تنافس صهيوني على الصوت العربي…انتبهوا يا عرب – أحمد حازم
تاريخ النشر: 21/03/21 | 12:20انتخابات الكنيست التي ستجري بعد غد الثلاثاء، تشهد تنافساً ملحوظاً بين الأحزاب الصهيونية على الصوت العربي، لا سيما وأن المجتمع العربي بشكل عام هو “مخزن أصوات” انتخابية لأنه يتضمن حوالي مليون صوت انتخابي. هذه “المحبة” الصهيونية للعرب بما فيها أحزاب اليمين، تنتشر فقط في الموسم الانتخابي وطبعاً “لحاجة في نفس يعقوب”.
وبالرغم من عدم اقتناعى بجدوى انتخابات الكنيست وعدم اقتناعي بالكنيست ولا بالسياسة الإسرائيلية بـ”يمينها” و”يسارها” وعلى قناعة تامة بأن الحكومات الإسرائيلية لم ولن تفعل أي شيء لصالح العرب، لكن أرى لزاماً علي أن أقوم بواجبي الإعلامي بالتحذير من “حلاوة” كلام مرشحي الأحزاب الصهيونية في حملاتهم في المجتمع العربي لاقتناص الأصوات العربية. ويجب على الناخب العربي أن يعي ويعرف أن “ليس كل ما يلمع ذهباً”.
رئيس الحكومة نتنياهو ، قرر أن يتنقل في بلدات عربية، ويزور رؤساء بلدياتها ومجالسها ويتبادل معهم أحاديث الود تحضيراً للإنتخابات. كان يأمل نتنياهو من زياراته من خلال “شرب القهوة” مع العربان أن تسهل الطريق أمامه لضمان جمع آلاف الأصوات العربية. ولا نعرف ما هي الوعود التي تلقاها من البعض في الخفاء، لأن ما يقال في العلن غير الذي ينفذ من وراء الكواليس. فالسياسة مصالح بالدرجة الأولى، ومن مصلحة نتنياهو أن يعلن عن مسرحيته “عهد جديد مع المواطنين العرب”. لكنه لم يفصح عما سيفعله في هذا العهد الجديد: فهل يفكر مثلاً في قوانين عنصرية جديدة مثل” قانون القومية” و “كامنيتس” أم ستخرج عبقريته العدائية للعرب أموراً أخرى تتناسب وعنصريته؟
أما يائير لبيد رئيس حزب “يش عتيد” (يوجد أمل) فقد اتبع أسلوباً آخر في إقناع العرب ببرنامجه الانتخابي، وحاول دغدغة الشعور العربي من خلال الحوار مع شاب عربي في فيديو يعاهده بالتزامه بالعمل بقضايا أساسية تخص الفلسطينيين في الداخل مثل العنف والجريمة والبناء والتعليم والمساواة المدنيّة. والسؤال المطروح: لماذا لم نسمع في السابق عن هذا المحاور قيامه بأي نشاط في هذا الاتجاه؟ فما الذي دعاه إلى الحديث عن هذه الأمور؟ طبعاً الصوت العربي.
جدعون ساعر الذي انشق عن حزب الليكود وأسس حزب “تكفاه حدشاه” (أمل جديد)، والمعروف جداً بعنصريته وعدائه للعرب، تصوروا أنه فتح حسابًا في الفيسبوك باللغة العربيّة ونشر ملصقًا انتخابيًا له بالعربيّة يقول: “نتنياهو حرّض علينا.. ساعر راح يجمع بيناتنا”. هذه ليست نكتة بل حقيقة. هذا “المسعور” ساعر يتضمن برنامجه الانتخابي مزيداً من الاستيطان وتثبيت قانون القومية. ورغم ذلك تصل به الوقاحة إلى التغلغل في المجتمع العربي للحصول على أصوات انتخابية.
أما وزيرة المواصلات “الليكودية” حتى النخاع ميري ريغيف، المعروفة في المجتمع العربي بتصريحاتها العنصرية وكرهها للفلسطينيين بشكل عام، فقد تجاوزت بالفعل كل حدود الوقاحة. فقد تناست هذه العنصرية أنها قادت بحملات ضد أفراد ومؤسسات ثقافيّة فلسطينيّة إبّان تولّيها وزارة الثقافة الإسرائيليّة، فقد صرحت قبل أيام، بأن حزب الليكود هو “البيت الطبيعي للعرب”. نعم… ريغيف قالت ذلك.. صدقوا أو لا تصدقوا. عجيب أمر هذه العنصرية كيف تحولت فجأة من كارهة قوية للعرب إلى حاضنة لهم في “بيت الليكود”. والسبب الصوت العربي.
ولا شك أن نتنياهو لن ينسى الرقم 39 في حياته. فهو رقم المظاهرات التي تجري أسبوعياً ضده والتي كان آخرها مظاهرة أمس السبت التي شارك فيها، حسب تقارير إسرائيلية أكثر من عشرين ألف متظاهر طالبوا فيها باستقالة رئيس الوزراء. وقد تركزت المظاهرة التي جرت في القدس قرب مقر إقامة نتنياهو. قناة “كان” الإسرائيلية الرسمية، وصفت المظاهرة بأنها”التظاهرة الكبرى منذ انطلاق الاحتجاجات ضدّه العام الماضي”.
ويبدو أن نتنياهو عنده الكثير من الجمهور اليهودي الذي يبغضه سياسياً ويتمنى إبعاده عن منصب رئاسة الحكومة. فالتظاهرات التي خرجت ضده في تل أبيب وهرتسيليا وقيسارية، رفع المتظاهرون فيها لافتات دعته للاستقالة فوراً، منها: “نتنياهو فشلت.. ارحل”، و”نتنياهو الرائحة أصبحت كريهة.. ارحل”.
صحيح أن نتنياهو لا يزال السياسي اليميني الأقوى في المجتمع اليهودي، لعدم وجود منافس قوي له من معسكر اليسار، الذي تلاشى من الناحية العملية، إلا أن ذلك لن يساعده بسهولة على تشكيل حكومة بعد الانتخابات، وسيكون مضطراً إلى إبرام تحالفات تجبره على تقديم تنازلات لأحزاب أخرى قد تكون عاملاً مهماً في إعادته إلى رئاسة الحكومة.
وبما أن غالبية التقارير تشير إلى أن نتنياهو سيتمكن بعد الانتخابات من كسب تأييد 58 نائباً لدعمه في تشكيل الحكومة وينقصه ثلاثة أصوات فالسؤال الذي يطرح نفسه: إذا عبرت القائمتان العربيتان نسبة الحسم، هل سيقدم بعض النواب العرب على إبرام صفقة مع نتنياهو لإنقاذه في تشكيل الحكومة المقبلة، وما هو الثمن لذلك؟.