العنف يستشري لكنه، لا يستدعي افتتاح النشرات!
تاريخ النشر: 21/03/21 | 17:38على الرغم من استمرار حوادث القتل والعنف في المجتمع العربي وعلى الرغم من اهتمام وسائل الإعلام العبرية مؤخرا بتغطية أخبار ونقل الأحداث حول الموضوع، إلا أن التغطية الاعلامية لهذه الوسائل بمعظمها هزيلة، أي أنها تكتفي بنقل الخبر، بدون تحليل معمق، ولا يُفتتح بها النشرات الإخباريّة المركزيّه. هذا ما كشفه فحص جديد ضمن مشروع “مؤشر التمثيل” الذي تقوم عليه جمعية “سيكوي” وموقع العين السابعة .
هذا ويشير الفحص التي قامت به شركة يفعات للأبحاث الإعلامية، بحسب المعطيات من منتصف شهر كانون الأوّل 2020 وحتّى منتصف شباط 2021، أن قرابة نصف التغطية الإعلامية لقضايا العنف والجريمة في المجتمع العربي وبالتحديد – 48% – كانت تقارير سطحيّة حول الأحداث المروعة التي حصلت، وفقط 17% من التغطية تم التحدث من خلالها بعمق وإجراء حوارات مركبة، وأيضا 15% من المنشورات تعلقت بتغطية الاحتجاجات، أي أن قلّة قليلة من وسائل الإعلام العبريّة قامت بتغطية التظاهرات الاحتجاجية بصورة شاملة او مهنية أو حتّى عبّرت عن الاهتمام بها. وقسم كبير من هذه الوسائل عندما غطّوا الاحتجاجات اهتموا أكثر بتغطية الأحداث الهامشية، وتناولوا الاحتجاجات ومطالب المواطنين بشكل أقلّ.
ويبيّن الفحص في مجال التلفزيون تفوّق قناة “كان” الإخبارية وهيئة البثّ بشكل عام في التّغطية الإعلامية لقضايا العنف والجريمة – إذ خصصوا نشرات، و أداروا نقاشات معمّقة حول الموضوع، وخصّصوا سلسلة كاملة من التّقارير التي تمحورت حول العنف والجريمة في المجتمع العربي. أما القنوات التّجارية، فقد أعطت مساحة صغيرة جدًّا للخبراء والنّشطاء العرب، وبالكاد اهتمت بالاحتجاجات ضدّ العُنف. فغالباً لم تدخُل هذه القنوات إلى عُمق النّقاش والعوامل المُسبّبة للعُنف، لكنّها قامت بتغطية الأحداث فقط. كذلك اتضح أن معظم هذه القنوات (التجاريّة) لم تفتتح نشراتها الاخبارية بالحديث عن موضوع العنف، حتّى بالأيام التي وقعت بها أحداث صعبة للغاية، فقط 16% من الأخبار المتعلّقة بموضوع العنف والجريمة بُثّت في العشر دقائق الأولى من نشرات الأخبار (8 مرات من أصل 51). علمًا أن المشاهدين يهتمون بمشاهدة الدّقائق الأولى من نشرات الأخبار، كذلك اختيار الموضوع الافتتاحي للنشرة يُشير إلى أهمّيته بنظر مُحرري النّشرات الإخباريّة.
أما في الصحف المطبوعة حيث يقرأ الكثير من القرّاء بالأساس الصّفحة الرئيسية من الصّحيفة، تم فحص 216 غلافًا لصحف عدة – يديعوت احرونوت، معاريف، يسرائيل هيوم وهآرتس، وجد في كُل واحدة من الصحف 3-4 مراجع فقط في الغلاف تطرّقًا لموضوع العُنف في المُجتمع العربي – والحديث يدور حول فترة تخطّت الشّهرين!
وهنا أيضا يتبيّن أن النشر ليس بالضرورة إيجابيّ، على سبيل المثال: غلاف مُلحق يوم السّبت لصحيفة يديعوت احرونوت، في ذات الأسبوع الذي قُتِل فيه الطالب الجامعي أحمد حجازي برصاص الشرطة، كان بعنوان “أنا أقول لأفراد الشّرطة، كُل من يجرؤ على إيذائكم، أنتم مُخولون بقتله”! مقابلة أُجريت مع المُفوّض شمعون ليفي والتي اعتبرت تلميعًا لصورة الشرطة.
جدير بالذكر أنه وبعد الفترة التي تم فحص بها ( الواقعة بين كانون الأول ومنتصف شباط) وبسبب الإنتقادت والإحتجاجات الشعبية في الأسابيع الاخيرة، طَرَأ تحسُّن وكانت هنالك تقارير ومقالات أكثر عمقًا في وسائل الإعلام مثل يديعوت أحرونوت وفي أخبار 13.
“يجبّ أن لا يكون هذا التحسّن لمرّة واحدة فقط! التغطية العميقة والشاملة لظاهرة العنف يجب أن تستمر حتى يجد صُنَّاع القرار طريقة للتعامل مع الوضع وإحداث التغيير!” يقول مارون معلوف مركز مشروع تمثيل المواطنين العرب في الإعلام، ويضيف ” لا يُعقل أنّ أكثر من 20 شخصًا قتلوا في ثلاثة أشهر، وهذا الموضوع لا تُفتتح به نشرات الأخبار ولا يتواجد ضمن العناوين الرئيسية في الصّحف. في جميع القنوات، وبالذات القنوات التّجارية، وحتّى عندما تطرقوا لموضوع العنف والجريمة في المُجتمع العربي، لم يتناولوا الموضوع بصورة معمّقة لحلّ هذه القضيّة. كفى، حان الوقت للاستيقاظ وتحمّل المسؤولية- من المهم التّحدّث إلى المجتمع العربي، إلى الخُبراء والقيادة من أجل إيجاد حلول، وليس تقديم تغطية عن الموضوع بصورة جافّة”.
يذكر أن مشروع مؤشر التمثيل لجمعية سيكوي وموقع العين السابعة هو مشروع متواصل منذ 6 سنوات يعمل على رصد تمثيل العرب في الإعلام الإسرائيلي العبري بشكل اسبوعي شهري ودوري وعيني أحيانا، ضمن أبحاث لشركة يفعات المختصة بالأبحاث الإعلامية، ليدفع قدما نحو تمثيل أفضل للعرب في الإعلام الإسرائيلي كما ونوعاً.