الأمير حمزة أمام خيارين أحلاهما مر …إما المحاكمة أو السكوت بقلم: الإعلامي أحمد حازم
تاريخ النشر: 16/04/21 | 15:47ما حدث في الأردن يدعو إلى التساؤل والإستغراب في نفس الوقت. والتساؤل هو: لماذا تم اتهام الأمير حمزة بمحاولة قلب النظام في الأردن؟ والإستغراب : لماذا تم تبرئته ؟ هل شارك الأمير حمزة فعلاً في مؤامرة على المملكة؟ فإذا كان الجواب لا، فإن الجواب غير مقنع وغير دقيق. فقد نشرت صحيفة “العرب” اللندنية تقريراً استندت فيه إلى معلومات من مصادر أردنية مطلعة، قالت فيه إنه : “تم تخيير الأمير حمزة بين محاكمة علنية تكشف حلقة اتصالاته الداخلية والخارجية ودوره في “المؤامرة” التي “كانت تستهدف الأردن وقيادته”، وبين السكوت التام في المستقبل، ما عدا التصريحات التي تظهر الولاء للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ووليّ عهده الأمير الحسين بن عبد الله.
ماذا يعني هذا؟ واضح أن الأمير حمزة، الذي تربطه علاقات ودية مع العشائر مشارك في المؤامرة، بدليل وضعه أمام خيارين. لكن كيف يمكن للنظام أن يتساهل مع الأمير حمزة بهذا الشكل ولماذا التسامح؟ قناة “المملكة” الأردنية الرسمية أفادت نقلا عن مصدر أردني بأنه تم إحالة ملف الاعتقالات المرتبطة بملف الأمير حمزة إلى المدعي العام لاستكمال إجراءات المحاكمة، لكن قائمة المتهمين لم تشمل اسم الأمير حمزة.
أما “المتآمرون” الباقون كما أسماهم الإعلام الرسمي، فهح يخضعون لتحقيقات وستتم محاكمتهم. فإذا، أن تكون مواطنا من العائلة المالكة مسموح لك فعل أي شيء حتى التآمر على النظام، وتتم معالجة قضيته في إطار الأسرة الهاشمية، والمواطن العادي تتخذ بحقه كافة الإجراءات القانونية. هذا يعني أن القانون لا يطبق على أفراد الأسرة المالكة. هذا هو الواقع. وإلا كيف نفهم التصرف مع الأمير حمزة؟ فهل الدشتور ينص على ذلك؟
نحن مع استقرار المملكة وحمايتها من المؤامرات عليها ودرء كل خطر تتعرض له انطلاقاً من محبتنا للأردن، لكن المصداقية تتطلب وجود شفافية في قضية الأمير حمزة من كافة جوانبها، وأن يعرف الشعب حقيقة ما جرى. المعلومات المتوفرة تقول ان النائب خليل عطية قال أن رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة “نفى وجود محاولة انقلاب واستخدم عبارة محاولات لزعزعة الأمن والاستقرار” خلال اجتماعه الأخير بأعضاء من مجلسي الأعيان والنواب. وإذا كانت هناك فعلاً “مؤامرة” فلا تهاون مع المتآمرين كل المتآمرين، وإذا كان هناك تخطيطاً ” لزعزعة الأمن والإستقرار” فيجب عقاب ومحاسبة المخططين كل المخططين. وإذا كان لا بد من التسامح فهذا ينطبق على الكل وليس على الجزء، على أساس المساواة.
ويرى بعض المحللين أن القصة أكبر من ذلك بكثير، وأن الأردن مجبر على التعامل مع قضية الأمير حمزة بالشكل الذي تم التعامل معه فيه، لأنه ليس وحيداً في المؤامرة وله ارتباطات خارجية، ولا تريد العائلة كشف المستور. وأعتقد أن الأمير حمزة مرغم أيضاً على قبول اقتراحات أخيه العاهل الأردني “ويا دار ما دخلك شر” على أساس أن الحفاظ على وحدة الأسرة الهاشمية هو الأساس.
بدون شك فإن كل ما جرى له ارتباط بتسمية ولي العهد وبترتيبات أخرى داخل الأسرة الهاشمية، خصوصا أن الأمير حمزة كان يشعر أن ظلماً ما قد لحق به. لكن الأمير الشاب وجد نفسه الآن أمام أمر واقع، أي أمام خيارين: إما المحاكمة وإما السكوت والإنصياع لتعاليم القصر، والتي هي بالتالي تعاليم الأسرة الهاشمية، والإثنان أحلاهما مر. فالمحاكمة ليست لصالحه ولا يعرف أين ستودي به، والسكوت يعني عدم الإدلاء بتصريحات سياسية، وهذا يعني الاعتراف بالترتيبات القائمة داخل الأسرة. ولذلك وحسب رأي المحللين، “ليس أمامه من خيار سوى إظهار الطاعة للملك ولوليّ عهده كأمر واقع في الحاضر والمستقبل، مقابل الخروج من الوضعية الصعبة التي هو فيها الآن”.
صحيفة وول ستريت جورنال قالت في تعليق لها “إذا تُركت الجروح بين الدولة والعشائر دون علاج، فإنها ستتراكم وتنتشر في الكثير من الجسد السياسي بحيث لن تتمكن السلطات في النهاية من تضميدها وسيكون هذا صداعا إضافيا في العلاقة بين المواطن والدولة”.
الملك عبدالله الثاني وفي رسالة بثها التلفزيون الرسمي، قال إن “الأمير حمزة اليوم مع عائلته في قصره وتحت رعايتي”. أما الأمير حمزة فقد ذكر في رسالة له حسب بيان للديوان الملكي، “أضع نفسي بين يديّ جلالة الملك، وسأبقى على عهد الآباء والأجداد، وفياً لإرثهم، سائراً على دربهم، مخلصاً لمسيرتهم ورسالتهم ولجلالة الملك”.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل انتهت الحكاية إلى هذا الحد بعد تكليف العاهل الأردني عمه الأمير الحسن بالتعامل مع قضية الأمير حمزة؟ الأيام القادمة ستكشف لنا ذلك.