قصة قصيرة “غسيل الأقمشة مجانا”
تاريخ النشر: 20/04/21 | 4:25بقلم: نعمان إسماعيل عبد القادر
افتتح عبد العزيز لنفسه مصنعا لغسل الأقمشة والملابس للناس جميعا مجانا دون استثناء.. للغني والفقير، والراعي والمهندس، والحراث والطبيب.. فيه الخير أنه يعطي الناس من خيراته من حيث لا يعلمون.. نعم ولما لا؟ ورث عن أهله الكثير من المال ومن والأملاك ولا ينقصه شيء في حياته. نعم.. عرف كيف يداويهم ويأمن شهرهم. وعرف كيفية احتوائهم وجعلهم يوقنون أنه يحسن إليهم صنعا.. ينظر إليهم كل يوم نظرة شفقة، ثم يقول في نفسه: هؤلاء لو كان فيهم خير، لما جعلوا من أنفسهم حراسا للتاريخ وعبيدا للماضي.. إنهم مساكين، يقتتلون فيما بينهم على الأدوار ثم يهزون رؤوسهم قائلين: “نحن السبب، وإذا عرف السبب بطل العجب”، ثم سرعان يستأنفون الحرب، على كلمة طائشة هنا، أو على بيضة دجاج هناك، ولا يأنفونها. جيرانه كلهم مغروس في رؤوسهم أنهم من خير الفصائل وأفضلها. غسيل الملابس والأقمشة مستمر بلا انقطاع.. يرددون دوما قائلين: انصر أخاك ظالما او مظلوما.. وكلما زاروا المصنع لغسل ملابسهم، قدم لهم من التمر والبقلاوة والكنافة ما تجود به نفسه.
ذات يوم، ما إن سمع الناس “فارس” والملقب بالشجاع يقول لهم: “أيها الناس! لماذا لا تعتمدون على أنفسكم وتغسلون ملابسكم وأقمشتكم في بيوتكم؟ أن يعيش الإنسان بحرية وكرامة خير له من الاتكال على الآخرين”.. حتى انهالوا عليه بالضرب بالهراوات وقضبان الحديد بلا استحياء، وظلوا يضربونه بأدواتهم ويركلونه بأرجلهم حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.. ثم عادوا لاهثين يرددون: انصر أخاك ظالما أو مظلوما.. ومع كل ذلك، عملية غسيل الملابسة والأقمشة لم تتوقف..
نظر إليهم عبد العزيز من شرفته نظرة استعلاء، أحس باشمئزاز، ثم رفع يده تحية لهم على انتصارهم على الباطل.. واستأنفوا حياتهم العادية، ثم استمروا في غسل الملابس والأقمشة كل يوم في مصنعه مجانا..