لجنة المتابعة أمانة في أعناقكم؟ بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 22/04/21 | 22:55يوجد في المجتمع العربي ثلاث فئات: فئة تؤيد المشاركة في انتخابات الكنيست، بحجة استغلال هذا المنبر للمطالبة بحقوق المواطنين العرب في هذا البلد الذي أطلقوا عليه “دولة اليهود” وأكدوا على التسمية من خلال قانون القومية العنصري الذي أقرته الكنيست، التي يتنافس المرشحون العرب الجيدون منهم وغير الجيدين للحصول على مقاعد فيها. وهناك فئة ترفض المشاركة في انتخاباتها وتفضل مقاطع تها على اعتبار أن لا فائدة منها ترتجى لصالح العرب، وعشرات السنين التي مرت خير مثال على ذلك.
هناك أيضاً فئة تطالب بتفعيل “لجنة المتابعة العليا” التي تأسست عام 1982 وأطلقوا عليها رسمياً اسم:” لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل” وعرّفوها بأنها كيان سياسي لا حزبي، يشارك فيها رؤساء السلطات ال محلية العرب وأعضاء الكنيست العرب من الأحزاب التي تمثل القضايا العربية وممثلين عن أحزاب سياسية وتنظيمات عربية غير برلمانية.
صحيح أن هذه اللجنة لم تحصل على اعتراف رسمي من إسرائيل، رغم التعامل معها بشكل غير رسمي كجسم له أهميته، لكن بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل وخلال انتفاضة الأقصى 2000. جرت اجتماعات بين رئيس حكومة إسرائيلي ولجنة المتابعة. قالوا لنا،” أن لجنة المتابعة العليا تستمد شرعية وجودها وتمثيلها الشعبي من كونها تضم جميع قيادات الاحزاب والحركات السياسية والشعبية الفاعلة قطريا والتي تمثل قضايا الجماهير العربية في إسرائيل بمن فيهم النواب أعضاء الكنيست العرب، إضافة إلى رؤساء السلطات المحلية العربية والهيئات التمثيلية الوحدوية القطرية المنتخبة.” كلام جميل نظرياً إن كان من ناحية التأسيس أو الشرعية. وماذا عن الأهداف التي وضعتها المتابعة لتحقيقها؟
لجنة المتابعة حددت تسعة أهداف لها منذ تأسيسها ولم تحقق هدفاً واحداً منها، ولم تستطع معالجة قضايا مهمة مثل إلغاء القوانين العنصرية ووقف سياسة مصادرة الأراضي وهدم البيوت وغير ذلك. من الطبيعي أن تكون اللجنة عاجزة لعدم وجود إمكانيات لديها، لأن مركباتها المشاركة فيها لا تقوم بواجبها تجاهها بالشكل الفعلي، ولا سيما فيما يتعلق بالدعم المادي. ورئيس اللجنة وحده لا يستطيع فعل شيء، ويد واحدة لا تصفق.
لجنة المتابعة هي المرجع الأساس للمواطنين العرب في هذه الدولة، وإن تفعيلها بشكل جيد يجعلها قادرة على التحرك في دوائر الدولة. ولكن من له مصلحة في بقاء لجنة المتابعة مشلولة بالشكل التي هي فيه؟ أكيد هم بالدرجة الأولى أعضاء الكنيست العرب الذين يرفضون دعمها مادياً بشكل قوي، خوفاً من أن تسحب المتابعة البساط من تحت أرجلهم على الصعيد المجتمعي.
لو ألقينا نظرة عل المدخول المادي للأحزاب العربية في الكنيست لرأينا أن عشرات الملايين تنهال عليهم من التمويل الانتخابي ومن تمويلهم كأحزاب إضافة إلى ملايين أخرى يتقاضاها أعضاء الكنيست عن الأحزاب العربية. تصوروا أن هيئة سياسية اجتماعية مثل “لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل” لا يوجد لها مقراً خاصاً بها سوى مكتب يتيم لا يوجد فيه حتى سكرتيرة. كما أن محتويات المكتب وأثاثه كانت تبرعاً من رجل أعمال كان قد وعد الرئيس السابق محمد زيدان بأن يقدم “للمتابعة” طابقا خاصاً بها بعد تنفيذ مشروع بناء بناية له في شفا عمرو.
لا نريد الحديث عن دخل أعضاء الكنيست في الأحزاب العربية في الماضي البعيد، ولكن تظرة واحدة إلى عشرات الملايين التي يتقاضاه هؤلاء تؤكد لنا قدرتهم على دعم المتابعة، ولكنهم لا يريدون. الباحث شاهين صرصور قدم دراسة شامة عن تطور القائمة المشتركة إلى جامعة بار إيلان، بعنوان:” القائمة المشتركة – تشكيل، تفكيك، إعادة التشكيل: العوامل، السيرفرات والتطورات من انتخابات الكنيست ال-20 -24 في السنوات 2015-2021. ويتحدث صرصور عن تمويل أحزاب المشتركة بالأرقام.
وعلى سبيل المثال يقول الباحث شاهين صرصور في دراسته، ان تمويل الأحزاب العربية لانتخابات الكنيست( 19) بلغ 8.382.150 ملايين شاقل، وللكنيست (20) وصل إلى 16.417.299 مليون شاقل، وفي الكنيست (21) تلقوا 18.689.400 شاقل وفي الكنيست ( 22) تلقت هذه الأحزاب مبالغ قيمتها 17.305.500 شاقل. وفي الكنيست (23) تلقوا تمويلاً بقيمة 27.980.290 مليون. أما التمويل للكنيست (24) الأخيرة فقد تلقت “المشتركة” 13.191.700 مليون شاقل، بينما تلقت القائمة العربية الموحدة 6.943 ملايين. هذا إضافة إلى التمويل الحزبي والمعاشات الشهرية والإمتيازات التي تفوق كل تصور.
والسؤال المطروح: لماذا لا تقتطع الأحزاب العربية هذه مبلغاً معينا كل شهر من هذه الملايين كمخصص لدعم لجنة المتابعة؟ أعتقد بأن أعضاء الكنيست العرب بإمكانهم إحياء وتفعيل وتمويل لجنة المتابعة مع موظفين مختصين. ولكنهم غير معنيين للأسف. لجنة المتابعة أمانة في أعناقكم يا سادة، فلا تخونوا الأمانة.