يا أيُّها المدثِّر .!

يوسف جمّال – عرعرة
يا أيها المدَّثر
قم من نومك من بين خيوط الظلام
السابحة في فضا عينيك
وابحث عن فتافيت النور
بين ضياعات السَّراب
***********
على الأرض ..
تحت قدميك
آثار مواقع حوافر خيلك
وموجات الصهيل تتسامى
من مسامات ترابك
لتتحِّد مع زرقة سمائك
وتغاريد العصافير ترقص
على أغصان رؤياك
*************
واحلم أنك تنام تحت ظلال تينتك العتيقة
في صيف محموم
وأتاك الوحي من بين أوراقها الخضراء
وهي تحاول أن تستر عورة الشمس الزانية
في عزِّ الظهيرة
قم الى الشمس واصنع من خيوطها
جدائل حمراء
وقطِّع خيوط الحرير
الملفوفة حول خناقك
واخرج من ظلام شرنقتك
واسبح في فضاءات بلا قيود
لتصل الى نبع حلمك الى
حلمك البعيد
*********
يا أيُّها المدَّثر
قم من نومك واخرج الى البلاد
وطُفْ في أسواقها
وبشٍّر الضائعين في متاهات أزقَّة القدس
أن شمساً ستدخل من فتحة في جدار غار حراء
و خيوط العنكبوت المستترة في شقوق
أسواره المظلمة .
ستتحوّل الى حبال من نور
تنشلهم من أعماق الغار
وعن عشِّ حمامة في طاقات المساجد
سيحضن فراخه الوليدة
وصدى ترنيمة آتية من أجراس الكنائس
تصرخ الى الأعالي :
على الأرض السلام .. على الأرض السلام
**********
يا أيُّها المدَّثر
قم من نومك وخذ معك عصاك
وارمها في ساحات السحرة
لتأكل ثعابينهم
ولا تنتظر القوافل الآتية
من بعيد
ولا السَّنوات السِّمان
الضائعة في تقالب الأزمان
واشعل النار في جحيم الجفاف
وضياع اليباب
واصنع منها لقمة يومك
وشربة عطشك
وخطوط دربك
***************
يا أيُّها المدَّثر
قم من نومك
وأبحث عن أبواب الخروج من التيه
من سراب فيافيك
وعن النور المصلوب في اشتعال شرايينك
وازرع منه شتلة زيتون في قلبك
واروها من دمك
وسلِّط عليها شمس حلمك
لتخضرَّ في فلك ضياعك
*****************
يا أيُّها المدَّثر
قم من فراش كهفك
طال نومك
كان ليل وكان نهار
وكان نهار وكان ليل
واشتعلت جمار وانطفأت جمار
قم وامسح الغبار عن جدار رؤياك
وأجلِّ السواد عن بياض مرآك
واخرج من نومك الثقيل
وعد الى منابع وعيِّك
وابدأ أولى خطوات المسار
************
مرَّت القوافل وأنت قابع في القيعان
تأكل وتشرب الظلمات
تنتظر حبال النجاة
قم من الظلام وتسلَّق جُدِر البئر
وشقَّ بعصاك البحر
لتصل الى ما وراء الظلمات
الى ضفتيِّ النهر
الى أرض الميعاد
************