كلمة وفاء للمرحوم الأستاذ الحاجّ عبد الرؤوف قربي
تاريخ النشر: 21/03/21 | 18:53قال تعالى في كتابه المُبين:
” كلُّ مَن عليها فان، ويبقى وجهُ ربّك ذو الجلال والإكرام”.
“وَلِكُلِّ أُمًّةٍ أجَلٌ فَإِذا جَاءَ أجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمونْ ”
بهذه الآيات الكريمة نعزّي أنفسَنا بوفاة مربّي الأجيال الأستاذ الحاجّ عبد الرؤوف قربي أبو عصام، مع أنّنا نعرفُ أنّ الموتَ حقٌّ، وهذه مشيئةُ الله ولا رادّ لمشيئته، ولا نملكُ إلا الإذعانَ والرضا بحُكمه.
ويكفي المرحوم أبو عصام فخرًا أنّه كان من أوائل المربّين الذي تخرّجت على يديه الأجيال في بلدتنا العامرة كفر قرع، وهو المعلّم المخلص المتفاني الذي أحبّ طلابه واحترمهم فأحبوه واحترموه.
وهو الإنسان العصاميّ القارئ المثقّف الموسوعيّ الذي لم يتوقّف عن القراءة والإثراء.
وهو الذي امتلك ذاكرة حادّة مكّنته من حفظ الحكايات التراثيّة والتواريخ التي أهّلته ليكون من سدنة تراثنا الشعبيّ وتاريخ بلدتنا كفر قرع.
وهو نعم الأب الوفيّ والحاني لأسرته، الراعي لأبنائه وبناته، المحبّ لأحفاده وحفيداته.
وهو ابن البلد العارف لواجباته والحافظ لحقوق الجيرة والصداقة.
ربطتني بالمرحوم علاقة مودّة واحترام، واعتدتُ على زيارته في بيته لأستمع لسرده الممتع والمشوّق للحكايات التراثيّة الشعبيّة، ولتاريخ بلدتنا العامرة ولنوادر الآباء والأجداد.
وأذكر تهنئته لنا – أنا والمرحومة زوجتي الفاضلة بعد عودتنا من الديار المقدّسة وأداء فريضة الحجّ عام 2010م، وممّا كتب في التهنئة:
“أهنّئكُم بحجٍّ مستجابٍ – هجرتَ لأجلِه أهلًا ودارا
وأمعنتَ المسيرَ إلى رِحابٍ – أُحيطت بالمهابةِ والصّحارى
إلى البيتِ الحرامِ سعيتَ شوقًا – ألا أنعِم بمَن حجّ الديارا
لكلٍّ مِنْ مُسمّاهُ نصيبٌ – ومحمودُ المودّةِ لا يُجارى”
وقبل عشرة أيّام عُدتُه في بيته للاطمئنان على صحّته، وأهديته مجلّة “المرايا” (إصدار المعهد الأكاديميّ العربيّ للتربية في بيت بيرل والتي أقوم بتحريرها مع الصديق الأستاذ أحمد عازم)، وقد سرّ بالهدية ووعد بقراءتها وإبداء رأيه الحصيف فيها.
وأخيرًا، تمتّع الأستاذ عبد الرؤوف بموهبة أدبيّة رفيعة، وقد نظم العديد من القصائد الجميلة في مناسبات مختلفة، وأذكر بصورة خاصّة قصيدته الرائعة “ذكريات” التي يعبّر فيها عن انتمائه لبلدتنا العامرة كفر قرع وحبّه لها، وفيما يلي بعض الأبيات من تلك القصيدة التي وردت في كتاب: “عيون الزعفران” الصادر عام 2006م والذي أشرفتْ على إعداده لجنة توجيه محلّيّة مؤلّفة من: د. محمود أبو فنّه، المربّي عبد الرؤوف قربي، الأستاذ إبراهيم خالد مصاروة، والأديب الأستاذ لؤي مصالحة، وبمبادرة كرام أبو عطا مديرة المكتبة العامّة في كفر قرع وقد حظي الكتاب بدعم رئيس المجلس المحلّي آنذاك السيّد زهير يحيى.
بلادي طيّب اللهُ ثراها – عشقتُ تُرابَها وسنا سماها
عشقتُ ملاعبَ الفردوسِ فيها – بيادرَها أزّقّتَها رُباها
تذكّرني البيادرُ يومَ كانت – سعادتُنا بلا حدٍّ مداها
ولو خيّرتُ أن أحيا غنيًّا – غريبًا عن بلادي لا أراها
لقلتُ تعالَ يا فقرُ تربّعْ على – صدري فلن أرضى سواها
تغمّد الباري بواسع رحمته المرحوم مربّي الأجيال الحاجّ عبد الرؤوف أبو عصام، وجميل الصبر والسلوان لأهله ومحبّيه الكرام.
وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
د. محمود أبو فنّه
رحمة الله ومغفرته للفقيد.
الله يرحمه ويجعل مثواه الجنه