعاصِرَة، وَأَنَّ كُلَّ أُمّةٍ لا تَأخُذُ بها تَكونُ مُتَخَلِّفَة، فهُمْ يخلطونَ بَينَ التَّحدِيث والتَّغرِيب”. وهذا التَّقْليدُ لِلْغَرْبِ يَدُلُّ عَلَى ذَوَبانِ شَخصِيَّةِ المقلِّد الذي “يُلغي وُجودَهُ بتقليدِه لِغَيرِه، ويَقضي عَلى كَيانِه، ويُغمضُ عَينيه ليرَى بِعيونِ الآخَرين، ويَصُمُّ أُذنَيهِ لِيَسمعَ بآذانِ مَن قلَّدَه، ويُوقِفُ حرَكةَ عقلِهِ وتفكيرِه لِيفكِّرَ بعقُولهم”. وهُو دَليلٌ أَيضًا على الشُّعورِ بِالْهَزِيمَةِ النَّفْسيَّةِ لَدى المقلِّدِ مثلَما قَالَ ابْنُ خلدونَ: “إِنَّ المغلُوبَ مولَعٌ بِتَقْلِيدِ الغالِبِ، وَقَالَ أَحَدُ عُلَماءِ الهِنْدِ: لَوْ جَاءَتْ الحَضارَةُ مِنْ إِفْريقيا لَصَبَغَ النّاسُ وُجوهَهُمْ بِالسَّوَادِ وَضَخَّموا شِفاهَهُمْ”.
الِانْتِقاءُ وَلَيْسَ التَّقْليدَ
إِنَّهُ لَا مانِعَ مِنْ أَنْ نَسْتَوْرِدَ الأَدَواتِ والْآلاتِ المادّيَّةَ مِنْ الشَّرْقِ والْغَرْبِ إِنْ كَانَتْ فِيهَا مَنْفَعَةٌ، فَتَبادُلُ الخِبْرَاتِ الإِنْسانيَّةِ فِي مَجالِ التِّقْنيّاتِ والْآلاتِ لَا بَأْسَ بِهِ. أَمَّا اسْتيرادُ الأَفْكارِ والْقيَمِ والعاداتِ مِنْ الشَّرْقِ والْغَرْبِ فَلَا!!. ذَلِكَ لِأَنَّ المفاهِيمَ والقيَمَ والْعاداتِ يَجِبُ أَنْ تَنْبُعَ مِنْ حَضارَتِنا وَعَقيدَتِنا وَتُراثِنا، فَمِنَ الْعَارِ أَنْ تَلْبَسَ ابْنَةُ المسْلِمِينَ مَلابِسَ يُصَمِّمُها فاسِقٌ فِي بَارِيسْ! وَمَن الْعَارِ أَنْ يَقُصَّ ابْنُ المسْلِمِينَ شَعْرَهُ تَقْلِيدًا لِلّاعِبِ لَاه ماجِنٍ فِي إِسْبَانْيَا أَوِ اَلْبَرازيل!. “وَنَحْنُ إِذَا احْتَجْنَا إِلَى الِاسْتِفادَةِ مِنْ خِبْرَةِ الغَرْبِ وَتَفَوُّقِهِ فِي الصِّناعاتِ الآليَّةِ التِي كَانَتْ سَبَبًا فِي مَجْدِهِ وَسيادَتِهِ، فَمِنَ المؤَكَّدِ أَنَّنَا فِي غَيْرِ حاجَةٍ إِلَى اسْتيرادِ قَواعِدِ السُّلوكِ والتَّرْبيَةِ الأَخْلاقِ اَلَّتِي تَدُلُّ الأَماراتُ والْبَوادِرُ عَلَى أَنَّهَا سَتُؤَدِّي إِلَى تَدْميرِ حَضارَتِهِ والْقَضاءِ عَلَيْهَا قَضاءً تَامًّا فِي القَريبِ العاجِلِ. إِنَّنَا نَحْتَاجُ إِلَى مَوادِّ البِناءِ، لِأَنَّ لَدَيْنَا مِنْ عَوامِلِ الضَّعْفِ والْهَدْمِ مَا يَكْفِي”.